إيلاف من لندن : اعتبرت منظمة حقوقية دولية الخميس اعتقال السلطات العراقية لعصابة موت في البصرة الجنوبية قتلت عددا من ناشطي التظاهرات وصحافيين هناك خطوة رادعة وتغييرا حقيقيا في استعداد الحكومة لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم الخطيرة ودعت الحكومة لضمان محاكمة عادلة لعناصر العصابة وبعيدة عن أي تأثير سياسي.
ورحبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية باعتقال السلطات العراقية منتصف الشهر الحالي لأربعة رجال لهم صلات بوحدة تابعة لـ "قوات الحشد الشعبي" بينهم مسؤول رفيع في الشرطة قتلت متظاهرين على الأقل في مدينة البصرة الجنوبية في كانون الثاني يناير عام 2020.

خطوة مهمة ورادعة
واعتبرت المنظمة في تقرير لها تابعته "ايلاف" إن هذه الاعتقالات تمثل خطوة مهمة في جهود الحكومة للوفاء بوعدها بمحاسبة الذين مارسوا انتهاكات ضد المتظاهرين أو قتلوهم لكن على السلطات اتخاذ إجراءات سريعة للقيام بتنفيذ المزيد من الاعتقالات في صفوف القوى المنتهِكة حيث يوجد دليل على ارتباطها بالهجمات الأخيرة.
وقالت بلقيس والي باحثة أولى في الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش "قد تمثل هذه الاعتقالات في البصرة تغييرا حقيقيا في استعداد الحكومة لمحاسبة قواتها على ارتكاب جرائم خطيرة، وستساعد في ردع مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.. كما على الحكومة ضمان أن تكون محاكمات الرجال عادلة وبعيدة عن أي تأثير سياسي".
وأضافت والي "لن تتمكن الحكومة من إثبات حدوث تغيير حقيقي طالما أن المحتجين يخشون جرّهم في الشوارع في وضح النهار واحتجازهم وتعذيبهم دون أن يُعاقَب المعتدون".

العدالة لن تموت

وفي 15 من الشهر الحالي اعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في تغريدة على "تويتر" ان "عصابة الموت التي أرعبت أهلنا في البصرة ونشرت الموت في شوارعها الحبيبة وأزهقت ارواحاً زكية سقطت في قبضة أبطال قواتنا الأمنية تمهيداً لمحاكمة عادلة علنية".

وأضاف ان "قتلة جنان ماذي (ناشطة) وأحمد عبد الصمد (صحافي) اليوم.. وغداً القصاص من قاتلي ريهام (ناشطة) والهاشمي (خبير أمني) وكل المغدورين .. العدالة لن تنام". ونوهت المنظمة الى ان وسائل اعلام محلية نشرت أسماء أربعة رجال معتقلين لدورهم في فرقة الموت هذه المرتبطة بـ "كتائب حزب الله" التابعة لـ الحشد الشعبي ولصلتهم باغتيال المسعفة جنان ماذي بينما كانت تعالج متظاهرين جرحى؛ والصحافي احمد عبد الصمد (37 عاما) ومصوره صفاء غالي (26 عاما) اللذان كانا يغطيان الاحتجاجات لصالح قناة "دجلة" المحلية الخاصة؛ والمتظاهر مجتبى احمد السكيني (14 عاما) فيما قال مصدر مقرب من الحكومة إن السلطات حددت هوية 16 شخصا آخرين متورطين في عمليات القنل لكن معظمهم فروا مسبقا من البلاد.

دعوة لمصداقية التحقيقات
واندلعت تظاهرات الاحتجاجات في جنوب ووسط العراق في تشرين الأول اكتوبر 2019 وأسفر العنف والقوة المفرطة عن مقتل 487 متظاهرا واصابة 23 الفا آخرين.
ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة والسلطات القضائية العراقية الى الحفاظ على مصداقية الإجراءات التحقيقية وعدم الاكتفاء بالاعترافات للإدانة وطالبتها بالحفاظ على مصداقية الإجراءات لردع قوات الأمن المنتهِكة من خلال ضمان عدالة هذه المحاكمات.

نصير علوي يكشف تفاصيل تعذيبه
وأشارت الى انه بينما تمثل اعتقالات البصرة خطوة إيجابية فيما يتعلق بالمساءلة فقد استمرت هجمات الحشد الشعبي على المتظاهرين ونقلت عن علي نصير علوي (25 عاما) وهو عضو بارز في حركة الاحتجاج في النجف، قوله إنه في 12 شباط الحالي اقتاده أربعة رجال ملثمين يرتدون زيا أسود من الشارع مساء على مرأى من دورية للشرطة لم تتدخل و وضعوه في "بيكاب" أبيض بدون لوحة أرقام واقتادوه إلى مكتب حيث عصبوا عينيه وبدأوا بضرب ظهره ورجليه بأعقاب بنادقهم. واضاف "استطعت أن أدرك أن هناك عديدا من الرجال في الغرفة كانوا يسألونني جميع أنواع الأسئلة حول أسماء النشطاء الآخرين ومن كان يقود الاحتجاجات في النجف ثم وصلوا الأسلاك الكهربائية بي وصعقوني في صدري وساقيّ قبل أن أفقد الوعي".

وأشار الى انه عندما استعاد وعيه وجد نفسه مستلقيا على طريق سريع على تخوم المدينة قرب منزله في الساعة الواحدة صباحا وذهب إلى المستشفى حيث تحدث إلى الشرطة لكنه قال إنه لأنه لا يعرف هوية الخاطفين، لا فائدة من تقديم شكوى. واوضح إنه يعتقد أن الخاطفين لديهم سلطة لأن عناصر الشرطة القريبين لم يفعلوا شيئا للتدخل في اختطافه.

إبعاد التحقيق مع المعتقلين عن أي ضغوط سياسية

وأشارت المنظمة الى انه بالإضافة إلى ذلك لم تكن هناك مساءلة عن عمليات قتل أخرى للمتظاهرين في البصرة منذ 2019 حيث قتل ملثمون العديد من الناشطين والناشطات . وقالت مصادر عراقية ان عناصر فرقة الموت المعتقلين قد نقلوا الى العاصمة بغداد لتخليص الأجهزة الأمنية في البصرة من الضغوط وللحيلولة دون تغيير الإفادات ووقوع التحقيق تحت تأثير داخلي أو خارجي".

ومن جهته تحدث إسماعيل مصبح الوائلي شقيق محافظ البصرة الأسبق محمد مصبح الوائلي الذي اغتيل من قبل مسلحين مجهولين عام 2012 عن تفاصيل اعتقال عناصر في "فرقة الموت" المتهمة باغتيال شقيقها أيضا مبيناً أنهم ينتمون إلى مليشيا "كتائب حزب الله العراقية" المقربة من الحرس الثوري الإيراني. وتشير الاعترافت الأولية للمعتقلين عن عمليات نفذت ضد شخصيات حكومية وتجارية وسياسية وناشطين وشخصيات ذات توجهات مختلفة وعمليات أخرى بينها استهداف أرتال التحالف الدولي بعبوات ناسفة .