رانغون: حث مندوب بورما الدائم لدى الأمم المتحدة المجتمع الدولي الجمعة على اتخاذ "أقوى إجراء ممكن" لإنهاء حكم المجلس العسكري في البلاد، فيما فرقت شرطة مكافحة الشغب بعنف مئات المتظاهرين المناهضين للانقلاب في ثلاث مدن رئيسية.
ومنذ الانقلاب العسكري الذي أطاح الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي في الأول من شباط/فبراير، تشهد البلاد موجة من الغضب والتحدي من قبل مئات الآلاف من المتظاهرين الذين تجمعوا للمطالبة بالإفراج عن سو تشي وعودة الديموقراطية.
وانهالت الإدانات الدولية أيضًا على المجلس العسكري، الذي شكل مجلس إدارة الدولة، وتعرض جنرالاته لعقوبات من عدة دول.
والجمعة، حضّ مندوب بورما الدائم لدى الأمم المتحدة المجتمع الدولي على إنهاء حكم المجلس العسكري في بلاده.
وقال كيو مو تون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "نحن في حاجة إلى أقوى إجراء ممكن من المجتمع الدولي لإنهاء الانقلاب العسكري على الفور ووقف قمع الأبرياء وإعادة سلطة الدولة إلى الشعب واستعادة الديموقراطية".
كما حث تون الدول على "اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة" لوقف أعمال العنف التي ترتكبها قوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين.
وقال وهو يشير بثلاثة أصابع تحولت رمزا للاحتجاجات ضد الانقلاب "سنواصل الكفاح من أجل حكومة تكون من الشعب وينتخبها الشعب وتعمل من أجله".
من جهتها، كتبت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور على تويتر "من المستحيل المبالغة في تقدير المخاطر التي تحملها سفير بورما لدى الأمم المتحد كياو مو تون في الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وأكدت مبعوثة الامم المتحدة الخاصة ببورما كريستين شرانر برغنر خلال الجلسة أن استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين "غير مقبول".
حتى الآن، قُتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص منذ الانقلاب، أربعة منهم متأثرين بجروح أصيبوا بها في المظاهرات المناهضة للانقلاب التي شهدت قيام قوات الأمن بفتح النار على المتظاهرين.
وقال الجيش إن ضابط شرطة توفي أثناء محاولته قمع احتجاج.
تأتي جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد يوم متوتر شهد اعتقال قرابة 100 محتج في ثلاث مدن رئيسية في أنحاء بورما.
في بعض المدن، زادت قوات الأمن بشكل مطرد استخدامها القوة، لكن في رانغون، مارست السلطات سياسة ضبط النفس واعتمدت إلى حد كبير على الحواجز ونشر القوات لمنع التجمعات حول معالم المدينة والسفارات.
وتجاوز المتظاهرون القيود المفروضة في البلاد من أجل مكافحة الوباء من خلال التحرك بحرية عبر المدينة والتجمع حول تقاطعي هليدان ومياينيغون المركزيين.
لكن شرطة مكافحة الشغب تقدمت الجمعة على المتظاهرين الذين كانوا يجلسون معظم الوقت مرددين شعارات مؤيدة للديموقراطية، وطلبت منهم التفرق.
وتم توقيف ستة أشخاص بعدما قام عناصر من قوات الأمن بإخلاء هذا التقاطع المزدحم عادة، أحدهما المراسل الياباني المستقل يوكي كيتازومي.
وكتب مساعده لين نيان هتون على فيسبوك "أفاد شهود عيان بأنه تعرض للضرب على رأسه بالهراوة لكنه كان يضع خوذة" مضيفا أنه تواصل مع السفارة اليابانية.
ونفى شرطي تعرض كيتازومي للضرب لكنه أكد في وقت لاحق أن الصحافي أطلق سراحه.
وفي شارع سكني أصغر قبالة مياينيغون، أقام بعض المتظاهرين حواجز موقتة مستخدمين أسلاكا شائكة وكدسوا طاولات بهدف منع الشرطة من التقدم.
وهتف المتظاهرون وهم يضعون قبعات مصنوعة من مواد صلبة بالشعار المعتاد المناهض للمجموعة العسكرية "إفشال الديكتاتورية هو قضيتنا!"
وذكرت وسائل إعلام حكومية أنّ السلطات أوقفت أكثر من 31 شخصا في العاصمة.
وقبالة تقاطع هليدان، بدأ المتظاهرون يركضون فيما حذرت الشرطة "إذا لم يتفرق الناس فسيتعين علينا تفريقهم بالقوة!"
ولجأ متظاهر خائف إلى منزل قريب للاختباء، وقال لوكالة فرانس برس إن الشرطة كانت تلقي قنابل صوتية.
وروى نيو هلاينغ لوكالة فرانس برس "اضطررنا للهرب" مضيفا أن بعض المتظاهرين ردوا بإطلاق مقذوفات على الشرطة.
كما سمع مراسلون لوكالة فرانس برس كانوا في الموقع انفجار قنابل صوتية ورأوا الشرطة توقف المزيد من الأشخاص.
وفيما فتشت الشرطة بعض الشقق، احتج السكان حول هليدان بقرع أواني الطبخ في إشارة على تحدي النظام العسكري.
بالعودة إلى تقاطع المرور الرئيسي، سمح الشرطيون للحافلات والسيارات بالمرور.
كما نظمت احتجاجات الجمعة في ماندالاي حيث تجمع آلاف المتظاهرين أمام أكبر مركز للتسوق في المدينة وكان معظمهم يرتدون ملابس بيضاء ويضعون كمامات وقبعات باللون الأحمر، لون حزب الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية.
واستخدمت الشرطة مقاليع لتفريق المتظاهرين بحسب مراسل وكالة فرانس برس. وقال الطبيب ثيت هتاي إن خمسة أشخاص أصيبوا بجروح أحدهم في حال خطرة.
وشهدت عاصمة بورما نايبيداو فوضى مماثلة، حيث فر المتظاهرون مع انفجار قنابل الصوت فيما طاردتهم شرطة مكافحة الشغب.
وأفاد التلفزيون الرسمي أنه تم اعتقال 39 شخصًا خلال احتجاج ماندالاي، و25 في نايبيداو.
وبرر الجيش انتزاع السلطة بزعم حدوث تزوير انتخابي واسع النطاق في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، والتي فازت بها الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية بأغلبية ساحقة.
وتواجه سو تشي الحائزة جائزة نوبل تهمتين إحداهما لامتلاكها أجهزة اتصال لاسلكية غير مسجلة في مقر إقامتها والثانية لخرقها تدابير احتواء فيروس كورونا.
ومن المقرر أن تجري محاكمتها في الأول من آذار/مارس، لكن محاميها أفاد وكالة فرانس برس الجمعة إنه لم يتصل بموكلته حتى الآن.
وقال خينغ مونغ زاو "من المهم للغاية الحصول على توكيل رسمي موقع لها قبل بدء الجلسة في الأول من آذار/مارس لأنه لن يُسمح لنا بالعمل كمستشارين للدفاع عنها إذا لم نتمكن من تسجيله". وتابع "بعد ذلك ستجرد أونغ سان سو تشي من حقها في محاكمة عادلة بدون مستشار قانوني".
التعليقات