يريفان: تبادلت أرمينيا وأذربيجان الأحد الاتهامات بالتسبب بمواجهات دامية وقعت بين الجانبين على خلفية نزاع حول منطقة ناغورني قره باغ، أوقعت 23 قتيلا، في تطوّر يهدد باستدراج روسيا وتركيا إلى ساحة الصراع.

وزادت أسوأ اشتباكات منذ العام 2016 احتمال اندلاع حرب واسعة النطاق بين أذربيجان وأرمينيا اللتين انخرطتا على مدى عقود في نزاع للسيطرة على ناغورني قره باغ.

وأعلن مسؤولون في التمرّد مقتل 16 مقاتلا انفصاليا أرمينيا في المعارك وجرح أكثر من مئة.

وأعلن الجانبان سقوط مدنيين.

وقال أرتاك بغداساريان (36 عاما) لوكالة فرانس برس في يريفان "سئمنا تهديدات أذربيجان، سنقاتل حتى الموت لحل المشكلة بشكل نهائي"، مضيفا أنه بانتظار استدعائه للجيش.

وأعلن انفصاليو قره باغ مقتل امرأة وطفل، فيما أعلنت باكو مقتل عائلة مؤلفة من خمسة أفراد في قصف شنّه الانفصاليون الأرمينيون.

وقال المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأرمينية أرتسرون هوفهانيسيان إن متمردي قره باغ "قتلوا نحو مئتي جندي أذربيجاني ودمّروا ثلاثين مربض مدفعية للعدو و20 طائرة مسيّرة".

ومن شأن اندلاع مواجهة من هذا النوع بين البلدين الجارين في القوقاز واللذين كانا ضمن الاتحاد السوفياتي السابق أن يدفع القوتين الإقليميتين روسيا وتركيا للتدخل.

ودعا رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الأحد القوى العظمى لمنع انخراط تركيا في النزاع.

وقال باشينيان إنّ "النظام الاستبدادي (في اذربيجان) أعلن مجددا الحرب على الشعب الأرميني"، وأضاف "نحن على شفير حرب واسعة النطاق في جنوب القوقاز".

ودعت كل من روسيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى "وقف فوري لإطلاق النار"، فيما صلى البابا فرنسيس ليعم السلام.

وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوتر العسكري مع باشينيان داعيا إلى "وضع حد للأعمال العدائية".

وأعلن الكرملين أن "الجانب الروسي أعرب عن قلقه البالغ لتجدد المعارك على نطاق واسع".

في المقابل، حمّلت تركيا، حليفة أذربيجان، يريفان مسؤولية تصاعد التوتر وتعهّدت تقديم "كل الدعم" لباكو.

ودعا أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى "وقف فوري للمعارك" في قره باغ.

وأعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن القوات الأرمينية انتهكت وقف إطلاق النار وذكرت أنها أطلقت "عملية مضادة لكبح أنشطة القتال الأرمينية وضمان سلامة السكان" باستخدام الدبابات والصواريخ المدفعية والطيران العسكري والطائرات المسيّرة.

وأعلنت أذربيجان الأحد الأحكام العرفية وحظر التجول في باكو ومدن اخرى عدة، وأكدت أنها سيطرت في قره باغ على جبل موروفداغ الذي يعتبر منطقة استراتيجية بين ارمينيا والمنطقة الانفصالية.

في خطاب متلّفز وجّهه إلى الأمة، تعهّد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بالانتصار على القوات الأرمينية.

وقال إن "قضيتنا عادلة وسننتصر"، مكررا اقتباسا شهيرا نقل عن خطاب الدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين في روسيا خلال الحرب العالمية الثانية.

وتابع علييف أنّ "الجيش الأذربيجاني يقاتل على أرضه. قره باغ أذربيجانية ".

من جهته، قال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان "استعدوا للدفاع عن أرضنا المقدّسة"، متهماً أذربيجان بـ"إعلان الحرب" على شعبه.

وأفادت أرمينيا في وقت سابق الأحد أن قوات أذربيجان هاجمت مناطق مدنية في ناغورني قره باغ بينها عاصمة المنطقة ستيباناكرت، في عملية أسفرت عن مقتل امرأة وطفل.

وقالت زوجة باشينيان أنا هاكوبيان أنها زارت مستشفى في ستيباناكرت للتضامن مع أهلها في قره باغ.

وأكد المتحدث باسم الرئاسة الأذربيجانية حكمت حاجييف في بيان "وجود تقارير عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين".

وقالت وزارة الخارجية الأذربيجانية "لحقت أضرار جسيمة بالعديد من المنازل والبنية التحتية المدنية".

وانتزع الانفصاليون الأرمينيون قره باغ من باكو في حرب في التسعينات أودت بـ30 ألف شخص.

وجمّدت المحادثات لحل نزاع قره باغ، الذي يعد بين أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، منذ اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم سنة 1994.

ورغم توقيع اتفاق 1994 وقيام وساطة روسية أميركية فرنسية تحت اسم "مجموعة مينسك"، لا تزال الاشتباكات مستمرة في شكل متقطع.

وفي الفاتيكان، قال البابا فرانسيس للمصلين في ساحة القديس بطرس إنه يصلي من أجل السلام ودعا إلى "بوادر ملموسة من حسن النية والأخوة" من الأطراف المتحاربة.

وقال مراقبون سياسيون إن على القوى العالمية تكثيف المحادثات لوقف تطور النزاع.

وأفادت اوليسيا فارتانيان من مجموعة الازمات الدولية وكالة فرانس برس "نحن على بعد خطوة من حرب واسعة النطاق".

وأضافت أن "أحد الأسباب الرئيسية للتصعيد الحالي هو عدم وجود أي وساطة دولية استباقية بين الجانبين لأسابيع".

واتهم رئيس قره باغ هاروتيونيان أنقرة بإرسال مرتزقة إلى أذربيجان.

وقال "لدينا معلومات تفيد بأنه تم إرسال مرتزقة من تركيا ودول أخرى جوا إلى أذربيجان. الجيش التركي في حالة استعداد في أذربيجان تحت ذريعة التدريبات العسكرية".

وأفادت رئاسة قره باغ أن أذربيجان بدأت صباح الأحد قصف خط التماس بين الطرفين وأهدافا مدنية، بما في ذلك ستيباناكرت.

وأكدت وزارة الدفاع التابعة للانفصاليين أن قواتها أسقطت أربع مروحيات للجيش الأذربيجاني و15 طائرة مسيّرة، ما نفته باكو.

وفي تموز/يوليو، أدت مواجهات على الحدود بين البلدين إلى سقوط 17 جنديا على الأقل من الطرفين.

وهددت أذربيجان حينها بضرب محطة أرمينيا للطاقة الذرية في حال هاجمت يريفان منشآت استراتيجية.

ولقي نحو 110 أشخاص حتفهم في آخر مواجهات اندلعت في نيسان/أبريل 2016.