وقعت بريطانيا اتفاقا من حيث المبدأ مع اليابان، مفتتحة بذلك أول صفقة تجارية كبرى تعقدها منذ قرارها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
ففي أعقاب ما عرف بيوم الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في 31 يناير/ كانون الثاني، أصبحت بريطانيا حرة في عقد صفقاتها التجارية الخاصة لبيع وشراء السلع والخدمات التجارية مع مختلف الدول في عموم العالم.
ما هي صفقة التجارة الحرة؟
تهدف اتفاقية التجارة الحرة إلى تشجيع التجارة - عادة بالسلع - وأحياناً في الخدمات أيضاً من خلال تقديمها بأسعار أرخص. و يتحقق ذلك غالباً عن طريق خفض أو إلغاء الرسوم الجمركية (الرسوم التي تفرض على التجارة عبر الحدود).
وتهدف الاتفاقيات التجارية أيضاً إلى إزالة الحصص (الكوتات)، وهي نسب تحدد كمية السلع التي يمكن المتاجرة فيها.
كما يمكن أن تصبح التجارة أسهل أيضاً إذا كان لدى البلدان التي تتعامل مع بعضها قواعد وقوانين عمل متماثلة، على سبيل المثال البلدان التي تستخدم فولتية معينة لأجهزتها الكهربائية أو يتشابه لديها لون الأسلاك في المقابس الكهربائية، يصبح التبادل التجاري للسلع الكهربائية بينها سهلا. وكلما اقتربت القواعد المستخدمة لدى مختلف البلدان، قل احتمال تدقيق وفحص البضائع المتبادلة بينها.
إذن لماذا توضع التعريفات الجمركية والحصص أصلاً؟
على الرغم من أن اتفاقيات التجارة الحرة تهدف إلى تعزيز التجارة، إلا أن الكثير من الواردات الرخيصة قد تهدد الشركات المصنعة في البلد المستورد، مما قد يؤثر على الوظائف وقطاع الأعمال فيه. لذلك قد يختار بلد ما فرض رسوم جمركية على واردات السيارات على سبيل المثال، من أجل حماية شركات صناعة السيارات المحلية.
ما هي اتفاقية المملكة المتحدة واليابان؟
في 11 سبتمبر/أيلول، أعلنت حكومة المملكة المتحدة أنها توصلت إلى اتفاقية تجارية جديدة من حيث المبدأ مع اليابان.
وتقول إن الاتفاقية تعني أن 99 في المئة من صادرات المملكة المتحدة إلى اليابان ستكون معفية من الرسوم الجمركية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد وقّع اتفاقية التجارة الحرة الخاصة به مع اليابان في عام 2018 ، واتفاق المملكة المتحدة مشابه جدا لذلك.
وبلغ إجمالي قيمة الواردات والصادرات بين المملكة المتحدة واليابان 29.1 مليار جنيه إسترليني في عام 2018، وفقاً لوزارة التجارة الدولية.
وتمثل التجارة مع اليابان 2 في المئة فقط من إجمالي تجارة المملكة المتحدة، لذلك تتوقع الحكومة أن تساهم الصفقة بنسبة 0.07 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل.
ماذا عن اتفاقية التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي؟
تتفاوض حالياً المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على اتفاقية تجارية جديدة؛ يبدأ العمل بها في الأول من يناير/كانون الثاني 2021 (تاريخ بدء العلاقة الجديدة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي).
إقرأ إيضاً |
---|
بريكست: أبرز الأشياء التي ستتغير بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي |
وتهدف أي اتفاقية تجارية إلى إلغاء التعريفات الجمركية وتقليل الحواجز التجارية الأخرى التي تفرض على السلع. كما تهدف أيضا إلى أن تشمل كلا من السلع والخدمات.
وعلى الرغم من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، إلا أن علاقتها التجارية معه ستظل كما هي حتى نهاية العام، بموجب المرحلة الانتقالية، التي مدتها 11 شهراً وتمنح كلا الجانبين بعض الوقت للتفاوض بشأن صفقة تجارية جديدة.
ولا يمكن أن تبدأ أي صفقات تجارية جديدة قبل انتهاء المرحلة الانتقالية.
ما مدى سهولة التفاوض على صفقة تجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي؟
قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن اتفاقية التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يجب أن تتم بحلول 15 أكتوبر/ تشرين الأول، إذ أريد أن يبدا العمل بها مطلع عام 2021. وعلى الرغم من ذلك، ظلت المحادثات بهذا الشان تواجه المشاكل.
وفي الوقت الراهن ، تشترك بريطانيا والاتحاد الأوروبي في القواعد نفسها التي تحكم مجالات مثل حقوق العمال والمنافسة والسياسة البيئية. تُعرف بالقواعد التي تكفل تكافؤ الفرص على مستوى المنافسة التجارية.
وفي الوقت الذي يصر الاتحاد الأوروبي على التزام المملكة المتحدة بتلك القواعد، كي لا تحصل الشركات البريطانية على ميزة، تقول حكومة المملكة المتحدة إنها ترغب بحرية الانفصال.
وتشير إلى أن حرية الدخول إلى مياه الصيد ما زالت من النقاط العالقة الرئيسية أيضاً.
وحتى إذا تم الاتفاق على صفقة تجارية، فلن يتم إلغاء جميع نقاط التدقيق والتفتيش لأن الاتحاد الأوروبي يطلب فحص سلع معينة (مثل الأطعمة) الواردة من بلدان خارج الاتحاد الأوروبي. لذلك على الشركات أن تكون مستعدة لذلك.
ماذا سيحدث إذا فشلت محادثات التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي؟
إذا فشل المفاوضون في التوصل إلى اتفاق، فستواجه بريطانيا احتمال التجارة مع الاتحاد الأوروبي بموجب القواعد الأساسية التي وضعتها منظمة التجارة العالمية (WTO).
وإذا اضطرت المملكة المتحدة إلى التجارة بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، فستُطبق الرسوم والتعريفات الجمركية على معظم السلع التي ترسلها الشركات البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي. وهذا من شأنه أن يجعل البضائع البريطانية أكثر تكلفة ويُصّعب عمليات بيعها في بلدان أوروبا. وتستطيع المملكة المتحدة أن تفعل الشيء نفسه بشأن السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي إليها إذا اختارت ذلك.
وتطبيق شروط منظمة التجارة العالمية يعني أيضاً، اتخاذ كافة إجراءات التدقيق والتفتيش الحدودية بشكل كامل، مما قد يتسبب في اختناقات مرورية في الموانئ والنقاط الحدودية التي ستؤدي بدورها إلى تأخير في إنجاز العمليات.
وسيفتقد قطاع شركات الخدمات البريطانية حق الدخول المضمون إلى دول الاتحاد الأوروبي، وستتأثر جميع المهن بذلك؛ من المصرفيين والمحامين إلى الموسيقيين والطهاة.
ماذا عن الصفقات التجارية الحالية السارية التي عقدها الاتحاد الأوروبي؟
عندما كانت المملكة المتحدة عضوًا في الاتحاد الأوروبي، كانت تلقائيا تعد جزءاً من نحو 40 صفقة تجارية أبرمها الاتحاد الأوروبي مع أكثر من 70 دولة.
وفي عام 2018 ، مثلت هذه الصفقات حوالي 11 في المئة من إجمالي تجارة المملكة المتحدة.
وحتى الآن، تم ترحيل 19 من هذه الصفقات السارية والتي تغطي 50 دولة أو إقليم، وسيبدأ العمل بها من جديد في الأول من يناير/كانون الثاني 2021.
ويمثل هذا حوالي 8 في المئة من إجمالي التجارة في المملكة المتحدة بحسب إحصاءات عام 2018.
وسيتوقف العمل بأي اتفاقية أخرى لم يتم ترحيلها أو تمديدها من اتفاقات الاتحاد الأوروبي بحلول 31 ديسمبر/كانون الأول، وستتم أي تبادلات تجارية مستقبلية وفقاً لشروط منظمة التجارة العالمية ريثما يتم التوصل إلى اتفاق.
وتجري الحكومة البريطانية حاليا محادثات تجارية أيضا مع دول ليس لديها اتفاقيات تجارية مع الاتحاد الأوروبي، من أمثال: الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا.
التعليقات