ايلاف من لندن: كشف النقاب في طهران الاحد عن وصول وفد عراقي اليها خلال الساعات المقبلة حاملا رسالة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى قادتها يعتقد انها تتعلق بتصاعد التهديدات الاميركية الايرانية وعمليات المليشيات العراقية الموالية لطهران في استهدافها للسفارة الاميركية.. بينما يبحث وزير الطاقة الايراني في بغداد الثلاثاء المقبل مشاكل الطاقة بين البلدين.
وبحسب وسائل اعلام ايرانية تابعتها "إيلاف"، فإن الوفد العراقي سيكون برئاسة ابو جهاد المهندس رئيس مكتب رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي بدرجة وزير والمقرب من ايران حاملا رسالة من الكاظمي الى القادة الايرانيين حول التطورات الامنية في العراق وتزايد التهديدات بين واشنطن وطهران على خلفية استمرار مليشيات ايران العراقية باستهداف السفارة الاميركية في بغداد بصواريخ الكاتيوشا.

ولم يصدر من بغداد بعد أي تعليق حول الاعلان الايراني عن زيارة المهندس الى طهران، فيما زار في خضم هذه التطورات قائد "فيلق القدس" سماعيل قاآني العراق الأسبوع الماضي والتقى في بغداد كبار المسؤولين.

وتشير المصادر الى ان الرسالة تتحدث عن تجاوزات المليشيات التي تصفها السلطات العراقية بالجماعات الخارجة على القانون واستعداداتها لتنفيذ عمليات ضد القواعد والمصالح الاميركية في العراق، ما يهدد بتفجر صراع عسكري اميركي ايراني على الاراضي العراقية مع قرب احياء المليشيات للذكرى الاولى لاغتيال طائرة اميركية مسيرة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية ابو مهدي المهندس قرب مطار بغداد الدولي في الثالث من يناير الماضي.

والاسم الحقيقي للمهندس هو محمد الهاشمي وشغل منصب مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، وهو منصب بدرجة وزير وفقا للقانون العراقي، يتمتع شاغله بصلاحيات واسعة.

وينتمي الهاشمي للمجلس الأعلى الإسلامي الذي تأسس في طهران في ثمانينيات القرن الماضي وكان منتسبا لفيلق بدر الجناح العسكري للمجلس، والذي تحول فيما بعد إلى حزب سياسي تحت اسم منظمة بدر. وكان يشغل منصب مدير مكتب مؤسس المجلس محمد باقر الحكيم، ثم عمل مديراً لمكتب خلفه عبد العزيز الحكيم ثم مديراً لمكتب عمار الحكيم قبل تأسيس الأخير تيار الحكمة الوطني.
ووفقا لمجلة فورن بوليسي الأميركية، فإن تعيين الهاشمي في منصب مدير مكتب عبد المهدي قد منح الميليشيات في العراق زخما كبيرا ورسخ هيمنتها داخل الحكومة العراقية انذاك.

وشهدت بغداد ليل الجمعة توترا أمنيا خطيرا اثر اعتقال قيادي مليشياوي متهم بالارهاب وتهديد جماعته للحكومة بالانتقام، بينما حذر الكاظمي من مغامرات عبثية متحديا بالقول: "مستعدون للمواجهة الخاسمة".

جاء ذلك حين دفعت مليشيا عصائب اهل الحق الموالية لايران بزعامة قيس الخزعلي بعناصرها المسلحة الى الانتشار في مناطق من العاصمة احتجاجا على اعتقال السلطات لثلاثة من مسؤوليها، بينهم مسؤول كتيبة الصواريخ حسام الزيرجاوي لضلوعهم في قصف المنطقة الخضراء وسط بغداد مستهدفين السفارة الاميركية بداخلها بصواريخ الكاتيوشا الاحد الماضي.

وفي مقابل ذلك، تم الدفع بتعزيزات من القوات ألامنية بعجلاتها وعناصرها المدججة بالسلاح في مناطق العاصمة المهمة لمنع أي اختراق أمني، خاصة بعد ان هددت هذه المليشيا الحكومة بتنفيذ عمليات مسلحة ضد مقار أمنية في حال عدم اطلاق الثلاثة.
وعلى الفور تحدى الكاظمي المليشيات التي وصفها بالجماعات المغامرة الخارجة على القانون، مشددا بالقول: "مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر"، ما ارغم الخزعلي على التراجع وتوجيه مسلحيه بعدم التصعيد والانسحاب من الشوارع لكي لا تخرج الأمور عن السيطرة، الامر الذي اعاد الهدوء الى شوارع بغداد.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد اكد الاربعاء الماضي إنه "سيحمّل إيران المسؤولية" في حال حدوث هجوم يستهدف أميركيين في العراق مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال سليماني والمهندس .
وأرفق ترمب صورة لصواريخ مع تغريدة على تويتر قال فيها إن السفارة في بغداد تعرضت الأحد الماضي لهجوم بعدة صواريخ. واضاف: "نسمع أحاديث عن هجمات إضافية ضد أميركيين في العراق" وحذر قائلا "نصيحة ودية لإيران: إذا قتل أميركي فسأحمل إيران المسؤولية. فكروا مليا".

مباحثات عراقية ايرانية حول مشاكل الطاقة بينهما
وبالترافق مع ذلك، فقد اعلن في طهران الاحد ان وزير الطاقة الايراني رضا أردكانيان سيزور بغداد الثلاثاء المقبل للبحث مع المسؤولين العراقيين مشكلة تخفيض بلاده لكميات من الغاز الذي تزود بها العراق مطالبة بديون على العراق تبلغ حوالي 4 ملايين دولار.
وتأتي هذه الزيارة في اعقاب اطلاق وزارة الكهرباء العراقية اليوم تحذيرا خطيرا الاحد من قرار ايران بتخفيض كميات غازها المصدر الى العراق لتوليد الطاقة الكهربائية، مما سيحرم مواطني العاصمة ومحافظات الوسط من هذه الطاقة، مطالبة بديونها على العراق البالغة 4 مليارات دولار ثمن غازها المصدر اليه.

وقالت الوزارة إن تخفيض الغاز الايراني سيجعل تجهيز الطاقة الكهربائية شبه معدوم، وقال المتحدث باسمها احمد موسى إن "الجانب الإيراني سيقلل تجهيز العراق بوقود الغاز من 5 ملايين متر مكعب إلى 3 ملايين متر مكعب نتيجةً لعدم تسديد الديون المترتبة على شراء الغاز".

وأضاف المتحدث أن "التخفيض سيجعل تجهيز الكهرباء شبه معدوم في العاصمة ومناطق الفرات الأوسط كما نقلت عنه الوكالة العراقية الرسمية في تصريح تابعته "ايلاف"، منوها الى ان قرار تخفيض نسبة تجهيز الغاز الإيراني جاء بعد أسبوعين من اتخاذ قرار مماثل لخَفَض نسبة التجهيز من 50 مليون متر مكعب إلى 5 ملايين متر مكعب . ودعا وزارة المالية الى دفع مستحقات الغاز الإيراني تلافياً لفقدان التيار الكهربائي.

وتشير مصادر اقتصادية الى ان حجم ديون العراق لإيران تبلغ حوالي أربعة مليارات دولار نتجت عن شراء العراق للغاز والمشتقات النفطية الإيرانية الأخرى وأيضا استيراد الطاقة الكهربائية.

وفي 23 سبتمبر الماضي، مددت الإدارة الأميركية إعفاء العراق من عقوبات استيراد الطاقة من إيران 60 يوماً آخر. ووافق وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على التنازل الجديد لمدة 60 يومًا قبل يوم من انتهاء صلاحية الإعفاء السابق البالغ 120 يومًا.
وكان محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي قد اعلن في 19 يونيو الماضي عقب اجتماع مع الكاظمي في بغداد عن موافقة الحكومة العراقية على تسوية ديونها المتعلقة بالغاز والكهرباء لطهران من خلال توفير الغذاء والدواء.
وبما أن إيران تخضع لعقوبات مصرفية أميركية فلا يمكن للعراق تحويل العملات الأجنبية إليها مقابل الغاز والكهرباء المستوردة منها. ويمكن لايران استيراد البضائع فقط من العراق بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

وتشير تقارير إلى حاجة العراق لما بين 3 و4 سنوات من العمل المتواصل والبيئة الصالحة للاستثمار ليعتمد على اكتفائه الذاتي من الغاز.

وبحسب برلمانيين واقتصاديين عراقيين، فإن ملف الفساد المالي والإداري هو المعضلة الرئيسية التي تقف عائقاً أمام تحسن واقع الكهرباء في العراق إذ تكشف الوثائق عجز الحكومات المتعاقبة في توفير الكهرباء رغم إنفاق حوالي 42 مليار دولار، والتي كانت تكفي لبناء أحدث الشبكات الكهربائية في العالم.

ويعاني العراقيون من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وهو ما يؤدي بين الحين والاخر إلى اندلاع تظاهرات في بعض المحافظات تشوبها أعمال عنف واشتباكات مع قوات الأمن.