الجزائر: سجلت الصحافة الجزائرية الأربعاء مواقف متباينة حيال قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تسهيل الاطلاع على الأرشيف السري لحرب الجزائر(1954-1962) في خطوة جديدة أعلنها الثلاثاء ضمن ملف "مصالحة الذاكرة" بين البلدين.

وكتبت صحيفة "ليبرتي" اليومية الناطقة بالفرنسية "خطا الرئيس ماكرون خطوة كبيرة، ربما تكون الأكبر على الإطلاق، في البحث عن الحقيقة في تاريخ الكفاح الجزائري من أجل الاستقلال".

وتابعت "الحقيقة لها الأسبقية على الحكم (...) حكم التاريخ يستند إلى الوقائع، وليس إلى توبة فاعليها أو عدم توبتهم".

وأشارت صحيفة "ليكسبرسيون" المقربة من السلطة إلى أن "الرئيس الفرنسي يبدو أنه يريد المضي بشكل أسرع في طريق الوصول إلى علاقة هادئة مع الجزائر".

وأوضحت الصحيفة أن تلك "القرارات لا تخلو من الشجاعة" إلا أنها تتعلق بـ "+الوصول+ وليس إعادة (الأرشيف) كما تطلب الجزائر".

وقرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء تسهيل الوصول إلى محتويات الأرشيف السري التي يزيد عمرها عن 50 عاما، خصوصا تلك المتعلقة بالحرب الجزائرية، عملًا بما أوصى به المؤرخ بنجامين ستورا في تقرير حول "مصالحة الذاكرة" بين البلدين أنجزه بطلب من الإليزيه.

وأصبح ابتداء من الأربعاء مسموحا لدوائر المحفوظات "بالمضي قدما ورفع السرية عن وثائق مشمولة بسرية الدفاع الوطني (...) حتى ملفات العام 1970 ضمنا".

ولا يشمل القرار المعلومات المتعلقة بالتجارب النووية السبعة عشر التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966 وستبقى موسومة بالسرية، وفق الرئاسة الفرنسية، وهذا القسم من الأرشيف هو الأهم بالنسبة للجزائر.

وكانت وثائق رفعت عنها السرية في عام 2013 قد كشفت عن تداعيات إشعاعية أكبر بكثير مما تم الاعتراف به في وقت التجارب.

وحذرت "ليكسبرسيون" من أن قرار الرئاسة الفرنسية "لا يحل الخلافات التاريخية، لأن الأرشيف لا يخبرنا بكل شيء، بل ويمكن أن يضلل".

أما الصحافة الناطقة بالعربية فشكّكت في نوايا الرئيس ماكرون وأن لديه دوافع سياسية خفية في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في ربيع عام 2022 والتي ستصادف الذكرى الستين لوقف إطلاق النار في حرب الجزائر (19 آذار/ مارس 1962) وإعلان استقلال الجزائر (5 تموز/يوليو 1962).

وكتبت صحيفة الفجر "يحاول الرئيس ماكرون كسب تعاطف وأصوات سبعة ملايين جزائري يعيشون في فرنسا في الانتخابات المقبلة".

ولم يصدر أي رد فعل رسمي من الرئاسة الجزائرية حول قرار الإليزيه، رغم أنّ إيمانويل ماكرون ونظيره عبد المجيد تبون تعهدا بالعمل سويا حول ملف الذاكرة.

وجاء الإعلان في إطار "الأفعال الرمزية" التي وعد بها ماكرون من أجل "مصالحة الذاكرة" بين الفرنسيين والجزائريين وعلاقات هادئة.

وتسارع "العمل على الذاكرة" بعد تقديم تقرير المؤرخ بنجامان ستورا حول ذاكرة حرب الجزائر والذي رفع إلى الرئيس الفرنسي في 20 كانون الثاني/يناير.

لكن لا يوجد من جانب الجزائر أي بادرة على أساس المعاملة بالمثل بشأن فتح الأرشيف في الجزائر، كما طالب المؤرخون الفرنسيون والجزائريون.

كما لم يقدم نظير المؤرخ ستورا، مدير الأرشيف الجزائري عبد المجيد شيخي تقريره للرئيس تبون.

وأضافت "ليبرتي" أنه "في الوضع الحالي، يبرز السؤال بعد ذلك حول ما هو نصيب الجزائر الذي التزم به الرئيس تبون. فعلى الرغم من تقديم المبادرة كمشروع مشترك، إلا أنه في الوقت الحالي، لم يقدم أي مساهمة، من جانبنا".

وختمت افتتاحية الصحيفة "حتى لو كان الجيش والإدارة الفرنسيان يشكلان المصادر الرئيسية للبيانات المتعلقة بالفترة الاستعمارية بشكل عام وحرب الاستقلال على وجه الخصوص، فيجب أن يكون هناك، من الجانب الجزائري، ما تساهم به للإضاءة على هذا الماضي المؤلم".