نيويورك: يظهر أن "تآكل المعدن" هو السبب الرئيسي الذي يحتمل أن يكون وراء حادث احتراق محرك طائرة بوينغ 777 خلال رحلة فوق كولورادو بغرب الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، ما أدى إلى وقف تشغيل العشرات من هذه الطائرات في أنحاء العالم.

كانت هيئة تنظيم الطيران الأميركية وهي الإدارة الفدرالية للطيران، تخطط بالفعل لفرض عمليات تفتيش أكثر صرامة على محركات برات أند ويتني التي تجهز بها الطائرة قبل تعطل المحرك الذي أنهى فجأة السبت رحلة لشركة يونايتد إيرلاينز بين دنفر في كولورادو وهونولولو في هاواي، بعد أضرار مماثلة في كانون الأول/ديسمبر 2020 لحقت بطائرة تابعة للخطوط الجوية اليابانية.

بعد تحليل العناصر المتعلقة بالحادث في اليابان، كانت الإدارة الفدرالية للطيران بصدد "تقييم الحاجة إلى تعديل عمليات التفتيش" على شفرات مروحة المحركات، وفقًا لرسالة تلقتها وكالة فرانس برس.

كذلك دققت الإدارة في حوالى 9 آلاف تقرير تتعلق بفحص شفرات المراوح بعد حادثة أخرى مرتبطة بهذه الطائرات في 13 شباط/فبراير 2018 خلال رحلة ليونايتد إيرلاينز بين سان فرانسيسكو وهونولولو.

تأتي هذه المعلومات بعد النتائج الأولية التي توصل إليها المكتب الأميركي المسؤول عن سلامة النقل بشأن حادث الأسبوع الماضي فوق كولورادو، في غرب البلاد.

وقال روبرت سوموالت، رئيس مكتب سلامة النقل، للصحافة مساء الإثنين، إن "الفحص الأولي يشير إلى أن الضرر يتوافق مع تآكل المعدن". كذلك، أكد تضرر اثنتين من شفرات المروحة عُثر على إحداهما في ملعب لكرة القدم وبقيت الأخرى في المحرك.

فقد اشتعل المحرك الأيمن لطائرة بوينغ 777-220 التابعة ليونايتد إيرلاينز بعد إقلاعها وعلى متنها 231 راكبًا و10 من أفراد الطاقم، فاضطر طياروها للعودة على عجل. وبينما كانت الطائرة عائدة لتهبط اضطراريًا في المطار، سقطت منها قطع حطام بعضها كبير على منطقة سكنية في إحدى ضواحي دنفر.

لم يصب أحد على الأرض وتمكنت الطائرة من الهبوط بسلام.

ويجري الحديث عن تآكل مادة ما عندما يطرأ عليها تغيير بمرور الوقت الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث تشققات وربما تمزق بنيوي فيها.

وستصدر إدارة الطيران الفدرالية التي أمرت منذ الأحد بإجراء عمليات فحص إضافية على طائرات بوينغ 777 المزودة بمحركات برات أند ويتني توجيهًا جديدًا بشأن صلاحية تحليق هذه الطائرات بمجرد انتهاء خبراء السلامة من فحص البيانات المتاحة على متن الرحلة.

فإدارة الطيران الأميركية تجد نفسها في وضع صعب بعدما وُجهت لها انتقادات بسبب تقاعسها في التعامل مع أزمة طائرة بوينغ 737 ماكس التي أوقفت عن الطيران في آذار/مارس 2019 بعد حادثين متقاربين أسفرا عن مقتل 346 شخصًا. إذ تسأل الصحافة الأميركية على سبيل المثال لماذا لم تتصرف كما يجب بعد حادثة شركة الخطوط الجوية اليابانية في كانون الأول/ديسمبر.

أدى حادث يوم السبت إلى إيقاف جميع طائرات بوينغ 777 المزودة بمحركات صنعتها شركة برات أند ويتني حول العالم وهي 69 طائرة كانت في الخدمة و59 في الاحتياط.

وقالت الشركة المصنعة للمحركات إنها تعمل مع مجلس سلامة النقل و"ستواصل العمل لضمان التشغيل الآمن للأسطول".

منعت المملكة المتحدة الاثنين طائرات بوينغ 777 المعنية بالمشكلة من دخول مجالها الجوي. وقالت وزارة النقل اليابانية إنها أمرت بإجراء عمليات تفتيش أكثر صرامة لمحرك برات أند ويتني بعدما واجهت طائرة بوينغ 777 تابعة للخطوط الجوية اليابانية مشكلات "من النوع نفسه" في كانون الأول/ديسمبر عندما كانت متجهة من مطار طوكيو-هانيدا إلى ناها في جزيرة أوكيناوا.

وأعلنت السلطات الهولندية الاثنين فتح تحقيقين بعد سقوط حطام من طائرة شحن من طراز بوينغ 747-400 السبت وإصابة شخصين بجروح في جنوب هولندا.

ويمثل الحادث انتكاسة أخرى لشركة تصنيع الطائرات التي بالكاد تعافت من أزمة 737 ماكس، طائرتها الرئيسية التي سُمح لها مؤخرًا باستئناف رحلاتها بعد ما يقرب من عامين من حظرها من الطيران وتعديل برمجية التحكم في الطيران وتنفيذ بروتوكولات جديدة لتدريب الطيارين.

كذلك تأثرت بوينغ، مثل منافستها الأوروبية إيرباص، بجائحة كوفيد-19 وعواقبها الكارثية على قطاع النقل الجوي الدولي. فقد أدت هذه الأزمة الصحية إلى إلغاء طلبيات لشراء مئات الطائرات.

ومع ذلك، يعتقد العديد من الخبراء أن حادثة 777 في الولايات المتحدة هي مشكلة صيانة أو محرك.

إذ قال ريتشارد أبو العافية المحلل لدى "تيل غروب" المختص بالملاحة الجوية إن المشكلة الحالية "لا يمكن مقارنتها" بأزمة طائرة بوينغ 737 ماكس. وأضاف أنه "بعد كل هذه السنوات في الخدمة، من غير المحتمل أن تكون هذه المشكلة على صلة بتصميم المحرك، إنها بالتأكيد شيء ما على صلة بالصيانة".