دلهي
Reuters
أُطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين بينما كانت الشرطة تحاول استعادة السيطرة على الشوارع

اعتقلت الشرطة الهندية 200 شخص في أعقاب اندلاع أعمال عنف دامية الثلاثاء، في احتجاج حاشد على الإصلاحات الزراعية في العاصمة دلهي.

واشتبك آلاف المزارعين مع الشرطة بينما كان المتظاهرون في ضواحي المدينة يشقون طريقهم للوصول إلى مكان الاحتجاج داخل المدينة.

وأدى ذلك إلى وفاة أحد المتظاهرين، وإصابة أكثر من 300 شرطي.

وقد أُلقي باللوم في إثارة الفوضى على عناصر "مارقة" وسط مسيرة سلمية، وقال قادة المزارعين إنهم لن يلغوا احتجاجاتهم إثر ما حصل.

ويُحتجز المعتقلون بتهم إثارة الشغب وإتلاف الممتلكات العامة ومهاجمة أفراد الشرطة. وحتى الآن، سُجلت 22 شكوى للشرطة.

وقال مسؤولون في الشرطة لوسائل إعلام "إننا لا نعتقل أحدا إلا بعد إجراء التحقيق المناسب. إضافة إلى النظر في كاميرات المراقبة بالقرب من منطقة الحصن الأحمر وغيرها من المناطق التي اندلعت فيها أعمال العنف".

ونشرت الحكومة الهندية 15 سرية من قوات مكافحة الشغب لتعزيز الأمن بعد الاحتجاجات، التي شهدت أيضا اقتحام بعض المزارعين للحصن الأحمر التاريخي في المدينة واحتلال الأسوار وقد ظلوا هناك حتى تمكنت الشرطة من طردهم.

وتزامن العنف مع يوم الجمهورية - وهو عيد وطني يصادف الذكرى السنوية لاعتماد الدستور الهندي رسميا في 26 يناير/ كانون الثاني 1950.

وقالت مجموعة ساميوكتا كيسان مورتشا Samyukta Kisan Morcha، وهي مظلة للمزارعين المحتجين، في بيان إنها "تدين وتأسف للأحداث غير المرغوب فيها وغير المقبولة وتنأى بنفسها عن أولئك الذين يقومون بمثل هذه الأعمال".

وقالت النقابات التي تقف وراء المظاهرات إنها مصممة على مواصلة احتجاجها على قوانين الزراعة الجديدة.

المزارعون المشاركون في الاحتجاجات
Getty Images
يقول المزارعون إن إصلاحات الحكومة ستجعلهم أسوأ حالاً

وتقول الحكومة إن الإصلاحات التي تقوم بها ستعمل على تحرير القطاع، لكن المزارعين يقولون إنهم سيكونون أفقر نتيجة لذلك.

ويُنفذ عشرات الآلاف من المزارعين إضرابا في ضواحي دلهي منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، مطالبين بإلغاء تلك القوانين. كما رفض المزارعون الأسبوع الماضي عرضا حكوميا بتعليق التغييرات.

كيف اندلعت أعمال العنف؟

كانت الحكومة قد عارضت التجمع المخطط للمزارعين، لكن الشرطة سمحت به بشرط ألا يقاطع موكب يوم الجمهورية في وسط دلهي.

وأُعطي المزارعون طرقا محددة لمسيرتهم التي شاركت فيها جرارات زراعية، والتي ستقتصر إلى حد كبير على أطراف المدينة.

ولكن بعد فترة وجيزة من انتهاء المسيرة، اخترقت قوافل الجرارات حواجز الشرطة وتوجهت إلى وسط المدينة.

واقتحمت مجموعة من المتظاهرين الحصن الأحمر التاريخي، حيث تسلقوا جدران وقباب الحصن، حتى أنهم رفعوا أعلامهم بجانب العلم الوطني.

لكن مع حلول ظهر الثلاثاء، قالت الشرطة إنها أبعدت المتظاهرين من المنطقة.

ووقعت أعنف الاشتباكات بالقرب من تقاطع محطة مترو آي تي أو ITO - على الطريق إلى وسط دلهي. وأظهرت لقطات مصورة مزارعين يهاجمون الشرطة بالعصي والقضبان المعدنية بينما استخدم الضباط الغاز المسيل للدموع والهراوات.

وقالت الشرطة إن أحد المتظاهرين توفي عند أحد تقاطعات الطرق عندما انقلب جراره بعد اصطدامه بحاجز.

وأضافت الشرطة في بيان إنها تحركت بعد أن خالف مزارعون شروط المسيرة واتخذوا "طريق العنف والدمار".

لكن كوالبريت سينغ بانو، أحد قادة نقابة المزارعين، اتهم الشرطة بإثارة العنف.

وقال في تصريح لوسائل إعلام "عندما تهاجم احتجاجا سلميا، ستزداد بالتأكيد الصعوبات التي تواجه الحكومة".

وأضاف "الأمر لن يتوقف هنا. لقد أصبحت حركتنا ورسالتنا أقوى".

ما هو الحصن الأحمر؟

بنى الإمبراطور المغولي شاه جهان، الحصن الضخم، بجدرانه المميزة من الحجر الرملي الأحمر، في أوائل القرن السابع عشر، وكان الحصن مقرا للحكم المغولي حتى عام 1857، عندما حكم البريطانيون الهند.

الحصن الأحمر
EPA
اقتحم المتظاهرون الحصن الأحمر

رفع أول رئيس وزراء للهند، جواهر لال نهرو، العلم الوطني من الحصن في 16 أغسطس/ آب 1947 - بعد يوم من إعلان الاستقلال عن بريطانيا

وصنفت منظمة اليونسكو الحصن كموقع للتراث العالمي في عام 2007.

ماذا تقترح قوانين الزراعة الجديدة؟

تخفف القوانين الجديدة القواعد المتعلقة ببيع وتسعير وتخزين المنتجات الزراعية التي حمت مزارعي الهند من السوق الحرة لعقود.

ويخشى المزارعون من أن القوانين الجديدة ستهدد الامتيازات القائمة منذ عقود - مثل الأسعار المضمونة - كما ستضعف قدرتهم على المساومة، مما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل الشركات الخاصة.

وبينما دافع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، عن القوانين الجديدة، شبهت مجموعات المزارعين القوانين بـ "مذكرة إعدام".

ويتفق معظم الاقتصاديين والخبراء على أن الزراعة الهندية بحاجة ماسة إلى الإصلاح. لكن منتقدي الحكومة يقولون إنها فشلت في استشارة المزارعين قبل تمرير القوانين.