كيشيناو: فازت رئيسة الوزراء السابقة المؤيّدة لأوروبا مايا ساندو بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة الأحد في مولدافيا، متقدّمةً بفارق كبير على الرئيس المنتهية ولايته إيغور دودون الموالي لروسيا.

وبعد فرز 99,07% من بطاقات الاقتراع، حصلت ساندو على 57% من الأصوات، مقابل 43% لدودون الذي استهدفته اتهامات بالفساد خلال فترة ولايته التي استمرّت أربع سنوات، وذلك بحسب الأرقام التي نشرتها لجنة الانتخابات المركزيّة على موقعها الإلكتروني.

وأدلى الناخبون في مولدافيا بأصواتهم الأحد في الدورة الثانية من الانتخابات التي تنافس فيها دودون الداعي إلى "الاستقرار"، وساندو التي تعهّدت مكافحة الفساد بلا هوادة.

وتعيش مولدافيا، الجمهوريّة السوفياتيّة السابقة الناطقة بالرومانيّة والتي تقع فيها ترانسدنيستريا، المنطقة الانفصاليّة على الحدود مع أوكرانيا ويسيطر عليها موالون لروسيا، منذ سنوات بين الطموحات الأوروبية والتقارب مع موسكو.

وكانت ساندو، وهي خبيرة اقتصاديّة تبلغ 48 عامًا وعملت لدى البنك الدولي، قد حقّقت مفاجأةً بفوزها في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة التي جرت في الأوّل من نوفمبر بحصولها على 36,16 % من الأصوات مقابل 32,61 % لدودون، بفضل الدعم غير المسبوق من الناخبين في الخارج.

وقالت بعدما أدلت بصوتها في العاصمة كيشيناو، للناخبين "اليوم لديكم القدرة على معاقبة الذين نهبوكم، والذين أوصلوكم إلى البؤس وأجبروكم على مغادرة منازلكم"، في إشارة واضحة إلى منافسها الذي استُهدف بتهم فساد.

كما دعت ساندو، رئيسة حزب العمل والتضامن (يمين وسط)، مواطنيها إلى توخّي "أقصى درجات اليقظة" لمواجهة تزوير محتمل.

من جهته، قال دودون (45 عامًا) إنّه "صوّت للسلام" و"العدالة الاجتماعيّة" و"القيم المسيحيّة". وأضاف "يجب أن نحافظ على علاقات جيّدة مع الاتّحاد الأوروبي وروسيا".

وفي الأيّام الأخيرة، قدّم دودون نفسه على أنّه ضامن لـ "الاستقرار"، داعيًا أنصاره إلى التظاهر الإثنين "لحماية فوزنا". وقد ضاعف تصريحاته التي هاجم فيها معسكر منافسته، "العصابة" التي "تجاوزت الحدود" وتستحقّ "لكمة في الوجه".

ويعدّ هذا البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكّانه 3,5 ملايين نسمة، أحد أفقر دول أوروبا. ويقدّر عدد الذين هاجروا هربًا من الفقر بنحو 40 % من السكّان.

وشهدت مولدافيا التي تقع بين رومانيا العضو في الاتّحاد الأوروبي وأوكرانيا، أزمات سياسيّة في السنوات الأخيرة وعمليّة احتيال مصرفي واسعة في عام 2015 تتعلّق بنحو مليار دولار، أي ما يعادل 15 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد.

أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة حظوظاً متقاربة للمتنافسين، وقالت وسائل إعلام محلية إن المغتربين شاركوا بكثافة في عشر دول أوروبية وكذلك في موسكو.

وصوت أكثر من 200 ألف مولدافي خارج البلاد حتى نهاية ما بعد الظهر، مقابل 150 ألفا صوتوا إجمالا في الدورة الأولى.

وتم تحديد نحو 40 مركز اقتراع خاص في المنطقة الخاضعة لسيطرة كيشيناو مخصصة لسكان ترانسدنيستريا، المؤيدين بشكل عام لدودون. وحذر مراقبون من مخاطر التزوير خصوصا في هذه المراكز.

في تصريح لفرانس برس قال المتقاعد فلاديمير أندرويشكو (70 عاما) من منطقة ترانسدنيستريا "آمل ألا يسير الوضع للأسوأ". وأضاف الرجل الذي اضطر إلى الوقوف في طابور طويل للإدلاء بصوته في فارنيتا، "أحدهما يبذل قصارى جهده من أجل روسيا، والآخر لحلف الأطلسي، حتى يكون هناك حمام دم هنا".

وقال خمسة من بين ستة ناخبين في كيشيناو إنهم صوتوا لساندو.

من جهته قال مهندس المعلوماتية ألكسندر (47 عاما) بنبرة ساخرة "ركزت حملة دودون على الاستقرار. أظن أن السيد دودون يريد الاستقرار على مستوى الفساد وليس على مستوى مكافحته".

وحصلت ساندو على دعم بوخارست، التي تربطها علاقات تاريخية قوية بمولدافيا. وتدعم موسكو علنًا دودون عبر اتهامها الغرب بالتدخل والتخطيط لـ"سيناريو ثوري" في مولدافيا.

وسترصد روسيا التي واجهت هذا العام احتجاجات استهدفت حلفاءها في قيرغيزستان وبيلاروس، دون شك نتائج الاقتراع باهتمام كبير.

ورأى محللون في وقت سابق أن فوز دودون قد يثير تظاهرات يقوم بها أنصار ساندو.

وأغلقت مراكز التصويت أبوابها الساعة 19,00 ت غ. وتجاوزت نسبة المشاركة حتى الساعة 17,00 ت غ 50 بالمئة مقابل 43 بالمئة خلال الدورة الأولى.