بدأت مرحلة حل مشاكل المناطق المتنوّعة إثنياً ودينياً في العراق بتوقيع اتفاق تاريخي بين حكومتي بغداد واربيل لتطبيع الاوضاع في سنجار وإخراج مسلحي حزب العمال الكردستاني منها.

إيلاف من لندن: اعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الجمعة عن دخول بلادة مرحلة بدء حل مشاكل جميع المناطق المتنوّعة إثنياً ودينياً بتوقيع اتفاق بين حكومتي بغداد واربيل وصف بالتاريخي لتطبيع الاوضاع في مدينة سنجار الشمالية معقل الازيديين والسيطرة على ادارتها واخراج مسلحي حزب العمال التركي الكردستاني منها.

وعقد الكاظمي اجتماعاً مع مسؤولين في الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان بشأن الإتفاق على اعادة الاستقرار وتطبيع الأوضاع في قضاء سنجار بمحافظة نينوى الشمالية بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت.

تفاهم أخوي

أكد الكاظمي إتمام الإتفاق على الملفات الإدارية والأمنية في قضاء سنجار والذي من شأنه أن يسرع ويسهل من عودة النازحين الى القضاء. وبين أن الاتفاق جرى في أجواء من التفاهم الأخوي في إطار الدولة الاتحادية وأنه سيأخذ صدى طيباً على المستوى المحلي والدولي. وسيكون بداية لحل مشاكل جميع المناطق المتنوّعة إثنياً ودينياً في العراق كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تابعته "ايلاف".

أشار الى أن القانون كفيل ببناء أساس لدولة قوية تسودها المواطنة، وترعى التنوع الديني والأثني. وهو مبدأ لن نتخلى عنه إذ يرتبط بمستقبل العراق ووحدته، مؤكداً أن التأخر في إعادة الاستقرار الى سنجاركان على حساب الأهالي الذين عانوا بالأمس من عصابات داعش الارهابية ويعانون اليوم من نقص الخدمات. وتعهّد بأن تبذل الأجهزة الحكومية قصارى جهدها لأجل المضي قدماً في البحث عن المختطفات والمختطفين الأيزيديين.

أكد الكاظمي ان الحكومة الاتحادية وبالتنسيق مع حكومة الاقليم ستؤدي دورها الأساس في سبيل تطبيق الاتفاق بشكله الصحيح، لضمان نجاحه، وذلك بالتعاون مع أهالي سنجار أولاً. كما شدد على حرص الحكومة وجديتها في أن تكون سنجار خالية من الجماعات المسلحة سواء المحلية منها أو الوافدة من خارج الحدود.. مؤكدا أن الأمن في غرب نينوى يقع ضمن صلاحيات الحكومة الإتحادية.

العراق يرفض

شدد رئيس الوزراء على "رفض العراق استخدام اراضيه من قبل جماعات مسلحة للاعتداء على جيرانه سواء الجار التركي او الجار الايراني وباقي جيراننا". وعبر عن شكره لبعثة الأمم المتحدة في العراق لدعمها جهود الحكومة فيما يخص ملف عودة جميع النازحين وإعادة الاستقرار الى مناطقهم.

كما شكر وفد حكومة إقليم كردستان الذي ساعد في التوصل الى هذا الاتفاق مثمنا جهود المسؤولين الحكوميين الذين بذلوا جهدهم في سبيل "تحقيق هذا الإتفاق وانصاف أهلنا الايزيديين".

مدينة سنجار هي مركز قضاء تقع في غرب محافظة نينوى الشمالية على جبل سنجار وتبعد 80 كيلومترا عن الموصل عاصمة المحافظة وتسكنها عالبية ساحقة من الايزيديين واقلية من التركمان والعرب ويبلغ عدد سكانها حوالي 100 الف نسمة وكان تنطيم داعش قد اجتاحها منتصف عام 2014 وارتكب ضد سكانها جرائم ابادة جماعية.

إخراج حزب العمال

يتضمن اتفاق إعادة الاستقرار في قضاء سنجار نقاطاً إدارية وأمنية وخدمية عديدة ويتم الإتفاق بشأن الجانب الاداري مع حكومة اقليم كردستان ومحافظة نينوى مع الاخذ بنظر الاعتبار مطالب أهالي القضاء.

يدخل كل ما هو أمني ضمن نطاق وصلاحيات الحكومة الإتحادية بالتنسيق مع حكومة اقليم كردستان أما الجانب الخدمي فسيكون من مسؤولية لجنة مشتركة بين الحكومة الإتحادية وحكومة الإقليم ومحافظة نينوى.

يقضي الاتفاق بتطبيع الأوضاع في قضاء سنجار وعودة النازحين والإدارة الشرعية العراقية اليه وخروج القوات غير الشرعية المتمثلة بحزب العمال التركي الكردستاني حيث ستكون إدارة القضاء مشتركة من خلال التنسيق بين الحكومة الاتحادية والاقليم .
وتوافقت بغداد وأربيل على خروج القوات غير الشرعية من حزب العمال الكردستاني من القضاء، وتولي قوات الشرطة الاتحادية مسؤولية الملف الأمني فيه.
قال أحمد ملا طلال، المتحدث باسم الكاظمي "رعى اليوم إتفاقًا تأريخيًا يعزز سلطة الحكومة الاتحادية في سنجار وفق الدستورعلى المستويين الإداري والأمني وينهي سطوة الجماعات الدخيلة ويمهد لإعادة إعمار المدينة وعودة أهاليها المنكوبين بالكامل وبالتنسيق مع حكومة أقليم كردستان"، مشيرًا في تغريدة على حسابه في "تويتر" ان "ما فشِلَ به الآخرون نجحت فيه هذه الحكومة عن طريق زرع الثقة المتبادلة وتقديم حُسن النوايا وإستنادًا إلى إرادةٍ سياسيةٍ صلبة، نحو إعادة الأمن والإستقرار والإعمار إلى سنجار، وعودةِ كامل أهلها المنكوبين إلى ديارهم".

الأمم المتحدة: خطوة مهمة

اعتبرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) الاتفاق بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان بانه "خطوةً أُولى ومهمة في الاتجاه الصحيح تمهّد الطريقَ لمستقبلٍ أفضل".

وأعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت في بيان صحافي تلقت "ايلاف" نسخة منه عن أملها في أن يكون الاتفاق بداية "فصل جديد لسنجار تأتي فيه مصلحة أبناء سنجار في المقام الأول وأن تساعد هذه البداية الجديدة النازحين على العودة لمنازلهم وأن تسرع من وتيرة إعادة الإعمار وتؤدي إلى تحسين تقديم الخدمات العامة.

اشارت قائلة إنه "لكي يحدث ذلك، هناك حاجة ماسة لحكم مستقر وهياكل أمنية". كما شدّدت بلاسخارت على استمرار دعم الأمم المتحدة للمساعدة في تطبيع الأوضاع في القضاء .. وقالت "على عكس كل الاحتمالات وفي أحلك الأوقات ظل أبناء سنجار مصممين على بناء مستقبلٍ أفضل ليبدأ هذا المستقبل اليوم".

أميركا تهنئ

من جانبها، هنأت الولايات المتحدة الاميركية في بغداد الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان "على التوصل الى اتفاق تعاون مشترك في سنجار". وقالت السفارة الاميركية في بغداد "نحن نتطلع إلى تنفيذه بالكامل ونأمل أن يؤدي هذا الاتفاق إلى أمن واستقرار دائم للشعب العراقي في شمال العراق ".

كان وزير الداخلية في حكومة اقليم كردستان ريبراحمد قد زار بغداد اليوم واجتمع مع مستشارالامن الوطني قاسم الاعرجي حيث وضعا المسات الأخيرة على اتفاق تطبيع الوضع وإعادة الاستقرار في سنجار.

جاء الاتفاق بعد سلسلة من الاجتماعات وتبادل الوفود بين حكومتي العراق وإقليم كوردستان لحل الخلافات العالقة بين الجانبين ومنها المناطق المتنازع عليها والنفط والمستحقات المالية والموازنة. وسيؤمن الاتفاق عودة حوالي 30 عائلة ايزيدية نازحة من سنجار موجودة في محافظة دهوك باقليم كردستان الى مناطقها الاصلية في القضاء بعد توفر الخدمات وحسم الملف الأمني.

كان تنظيم داعش قد احتل مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى في يونيو 2014 ثم اجتاح سنجار في الثالث من اغسطس من العام نفسه حيث ارتكب جريمة ابادة جماعية ضد الاكراد الإزيديين واستعبد النساء وجنّد لأطفال الصغار، ما ادى الى نزوح مئات الآلاف الآخرين قبل أن يتم تحريرها في 13 اكتوبر 2015.