واشنطن: بعد نحو مئة يوم من تولي جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة، لا يزال سلفه دونالد ترمب - الذي أقر مجلس النواب عزله مرّتين واتُّهم بالتحريض على أحداث الكابيتول الدامية - شخصية جمهورية نافذة يحتمل أن تبقى كذلك حتى انتخابات 2024.
ويتوارى ترمب في ناديه الخاص "مارالاغو" في فلوريدا، مطلقا سلسلة من البيانات ومعلقا على قضايا مثل الهجرة، كما يثقل كاهل حزبه بالانتقادات كما في هجومه الاثنين على الجمهوريين الذين فشلوا في دعم مزاعمه بشأن عمليات "التزوير" في انتخابات الرئاسة العام الماضي.
كما يقدم قطب العقارات التأييد للمحافظين، بمن فيهم أولئك الذين يتحدون الجمهوريين التابعين للتيار السائد. واتبع طريقا سهلا من خلال انتقاده الديموقراطيين "اليساريين الراديكاليين" المؤيدين للرئيس جو بايدن.
على الرغم من حظره في موقع "تويتر"، عاد ترامب للظهور مرة أخرى على قناة "فوكس نيوز" الأسبوع الماضي، حيث قدم مقابلة مليئة بالمظالم، مشتكيا من أنه تمت محاكمته في الكونغرس على الرغم من عدم "ارتكاب أي خطأ".
وفي غضون ذلك، يتوافد الجمهوريون على مارالاغو لطلب مشورته أو تأييده.
وفي أواخر شباط/فبراير، عاد الرجل البالغ من العمر 74 عاما إلى المؤتمر السياسي المحافظ السنوي حيث أشار إلى أنه ربما لا يزال مستقبل الحزب، وليس ماضيه القريب المحاصر بالمشاكل.
لكن الأيام المئة الأولى لبايدن، والتي تميزت بإصرار هادئ في المعركة ضد كوفيد-19، تعد بمثابة تذكير بالفوضى التي عصفت ببداية ولاية ترمب نفسه عندما شعر الأميركيون بالقلق من أسلوبه المندفع والمتمثل في عدم المهادنة.
وما يعقد الأمور، الكم الهائل من المشاكل القانونية التي تنتظر القائد العام السابق للقوات المسلحة الأميركية بعد أن عاد مواطنا عاديا، بما في ذلك التحقيقات في ملفاته المالية والمزاعم المحتملة بالتهرب الضريبي والاحتيال المصرفي.
ومع ذلك، لم يُظهر أي إشارات الى العودة إلى الظل.
ولا يزال ترمب مصدر الطاقة التي يتجاهلها الجمهوريون بشكل خطير على الرغم من تركه الحزب في موقف أضعف بشكل واضح بعد خسارته مجلس الشيوخ وفشله في استعادة الأغلبية في مجلس النواب، فضلا عن إنهاء فترة ولايته عند نسبة تأييد هي الأدنى لرئيس أثناء ولايته بمقدار 34 في المئة.
وتتساءل الباحثة البارزة في معهد بروكينغز والمتخصصة في الشؤون الأميركية إيلين كامارك لفرانس برس "هل هو مجرد فصيل في الحزب الجمهوري أم أنه قوة مهيمنة؟".
وتضع كامارك مع زملاء لها سلسلة من المعارك التمهيدية نصب أعينهم لقياس مدى نفوذ ترمب قبل أي استحقاق رئاسي.
وسيكون أول اختبار في الدائرة السادسة للكونغرس في تكساس السبت، حيث ستجري انتخابات خاصة لملء مقعد الجمهوري في مجلس النواب رون رايت الذي توفي في شباط/فبراير.
وأيد ترامب الاثنين أرملة رايت. وتضم لائحة المتنافسين كذلك عضوا مناهضا لترمب تدعمه مجموعة سياسية أسسها عضو الكونغرس آدم كينزينغر، وهو خصم جمهوري قوي لترامب.
ولم يشعر الرئيس الأميركي السابق قط بالحرج من السجالات السياسية، حيث تعهد أيضا بتأييد مرشح جمهوري يشكل تهديدا سياسيا مستقبليا للعضو في مجلس النواب ليز تشيني التي صوتت لعزله مطلع العام.
وقالت كامارك عن ترمب "إذا خسر الانتخابات التمهيدية، فإن السياسيين سيعتقدون أنه ربما ليس مخيفا للغاية في نهاية المطاف". وأردفت "وإذا فاز بها، فسيكون قوة لا يستهان بها".
يحتدم الصراع داخل الحزب الجمهوري. وقد تكون جهود ترمب للتأثير على توجهات الجمهوريين بمثابة عثرة.
وفي أعقاب أعمال الشغب التي استهدفت الكونغرس، يسعى البعض في الحزب - مثل كينزينغر وتشيني - إلى إعادة ضبط سياسية واضحة حيال الموقف من ترامب.
وحذرت تشيني زملاءها من تبني عبادة الشخصية لا سيما بعد الفوضى التي حدثت في 6 كانون الثاني/يناير. وفي وقت سابق هذا الشهر، قالت لشبكة فوكس نيوز إنها "لن" تدعم ترامب إذا كان مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة في 2024.
لكن في وقت يحاول قادة الحزب إسكات أصوات المتطرفين في صفوفه، فإن هؤلاء يبرزون باستمرار.
وقبل يوم واحد من افتتاح الحزب الجمهوري أول مؤتمر تشريعي له منذ خروج ترمب من البيت الأبيض السبت، ألقت عضو الكونغرس مارجوري تايلور غرين خطابا أمام تجمع "أميركا أولا" أكدت فيه دعمها ترمب وادعاءاته بتزوير الانتخابات.
وقالت للحشد "شكرا لكم على البقاء أوفياء لرئيسنا دونالد ترمب". وأضافت "لا يزال يتعين علينا أن نجعل أميركا عظيمة مجددا".
وتعد غرين واحدة من أكثر اعضاء الكونغرس دعما لنهج ترمب السياسي. وتبدو حريصة مع آخرين يشاطرونها أفكارها على التسويق لترامب نفسه أو لمؤيد له، مثل حاكم فلوريدا رون ديسانتيس أو السناتور جوش هاولي من ميزوري، كمرشح للحزب لانتخابات الرئاسة في 2024.
وتقول كامارك في هذا الصدد إن الجمهوريين يبدون كمن يمارس لعبة شد الحبال بين "مؤيد لترمب ومناهض له"، بينما "يختبئ كثيرون على أمل ألا يتم وصمهم في أي من الاتجاهين".
وتختم "سنعرف بشكل أفضل في 2022 مدى قوته حقا".
التعليقات