إيلاف من بيروت: أعاد اعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن بالمجازر التي ارتكبت بحق الأرمن قبل مئة و6 سنوات بوصفها "إبادة جماعية"، قضية أخرى إلى الواجهة تتمثل بتعويض أحفاد الضحايا مادياً، واستعادة الأراضي التي هُجِر منها أجدادهم الأرمن في عام 1915 حين بدأت "السلطنة العثمانية" بقتلهم جماعياً.

ورغم أن أكثر من ثلاثين دولة حول العالم بينها أميركا وفرنسا وروسيا وهولندا اعترفت بمجازر الأرمن بوصفها "إبادة جماعية"، إلا أن مسألة تعويض أحفاد الضحايا مالياً واستعادة ممتلكات أجدادهم تبدو شائكة ومعقّدة للغاية، إذ لا يمكن أن يتحقق هذا الأمر سوى باعتراف تركيا نفسها بتلك المجازر.

لكن أنقرة حتى اليوم ترفض اعتبار ما حصل مع الأرمن في غضون الحرب العالمية الأولى بـ "إبادة أرمنية"، حتى أن القانون التركي يُجرم استخدام وصف "مذابح" أو "مجازر" أو "إبادة" الأرمن، بموجب المادة 301 من قانون العقوبات في البلاد، حيث يُحاكم ويُسجن لسنوات من يستخدم مثل هذه المصطلحات، بحسب تقرير نشره موقع "العربية.نت".

اعتبر يغيا طاشجيان، الباحث والمحلل السياسي اللبناني الأرمني أن "مسألة تعويض أحفاد الضحايا صعبة"، لافتاً إلى أنه "مع الاعتراف الأميركي بالإبادة مؤخراً يجب على الأرمن اتخاذ سبل قانونية خاصة وأن 3 دول دائمة العضوية في الأمم المتحدة تعترف بالإبادة".

وقال الباحث الأرمني لـ "العربية.نت": "يجب على الأرمن تقييم الخسائر المالية من الإبادة كالممتلكات السكنية والكنائس والمدارس وأرصدة بنوك الأرمن حينها في المصارف العثمانية والأوروبية وأيضاً شركات التأمين لاسيما وأنها في ذلك الوقت كانت تقدر بملايين الدولارات الأميركية، ما يعني أنها اليوم تقدّر بالمليارات. ومن ثم التوجّه للمحاكم الدولية بما في ذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".

كما أضاف: "بعد الاعتراف الأميركي، ينبغي على الأقل المطالبة بممتلكات الكنائس الأرمنية خاصة وأن هذا الأمر قد يحظى بدعم جهاتٍ مسيحية لاسيما وأننا نتحدّث عن آلاف الكنائس والأديرة في كيليكيا وأرمينيا الغربية"، في إشارة منه إلى المدن التي كان يشكل فيها الأرمن غالبية السكان في زمن المجازر وتقع ضمن تركيا حالياً.

وتابع أن "القانون لا يمنح الحق للمؤسسات والمنظمات الأرمنية بالمطالبة بتعويض ضحايا الإبادة"، موضحاً أن "هذه الخطوة يجب أن تقدم عليها أرمينيا كدولة، لكن يريفان في الوقت الحالي لا تستطيع فعل ذلك بعد خسارتها في حرب ناغورني قره باغ الأخيرة".

بدورها، تتفق الناشطة السياسية الأرمنية آراز بادروس مع طاشجيان حول صعوبة الاعتراف التركي بالمجازر الأرمنية وتعويض أحفاد الضحايا.

وقالت بادروس لـ"العربية.نت" إنه "من الصعب أن تتمّ استعادة الممتلكات والأراضي التي هُجِر منها الأرمن قبل أن تعترف أنقرة بالمذابح، لكن هناك وثيقة بينها وبين واشنطن تعود لعام 1920 حول ترسيم الحدود بشكلٍ نهائي بين أرمينيا وتركيا، وبالتالي في حال كانت واشنطن جادّة في الاعتراف بالإبادة قد تحرّك هذه الوثيقة".

كما أضافت "بالنسبة للتعويض المالي للأحفاد، لا يعد هذا أمراً مهماً بالنسبة لمعظمهم خاصة وأن نسبة كبيرة منهم فقدت الأوراق الثبوتية التي تؤكد امتلاكهم للأراضي، ولذلك أي تعويض مادي يجب منحه لأرمينيا". وتابعت "بعد الاعتراف الأميركي بالإبادة، جاء دور اللوبي الأرمني في الخارج لممارسة مزيد من الضغوطات على أنقرة للاعتراف بالمجازر".

يشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن اعترف السبت بالمجازر الأرمنية التي حصلت في عام 1915 بوصفها "إبادة جماعية"، وهو ما رفضته تركيا، حيث استدعت وزارة الخارجية على الفور السفير الأميركي ديفيد ساترفيلد وأبلغته رفض أنقرة للوصف الذي استخدمه بايدن.

ولم يقتصر الرفض التركي على الجهات الحكومية، فقد رفض حزب المعارضة الرئيسي وهو "الشعب الجمهوري" اعتراف الرئيس الأميركي بالمجازر الأرمنية. وكذلك فعل حزب "الخير" القومي المعارض أيضاً للرئيس أردوغان، بينما دعا حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد، أنقرة لمواجهة المجازر الأرمنية وتحقيق العدالة لضحاياها.