ايلاف من لندن: اختتم البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين زيارة تاريخية ناجحة الى العراق على الاصعدة الدينية والتنظيمية والامنية استمرت ثلاثة ايام وقادته الى خمس محافظات حيث كان في وداعه بمطار بغداد الدولي الرئيس العراقي برهم صالح وعقيلته، فيما تم اعتبار الزيارة بمثابة تأكيد لقدرة العراق على استضافة جميع الشخصيات بنجاح.

وكتب الرئيس صالح تغريدة على تويتر عقب توديعه البابا قال فيها "ودعّنا قداسة البابا فرنسيس، بعد ان حل ضيفاً عزيزاً لثلاثة ايام مضيئة في بغداد والنجف وأور ونينوى واربيل، تُمثل رسالة تضامن انسانية كبيرة مع بلدنا الذي انهكته عقود من العنف والنزاعات. القى حضوره المطمئن لمسة سلام ومحبة، وستبقى خالدة في قلوب كل اطياف الشعب، التّواقون للأمن والسلام".

ومن جهته خص البابا في تغريدة مماثلة نساء العراق بالتحية واصفن اياهن بالشجاعات.
وقال الحبر الأعظم في تغريدته "أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل النساء، ولا سيما نساء العراق، النساء الشجاعات اللواتي يواصلن العطاء رغم الأذى والأذى".
وأضاف "فلتُحترم النساء وليُمنحن الحماية! ليَحظين بالاهتمام ويُمنحن الفرص."

الكنيسة في العراق حية
وقبيل مغادرته لبغداد فقد كتب البابا تغريدة على "تويتر" تابعتها "ايلاف" قائلا "اليوم أستطيع أن أرى وألمس لمس اليد أن الكنيسة في العراق حية، وأن المسيح حي ويعمل في شعبه المقدس والمؤمن".
وشهدت الزيارة بأهميتها وحساسيتها البالغتين نجاحا كبيرا في الاعداد والتنظيم وتوقيتات نشاطات البابا في بغداد والنجف وذي قار وأربيل ونينوى وبشكل يُحسب ايجابيا للحكومة العراقية التي قدم لها الحبر الاعظم وللهيئات المدنية الشكر على تنظيمهم وترحيبهم به بمودة.

دفعة لحوار الاديان
ودشن اجتماع البابا مع المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني في النجف السبت الماضي مرحلة جديدة مثمرة في الدفع بالحوار بين الاديان والتعايش بين اتباعها وتشجيع مسيحيي العراق في الخارج على إعادة التفكير بوطنهم والعودة اليها حيث وجه لهم البابا دعوة صريحة بالتمسك بجذورهم وعدم الاستسلام.

كما جاءت الصلاة الابراهيمية التي نظمها في مدينة اور بمحافظة ذي قار الجنوبية بمشاركة اسلامية مسيحية يهودية ايزيدية صابئية حدثا فريدا لم يشهده العراق من قبل حيث رسخت مفهوم التسامح والتعايش بين اتباع الديانات.

كما بعثت جولة البابا امس في مناطق المسيحيين بشمال العراق دعما لهم وتحفيزا للجتمع الدولي على الاهتمام بمناطقهم التي دمرها تنظيم داعش واعادة اعمارها بشكل عاجل. وفي حدث هو الاول من نوعه في تاريخ العراق فقد قاد البابا صلاة الاهية غير مسبوقة في الهواء الطلق بملعب مدينة اربيل بمشاركة حوالي 15 الف شخص.

اما تنظيميا فد نجحت السلطات العراقية في تمرير الزيارة بظروف تنظيمية وامنية على اعلى المستويات دقة وخاصة من ناحية توقيتات نشاطات البابا ووصوله ومغادرته الى اماكن نشاطاته.

ومن الناحية الامنية قد سارت اجراءات حماية البابا ونشاطاته ولقاءاته بالناس بقدر واسع من الاجراءات المشددة والدقيقة وحينما كان يتنقل بطائرة مروحية بين المدن فقد كانت ترافقه 5 مروحيات للقوات العراقية وبعد نزوله منها كان يتجول بسيارة مصفحة وخاصة حين تنقل بين اربيل والموصل التي تشكّل مركز الطائفة المسيحية في العراق والتي تعرّضت كنائسها وأديرتها التراثية العريقة لدمار كبير على يد تنظيم داعش المتطرف.

والسبت الماضي اعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عن اعتبار يوم السادس من اذار مارس الذي شهد لقاء البابا مع المرجع الشيعي الاعلى في العراق علي السيستاني في النجف يوما وطنيا في كل عام للتسامح والتعايش.

وقال الكاظمي في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي تويتر" وتابعتها "ايلاف" انه "بمناسبة اللقاء التأريخي بين قطبي السلام والتسامح، سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، وقداسة البابا فرنسيس ولقاء الأديان في مدينة أور التأريخية، نعلن عن تسمية يوم السادس من آذار من كل عام يوماً وطنياً للتسامح والتعايش في العراق".

نجاح يثير الاهتمام
واعتبر الخبير القانوني العراقي طارق حرب ان البابا لم يزرأي دولة في العالم منذ مئات السنين بتفاصيل اجراءات وشخصيات ومواقع واماكن كما جرى في زيارة البابا فرنسيس هذه فقد احتفظ برمزية العراق كدولة ولم يغادر هذا المفهوم في جميع اقواله حتى في آخر يوم زيارته في اربيل حيث كان العراق آخر كلماته كما كانت فقرات زيارة البابا للعراق تتضمن ما لم تتضمنه زيارة بابا آخر في تاريخ دولة الفاتيكان لدولة اخرى .

واشار حرب في بيان تابعته "ايلاف" ان حج البابا الى دار النبي ابراهيم في مدينة اور تخامر اذهان الفاتيكان ورغبة لدى جميع الباباوات على الاقل منذ ان صلى البابا لبغداد اثناء فيضان سنة 1945 وزادت هذه الرغبه طيلة السنوات السابقه حتى حققها البابا فرنسيس.

وتساءل عمن كان السبب في القيام بهذه الزيارة فأجاب انه توجد اسباب كثيره وراء ذلك في مقدمتها كون شخصية رئيس الوزراء الكاظمي واطمئنان البابا له ولاجراءاته ومقبولية شخصيته وسياساته وهو مادفع الى جانب اسباب اخرى البابا للحج الى مدينة أور.

كما لفت نجاح الزيارة اهتماما دوليا حيث اكد السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولرأن العراق أثبت قدرته على استضافة جميع الشخصيات بمختلف خلفياتهم. وقال "نهنئ الشعب العراقي على الزيارة التأريخية لبابا الفاتيكان فرنسيس وجميع من ساهموا بانجاحها. هذه الزيارة".

وشدد السفير على ان "هذه الزيارة أثبتت قدرة العراق على استضافة جميع الشخصيات بمختلف خلفياتهم ودليل ذلك أننا أتينا من مختلف البلدان لحضور هذه الزيارة".

يشار الى انه منذ الغزو الأميركي للعراق الذي أطاح بنظام صدام حسين في عام 2003 تضاءل عدد المسيحيين في العراق بنسبة 83 في المئة من حوالي 1.5 مليون إلى 400 ألف فقط بالرغم من ان الكنيسة العراقية تعتبر واحدة من أقدم الكنائس في العالم إن لم تكن الأقدم. وقد ادى احتلال تنظيم داعش للموصل في حزيران يونيو عام 2014 إلى نزوح أكثر من 125 ألفا من مسيحيها من أرض أجدادهم التاريخية.

وكان البابا قد وجه عشية وصوله الى بغداد الجمعة الماضي رسالة الى العراقيين قال فيها أزوركم "حاجا يسوقني السلام" من أجل "المغفرة والمصالحة بعد سنوات الحرب والإرهاب".