واشنطن: حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن أنه لن يبادر لتلبية مطلب طهران رفع العقوبات المفروضة عليها لدفع الجمهورية الإسلامية إلى الالتزام التام مجددا بالاتفاق المبرم حول برنامجها النووي، في حين كرر القادة الإيرانيون الأحد مطلبهم هذا، وذلك في سجال غير مباشر يوحي بأن استئناف الحوار سيكون بغاية الصعوبة.

وردا على سؤال خلال مقابلة أجرتها معه شبكة "سي.بي.اس" حول إمكان رفع العقوبات لإقناع طهران بالعودة الى طاولة المفاوضات بهدف إنقاذ الاتفاق النووي، أجاب بايدن "كلا".

وعندما سألته الصحافية عما إذا يتعيّن على الايرانيين أن "يوقفوا أولا تخصيب اليورانيوم" هز برأسه ايجابا، وفق مقتطفات من هذه المقابلة التي ستبث كاملة بعد ظهر الأحد بالتوقيت المحلي.

وبعد مفاوضات شاقة وطويلة، توصلت الولايات المتحدة في 2015 الى اتفاق مع ايران يحول دون حيازتها السلاح النووي، وقعته أيضا الصين وروسيا والمانيا وفرنسا وبريطانيا قبل أن تصادق عليه الامم المتحدة.

لكن الرئيس السابق دونالد ترامب انسحب من الاتفاق العام 2018 معتبرا أنه غير كاف على الصعيد النووي وبهدف احتواء "انشطة إيران المزعزعة للاستقرار" في الشرق الاوسط. وعاود ترامب فرض عقوبات على الجمهورية الاسلامية كانت رفعت في مقابل الوفاء بالتزاماتها النووية، ما دفع طهران الى تجاوز هذه الالتزامات.

ووعد بايدن بالعودة الى الاتفاق شرط أن تفي ايران اولا بالتزاماتها.

لكن منذ تولي بايدن الرئاسة الأميركية في 20 شباط/فبراير يسعى المجتمع الدولي لمعرفة الآلية التي سيعتمدها الرئيس الأميركي الجديد لتنفيذ تعهّده، علما أن الإيرانيين يشترطون رفع العقوبات قبل العودة للتقيّد بمندرجات الاتفاق.

والأحد استمر هذا السجال العقيم.

ففي حين أبدى بايدن إصراره على تقيّد طهران بالاتفاق شرطا مسبقا لرفع العقوبات، أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أن إيران لن تعود للتقيّد بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، قبل رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية.

وقال خامنئي في كلمة متلفزة أثناء استقباله قادة القوة الجوية للجيش "اذا أرادوا عودة إيران الى التزامات الاتفاق النووي، على الولايات المتحدة أن ترفع العقوبات بشكل كامل، وليس فقط بالكلام أو على الورق".

وأضاف أنه بعد ذلك "سنتحقق لنشعر بأن العقوبات رفعت فعلا، وبعدها سنعود الى التزاماتنا بموجب الاتفاق" المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".

وأكد أن اشتراط عودة الولايات المتحدة الى التزاماتها هو "السياسة القطعية للجمهورية الإسلامية"، والتي "لن يتم العدول عنها".

ويبدو أن ما يجري حاليا هو "شد حبال" بين البلدين العدوين.

وتتعمّد الإدارة الأميركية الجديدة إبقاء الأجواء ضبابية في ما يتعلّق بالمقاربة التي تعتزم اعتمادها على هذا الصعيد. والخميس لم يخض بايدن في هذا الملف في اول خطاب له حول السياسة الخارجية، علما أن فريقه يعتبره "أولوية قصوى".

والجمعة طرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال محادثات مع نظرائه الألماني والفرنسي والبريطاني تشكيل جبهة موحّدة مع الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق والتي كانت قد دانت الانسحاب الأحادي لترامب منه.

وعيّن بلينكن مبعوثا خاصا مكلفا الملف الإيراني هو روبرت مالي.

في الكواليس، وبانتظار أول تواصل مباشر بين واشنطن وطهران، بدأت محاولات إنقاذ الاتفاق النووي.

ومؤخرا أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنه يتعيّن على الأميركيين أولا "أن يبدوا حسن نيتهم"، مقترحا أن تتولى الدول الأوروبية "هندسة" التواصل بين البلدين والذي يمكن أن يكون "متزامنا" أو "منسقا".

لكن الوقت يدهم، إذ اعلنت إيران أنها قد تمنع اعتبارا من 21 شباط/فبراير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من زيارة منشآتها النووية.

غير أن ظريف سعى الأحد إلى التقليل من مخاطر حصول هذا الأمر، محاولا في الوقت نفسه استخدامه ورقة للضغط على واشنطن.

وصرّح ظريف لشبكة "سي.ان.ان" الإخبارية الأميركية "لن يعني هذا الأمر أن الباب سيغلق بالكامل، لأنه إذا عادت الولايات المتحدة وشركاؤها إلى الالتزام بالاتفاق، وتقيّدت به بشكل تام، ستعود إيران عن هذه القرارات".

وأضاف "لكن من البديهي أن الأمر سيكون أسهل بكثير لو عادت الولايات المتحدة إلى التقيّد بالتزاماتها بأسرع وقت ممكن".