إيلاف من لندن: يواجه مشروع قانون للجرائم الالكترونية يوشك البرلمان العراقي على التصويت عليه معارضة واسعة اعتبرته إعادة للدكتاتورية ووصفته بكاتم التعبير.

وقال اعلاميون وحقوقيون وناشطون إن قانون الجرائم الالكترونية الذي يستعد البرلمان العراقي للتصويت عليه قريبا يفرض عقوبات مغلظة وغرامات كبيرة مشيرين إلى انه يضم موادا تنطوي على إجراءات خطيرة تسلب حرية الرأي والتعبير وتمنح السلطة صلاحيات واسعة لإصدار عقوبات تكمم الأفواه.

قلق وتحذير

حذر المرصد العراقي للحريات الصحافية من التداعيات المحتملة لتصويت البرلمان العراقي الوشيك على قانون جرائم المعلوماتية منوها بأن مواده تضع نصف الشعب في السجن.

وعبر المرصد في بيان حصلت "إيلاف" على نصه عن القلق من تشريع القانون الذي سيأتي في ظروف سياسية واجتماعية مضطربة وغير مستقرة وإقحام الصحافيين ووسائل الإعلام في مضمون القانون الذي يهدد حرية التعبير، سواء بالنسبة إلى عامة المواطنين أو إلى الكتاب والصحافيين والمدونين الذين قد يجدون أنهم عرضة للمحاكمة والسجن، خاصة أن القانون لم يعرض على الشعب ولم تجر مناقشته كما ينبغي مع منظمات معنية بحرية التعبير وحقوق الإنسان.

اوضح المرصد أن القانون يتضمن مواد عدة تتعلق بتجريم ماينشر ويتسبب بمشاكل مجتمعية ومايعد تهديدا للسلم الأهلي لكنه في ذات الوقت يمكن أن يجعل الكثير من الكتاب والصحافيين والمدونين في مواجهة القضاء في حال تم تفسير المحتوى الذي ينشر بطريقة تلائم مزاجا سياسيا ويعده مسيئا ويستدعي الإحالة إلى المحاكم مع فرض غرامات وعقوبات تصل إلى السجن لمدد مختلفة.

وقال إن القانون كان بدأ الحديث عنه منذ عام 2011، لكن جوبه باعتراضات، ويحتوي مواد ليست محل شك لكنه خرج من معاقبة الذين يرتكبون الجرائم المتعلقة بالابتزاز الألكتروني والتهديد والمساومات إلى مساحة خطرة تتعلق بحرية المواطن والصحافي والكاتب وهو مايبعث على القلق.

وانتقد جمع القانون بين الجرائم الالكترونية وبين الحريات والقوانين المتعلقة بها في ميدان الصحافة والإعلام والنقد السياسي وماينشر عن قضايا الفساد، ومن شأن تشريعه أن يهدد نصف الشعب العراقي بالسجن.

إعادة تشريع الدكتاتورية

أشارت رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني البرلمانية فيان صبري أن قانون الجرائم الالكترونية يقود إلى دكتاتورية جديدة.

وقالت إن هناك العديد من المواد في القانون تحتمل التأويل والاجتهاد في النص وعليها أن تُعدَّل أو تعالج. وبينت انه لان القانون يخص شريحة من الناشطين والصحافيين والاعلاميين والمحللين فانه كان لزاما على مجلس النواب أخذ ملاحظاتهم ومقترحاتهم بنظر الاعتبار.

اما رئيس المرصد العراقي للحريات الصحافية هادي مرعي فقد اعتبر قانون الجرائم المعلوماتية تكريسا لـ "دكتاتورية النخبه".

وقال في تصريح متلفز إن "نوابا في البرلمان أكدوا أنهم لن يسمحوا بتمرير القانون كونه قامع للحريات"، مبيناً أنه في جميع دول العالم هناك ضبط للشبكة المعلوماتية لكن من دون المساس بالحريات.

وشهدت بغداد اليوم مسيرة معارضة لقانون الجرائم الالكترونية أمام مبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. واعتبر المشاركون في المسيرة الرافضة للقانون انه يشرعن سياسة قمع الحريات وتكميم الافواه واصفين اياه بأنه "كاتم التعبير".

مخالفة صريحة للدستور

كما اعتبر مركز حقوق لدعم حرية التعبير قانون جرائم المعلوماتية مخاف للدستور محذرا البرلمان من التصديق عليه معتبرا انه شرعنة رسمية للديكتاتورية وقمع الحريات.

وطالب المركز في بيان صحافي تابعته "إيلاف" مجلس النواب العراقي بإلغاء او تعديل مشروع قانون جرائم المعلوماتية لكونه يشكل مخالفة صريحة للدستور. واشار إلى أن مشروع القانون يحد من الحريات التي من المفترض أنها وضعت لتصونها.

واكد المركز رفضه للقانون داعيا الرئيس العراقي برهم صالح إلى التدخل لحماية الدستور من اختراق مجلس النواب عبر تمرير القوانين التي تقيد الحريات.

وطالب السلطة التشريعية إبعقد اجتماع مشترك مع المنظمات والنقابات المعنية بهذا الصدد ووضع تعديلات كافية تنسجم مع الدستور والقوانين الدولية والأعراف المجتمعية. واوضح أن الإشكالية في مشروع القانون أنه يحتوي على عدد كبير من البنود التي لا تتوافق مع الدستور النافذ ولا تتوافق كذلك مع التزامات العراق تجاه الاتفاقات الدولية التي وقع عليها ما يضعف قدرة هذه القوانين على صون الحريات التي وضعت أساساً للحفاظ عليها.

وحذر المركز من أن معظم مواد مشروع القانون تتضمن غموضا مفرطا وتناقضا مباشراً مع المبادئ الواردة في الدستور العراقي أو العهد الدولي ما قد يفتح الباب على مصراعيه للاعتداء على الحريات المدنية في العراق.

نواب يعارضون

كشف عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية كاطع الركابي عن وجود معارضة داخل البرلمان لمشروع القانون قد تطيح به وتمنع تمريره.

أشار الركابي وهو عضو اللجنة المعنية بالقانون في تصريح لوكالة بغداد اليوم اطلعت عليه "ايلاف" إلى أن مشروع القانون نوقش أكثر من مرة بحضور الخبراء والمتخصصين .. منوها إلى أن "بعض الجهات الإعلامية تحاول أن تشوش على القانون".

لكن النائب اكد أن "هناك عدم رغبة داخل البرلمان بتمرير القانون مما قد يؤجل التصويت عليه".

ويشير مشروع القانون الذي اطلعت "إيلاف" على نصه إلى يهدف إلى "حماية الأفراد والمجتمع من الجرائم الإلكترونية، ومكافحتها، وزيادة الوعي العام بمخاطرها".

قانون فضفاض عقوباته قاسية

يشار إلى أن اعلاميين وحقوقيين اعتبروا بعض مواد القانون فضفاضة ويفرض عقوبات مشدد على المخالفين ويقولون إن القانون يمكن أن يقيد حرية الصحافيين في متابعة انتشار المخدرات في منطقة معينة كما يمكن استخدامه لمعاقبة صحفي انتقد مثلاً أحد السياسيين.

ويوضحون أن العقوبات الرادعة التي ينص عليها القانون تنص على السجن مدى الحياة وغرامات تتراوح ما بين 25 إلى 50 مليون دينار عراقي (ما بين 16 ألف إلى 32 ألف دولار) معتبرين أن العقوبة غير متوازنة على الإطلاق مع التهديد المزعوم.

وكان المركز الأورومتوسطي قد حذر في وقت سابق من أن إقرار القانون سيهدد حرية الصحافة وينتهك حق الخصوصية للمواطنين لأنه يعطي السلطات الحكومية الحق في إجبار الصحافيين والمواطنين على الإفصاح عن جميع المعلومات والبيانات، بما في ذلك الشخصية منها تحت طائلة تغريمهم بالحبس أو الغرامة الكبيرة في حال امتنعوا عن الإفصاح وتقديم هذه البيانات.