الرياض: من المستبعد أن يؤدي مقترح السعودية لـ"وقف شامل لإطلاق النار" في اليمن الذي عرضته المملكة على المتمردين الحوثيين، إلى وقف العمليات القتالية في البلد، بحسب محللين، لا سيما وأن الحوثيين سارعوا إلى رفضه.

قالت الحكومة السعودية في بيان إن المملكة التي تدخلت عسكريا في اليمن منذ 2015 على رأس تحالف عسكري دعما للحكومة المعترف بها دوليا ضد الحوثيين، قدمت هذا العرض ضمن "مبادرة" تنص على "وقف شامل لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة".

ورفض الحوثيون المدعومون من إيران الاقتراح، مذكرين "دول العدوان بوجوب إنهاء عدوانها بشكل شامل ورفع الحصار بشكل كامل".

غير أن بعض المحللين يعتبرون أن السعودية تسعى من خلال العرض لإظهار الحوثيين على أنهم الطرف "المعتدي".

هل يبدل المقترح الوضع؟

لا يغير المقترح أي شيء طالما أنه لم يلق قبولا من الحوثيين الذين رفضوه مؤكدين أن "لا شيء جديدا" فيه.

وعرضت المملكة ضمن مبادرتها تخفيفا جزئيا للحصار البحري والجوي الذي تؤكد أنه ضروري لمنع تهريب الأسلحة إلى المتمردين من إيران.

ويتضمن المقترح خطة لإعادة فتح مطار صنعاء لعدد محدد من الوجهات الإقليمية والدولية المباشرة، وتخفيف الحصار على ميناء الحديدة غرب اليمن.

وكان المتمردون جعلوا من فتح كل المجالات الجوية والبحرية في اليمن، وهي تحت السيطرة السعودية، شرطا أساسيا لأي حوار.

وقال المحلل في مجموعة الأزمات الدولية بيتر سالزبري "يبدو أن المقترح السعودي يعزز فكرة أنه يتوجب على الحوثيين تقديم تنازلات هنا. وهذا لن يلقى استجابة من المفاوضين في صنعاء".

وبحسب سالزبري فإن "رد الحوثيين كان واضحا: يقولون إنه عرض قديم وإنهم كانوا واضحين في موقفهم- إزالة كافة العوائق على الحركة في الحديدة ومطار صنعاء".

لماذا يأتي المقترح الآن؟

المتمردون الحوثيون يشنون هجمات شبه يومية بالصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة، منها ما يستهدف منشآت الطاقة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.

ويدعم التحالف بقيادة السعودية القوات الموالية للحكومة سعيا لصد هجوم الحوثيين باتجاه محافظة مأرب الغنية بالنفط والتي تعد آخر معقل للحكومة في شمال اليمن.

ويأتي المقترح السعودي الأخير على الرغم من فشل وقف إطلاق النار المؤقت من جانب واحد الذي أعلنه التحالف في نيسان/ابريل الماضي في إطار جهود التصدي لوباء كوفيد-19.

ويقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية كيسي كومبز إنه "على غرار وقف إطلاق النار في 2020، فإن (السعودية) تقدم نفسها كساعية للسلام (دون) الخضوع لمطالب الحوثيين".

هل سيؤثر على الوضع الإنساني؟

يرى الباحث غريغوري جونسون أنه من غير المرجح أن يؤدي العرض السعودية إلى "تغيير كبير" على صعيد القتال في البلاد.

وتحذر منظمات الإغاثة من أن استمرار القتال يهدد بمفاقمة الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم، وتسرع من الدفع باليمن نحو المجاعة.

وأكد المجلس النروجي للاجئين الثلاثاء أنه "مع دخول أسوأ أزمة إنسانية في العالم عامها السابع، قد ينزح 672 ألف شخص بحلول نهاية 2021 في حال استمرار مستويات العنف الحالية".

وحذر المجلس من أنه "إذا استمر النزاع لن يكون امام اليمنيين الذين يواجهون اصلا ازمة انسانية قصوى سوى ان يتوقعوا تدهور وضعهم أكثر".

ماذا بعد؟

يتوقع سالزبري "المزيد من الكلام والمزيد من الهجمات الجوية عبر الحدود وهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة والقتال على الأرض".

وأضاف "نحن في فترة تقوم فيها كافة الأطراف باستخدام كافة الأدوات المتاحة لهم لتحسين موقفهم التفاوضي".

تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء الحرب. وأكدت مصادر لفرانس برس ان المبعوث الأميركي تيموثي لاندركينغ قام بالاتصال مع المتمردين في سلطنة عمان الشهر الماضي.

ويشير سالزبري إلى أن "الخبر الجيد هو أن (الأطراف المتحاربة) تتفاوض"مضيفا "الخبر السيء هو أن الكثير من الامور السيئة يمكن ان تحدث مثل ضربة جوية او صاروخية عن طريق الخطأ قد تقوض العملية برمتها".