تواصل ليل الأربعاء الخميس التصعيد العسكري بين قطاع غزّة وإسرائيل، مع إطلاق صواريخ من القطاع المحاصر الذي يتعرض لحملة قصف وغارات جوية إسرائيلية دمرت أبنية بكاملها، فيما يحذر العالم من نزاع جديد.


واشنطن: قال وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن مساء الأربعاء إنّه تحدّث مع رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس وطالب بوقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزّة على إسرائيل. وهذا أوّل اتّصال رفيع المستوى بين إدارة بايدن والفلسطينيّين.

وكتب المسؤول الأميركي على تويتر "تحدثتُ مع الرئيس عبّاس حول الوضع الحالي في القدس والضفة الغربيّة وغزّة. أعربتُ عن تعازيّ للخسائر في الأرواح وشدّدتُ على ضرورة إنهاء الهجمات الصاروخيّة وتخفيف التوتّرات". وأضاف بلينكن أنّ "الإسرائيليّين والفلسطينيّين، على السواء، يستحقّون الحرّية والكرامة والأمن والازدهار".

جلسة لمجلس الأمن
ودعت تونس والنروج والصين مساء الأربعاء إلى عقد جلسة طارئة جديدة الجمعة في مجلس الأمن الدولي بشأن التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين، ستكون علنية هذه المرّة، حسبما قالت مصادر دبلوماسية.

وهذه الجلسة التي يُتوقّع أن يشارك فيها الإسرائيليون والفلسطينيون، ستكون الثالثة لمجلس الأمن منذ الإثنين. وعقد مجلس الأمن الأربعاء اجتماعاً طارئاً مغلقاً ثانياً حول التصعيد، عارضت خلاله الولايات المتحدة مرّة أخرى تبنّي قرار اعتبرت أنّه سيؤدّي إلى "نتائج عكسيّة".

بايدن: لإسرائيل الحقّ في الدفاع عن نفسها
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء أنّ لإسرائيل الحقّ في الدفاع عن نفسها، معبّراً بعد محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، عن الأمل في أن تنتهي الاشتباكات العنيفة مع الفلسطينيين قريباً.

وقال بايدن "أتطلع وآمل في انتهاء ذلك (العنف) عاجلاً وليس آجلاً، لكنّ لإسرائيل الحقّ في الدفاع عن نفسها عندما تُطلق آلاف الصواريخ نحو أرضها".

وقف التصعيد
قبل ذلك أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ الولايات المتحدة ستوفد مبعوثا إلى الشرق الأوسط لحض الإسرائيليين والفلسطينيين على "وقف التصعيد". وقال إنّ هادي عمرو، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، سيكلف بالحضّ "نيابة عن الرئيس بايدن على وقف تصعيد العنف".

تطهير عرقي
واتهم عباس إسرائيل الأربعاء بممارسة التطهير العرقي في مدينة القدس، مؤكدا أن حي "الشيخ جراح لن يهدأ"، وأن على الدولة العبرية والولايات المتحدة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وقال عباس قبيل اجتماع للقيادة الفلسطينية الأربعاء "أوجه كلمتي لأميركا وإسرائيل بالذات، لقد طفح الكيل، اتركونا وأنهوا احتلالكم لبلادنا".

ودوّت صفّارات الإنذار الخميس في شمال إسرائيل، للمرّة الأولى منذ بداية التصعيد العسكري، وفق ما أعلن الجيش. وكانت الصواريخ التي أطلقتها حماس من قطاع غزّة في وقتٍ سابق قد استدعت إطلاق صفّارات الإنذار في جنوب إسرائيل ووسطها، لكن ليس في شمالها.

وفي الساعات الأولى من فجر الخميس، لم تُطلَق صافرات الإنذار في العاصمة الاقتصادية تل أبيب في وسط البلاد فحسب - حيث هرع السكان إلى الملاجئ - ولكن أيضًا في وادي يزرعيل في الشمال.

وقال مسعفون إن خمسة أشخاص أصيبوا ليل الأربعاء الخميس عندما أصاب صاروخ مجمعا سكنيا في بتاح تكفا قرب تل أبيب.

وأعلن الجيش الإسرائيلي فجر الخميس أن نحو 1500 صاروخ أطلِق من قطاع غزة على مختلف المدن الإسرائيلية منذ بدء التصعيد العسكري الإثنين.

وأفاد مراسل وكالة فرانس برس بأنّ الجيش الإسرائيلي واصل تنفيذ ضربات جوّية على غزّة فجر الخميس.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي الأربعاء في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد مصدر أمني فلسطيني وكالة فرانس برس بأن القتيل هو محمد عمر سعيد النجار (36 عاما).

ورغم الدعوات من كل أنحاء العالم لوقف التصعيد، لا مؤشرات تهدئة حتى الآن.

وأعلنت إسرائيل مساء الأربعاء مقتل طفل في السادسة من عمره في مدينة سديروت بجنوب البلاد، بعد إصابته إثر إطلاق حماس 130 صاروخا نحو الأراضي الإسرائيلية.

كما أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إطلاق أكثر من مئة صاروخ في اتجاه المدن الاسرائيلية.

وقالت القسام إنها "قصفت (مدن) عسقلان ونتيفوت وسديروت بمئة وثلاثين صاروخاً رداً على قصف برج الشروق (مبنى مكون من 14 طابقا)، وكردٍ أولي على اغتيال ثلة من قادة القسام".

ويضم برج الشروق الذي دمر بكامله مكاتب تلفزيون الأقصى وإذاعة صوت الأقصى التابعين لحركة حماس.

وارتفع عدد القتلى في قطاع غزة الى 65، بينهم 16 طفلا. ووصل عدد الجرحى الى 365، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

وأكدت حركة حماس مقتل عدد من قادتها. كما قتل ثلاثة فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة في مواجهات مع قوى أمن إسرائيلية.

وبدا الشارع الذي يقع فيه برج الشروق ساحة حرب بعد الغارة، وسط تصدع اسفلت الطريق وركام البرج وتضرر الأبنية المجاورة، بينما كانت بقايا دخان أسود تتصاعد من المكان.

وتواصلت الغارات طيلة يوم الاربعاء على أهداف مختلفة في القطاع المحاصر الذي يقطنه قرابة مليوني شخص، واستهدفت مراكز عدة لحركة حماس، وفق ما أفاد صحافيون في فرانس برس.

بدأ التصعيد الاثنين بعد مواجهات بين فلسطينيين وقوى الأمن الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة استمرت أياما، لا سيما في محيط المسجد الأقصى، على خلفية تهديد بإخلاء أربعة منازل لعائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود، وتسببت بإصابة أكثر من 900 فلسطيني و32 شرطيا إسرائيليا بجروح.

رغم تحذير مبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط تور وينسلاند الثلاثاء من أنّ العنف سيُفضي إلى "حرب شاملة"، فشل مجلس الأمن الذي عقد الأربعاء اجتماعا طارئا هو الثاني خلال ثلاثة أيام، مجدداً في تبني إعلان مشترك وسط استمرار معارضة الولايات المتحدة لأي نص، وفق ما نقل دبلوماسيون.

وكرر بلينكن في اتصال هاتفي مع نتانياهو دعوته إلى "إنهاء العنف".

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الأربعاء "الجيش سيواصل هجومه من أجل ضمان هدوء تام ودائم (...) يمكننا التحدث عن هدنة عندما نحقق هذا الهدف فقط"، في إشارة واضحة الى ضرورة وقف حماس تهديداتها بإطلاق الصواريخ.

كان العنف امتد مساء الثلاثاء إلى عدد من البلدات العربية الإسرائيلية، في ظاهرة لم تشهدها هذه المناطق منذ سنوات.

في مدينة اللد المجاورة لمطار بن غوريون الدولي حيث تم تعليق الرحلات الجوية موقتا، أعلنت حال الطوارئ بعد "أعمال شغب" قامت بها الأقلية العربية، على حد قول الشرطة الإسرائيلية. كما أعلنت الشرطة فرض حظر التجول في المدينة من الثامنة مساء بالتوقيت المحلي حتى الرابعة فجرا.

وافادت تقارير عن تجدد المواجهات مساء الاربعاء بين الأقلية العربية واليهود.

وشاهد صحافيون في فرانس برس الأربعاء في اللد كنيسا محروقا وسيارات متفحمة.

وندّد الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الأربعاء بما وصفه بأنه "اعتداء منظم ضد اليهود" نفذته "عصابة عربية متعطشة للدماء".

وتأججت الصدامات الثلاثاء في المدينة (47 ألف يهودي و23 ألف عربي) بعد مقتل عربي من سكانها بالرصاص.

ودعا الاتحاد الأوروبي الأربعاء إلى "وقف فوري" للعنف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية "لتجنب صراع أوسع"، في بيان صدر عن وزير خارجيته جوزيب بوريل.

ودعت فرنسا إلى بذل كل الجهود الممكنة لتجنب "نزاع دام".

ودعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إسرائيل والفلسطينيين إلى "ضبط النفس"، وحض على "وقف التصعيد بشكل عاجل".

كذلك، دعا الرئيسان الروسي والتركي إلى "خفض التصعيد"، وفق الكرملين.

ودعت موسكو أيضا إلى اجتماع للجنة الرباعية حول الشرق الأوسط.

ونظمت احتجاجات كبيرة تضامنا مع الفلسطينيين في عدد من دول العالم.