غزة: أدّت الضربات الجوّية الإسرائيليّة المكثّفة على قطاع غزّة وإطلاق الصواريخ منه في اتّجاه الدولة العبريّة إلى إزهاق مزيد من الأرواح على الجانبين مع تصاعد التوتّر وتنفيذ الضفّة الغربيّة المحتلّة بما فيها القدس الشرقيّة والوسط العربي داخل إسرائيل إضراباً شاملاً.

وعقد مجلس الأمن الدولي الثلاثاء جلسة جديدة حول النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني هي الرابعة في ثمانية أيّام، من دون التوصّل إلى إصدار بيان مشترك، في ظلّ إصرار واشنطن على أنّ النصّ لن يؤدّي إلى احتواء التصعيد، وفق دبلوماسيّين.

وقدّمت فرنسا مساء الثلاثاء، بالتنسيق مع مصر والأردن، مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وغزّة، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسيّة.

وأوضح الإليزيه أنّه خلال اجتماع بين الرئيسَين الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي اللذين انضمّ إليهما العاهل الأردني عبدالله الثاني عبر الفيديو، "اتّفقت الدول الثلاث على ثلاثة عناصر بسيطة" تتمثّل في أنّ "إطلاق (الصواريخ) يجب أن يتوقّف، وأنّ الوقت قد حان لوقفٍ لإطلاق النار، وأنّ مجلس الأمن الدولي يجب أن يتولّى" الملفّ.

وأكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء الإثنين "المضيّ في ضرب الأهداف الإرهابيّة". ومنذ بدء العنف بين الدولة العبريّة والفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة في العاشر من أيّار/مايو، قُتل 213 فلسطينيا، بينهم طبيبان وما لا يقلّ عن 61 طفلاً، إضافة إلى أكثر من 1400 جريح، حسب وزارة الصحّة الفلسطينيّة.

أمّا في الجانب الإسرائيلي، فارتفع عدد القتلى الثلاثاء إلى 12 بعد استهداف حماس تجمّع إشكول (جنوب) بالصواريخ ما أدّى إلى مقتل مواطنين تايلانديين يعملان في أحد المصانع وإصابة آخرين، في حين بلغ مجمل الإصابات 309 في إطلاق صواريخ من غزّة.

وتواصلت غارات سلاح الجوّ الإسرائيلي ليل الاثنين على قطاع غزّة. وبُعيد منتصف الليل، ألقت مقاتلات صواريخ عدّة على مبان في مدينة غزة متسبّبةً بانفجارات، على ما أفاد صحافيّو وكالة فرانس برس.

وقال نتانياهو خلال وجوده في إحدى القواعد الجوّية بجنوب إسرائيل إنّ حماس والجهاد الإسلامي "تلقّيتا ضربات لم تتوقعاها".

وأضاف "أعدناهم سنوات إلى الوراء (...) وسنواصل طالما كان ذلك ضروريا لإعادة الهدوء إلى مواطني إسرائيل".

وأعلن الجيش الإسرائيلي في تغريدة أنه أحصى تسعين عملية إطلاق صواريخ من قطاع غزة بين الساعة 19,00 الإثنين والساعة 7,00 الثلاثاء باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وأنه قصف "65 هدفا إرهابيا بواسطة 67 طائرة حربية".

وقال الجيش إنّ أكثر من 3000 صاروخ أطلِق من غزّة نحو الدولة العبرية منذ العاشر من الجاري.

وطال القصف الإسرائيلي الليلي منزلا من طبقتين.

وقال صاحب المنزل نظمي الدحدوح (70 عاما) "كنت نائما عندما أبلغني الجيران بتحذير الجيش، كانت ليلة عنيفة ومرعبة". أضاف "ما حصل قمّة الظلم، شرّدوني وعائلتي. هناك دمار وأضرار كبيرة في كل المنازل المجاورة".

وشن الطيران الإسرائيلي ليل الأحد الإثنين عشرات الغارات على غزة، ما ألحق أضرارا خصوصا بعيادة هي الوحيدة التي تجري فحوص كشف الإصابة بكوفيد-19 ومكاتب الهلال الأحمر القطري ومباني وزارة الصحّة في القطاع الفقير والمحاصر منذ حوالى 15 عاما.

وبعد إعادة فتح معبر كرم أبو سالم الثلاثاء ساعات محدودة بهدف إدخال مساعدات، أكدت وحدة تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) إغلاقه إثر إطلاق قذائف هاون في اتجاهه ونحو معبر إيريز.

على جبهة أخرى، أُطلِقت صواريخ عدّة مساء الإثنين من جنوب لبنان باتّجاه إسرائيل التي ردّت بإطلاق مدفعيّتها نحو مصادر النيران، حسب ما قالت مصادر أمنيّة في البلدين.

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الثلاثاء مقتل ثلاثة شبان متأثرين بجروحهم بعد "إطلاق الجنود الإسرائيليين الرصاص الحي" باتجاههم خلال مواجهات في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية.

وأشار الجيش الإسرائيلي الى إطلاق نار نحو جنود إسرائيليين خلال تظاهرة شمال مدينة رام الله أسفر عن إصابة اثنين منهم.

وعمّ الإضراب الشامل الثلاثاء مدن الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة والوسط العربي داخل إسرائيل استجابة لدعوات شعبية ورسمية "تضامنا مع قطاع غزة ورفضا للاحتلال الاسرائيلي".

وأعلنت الحكومة الفلسطينية تعطيل العمل الثلاثاء كي يتسنى للموظفين المشاركة في المسيرات في حين دعت حركة فتح في بيان الفلسطينيين للمشاركة في مسيرات وتظاهرات تنطلق من مراكز المدن وفي المواجهة "السلمية" مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الثلاثاء.

وأغلقت المتاجر الفلسطينية غير الأساسية في مدن الضفة الغربية والقدس الشرقية بما في ذلك في نقطة التوتر عند باب العامود المدخل إلى المدينة القديمة وحي الشيخ جراح.

وقالت المتظاهرة في رام الله آية دبور لفرانس برس "نحن هنا لرفع صوتنا والوقوف مع الناس في غزة الذين يتعرضون للقصف".

بدأ التصعيد مع صدامات جرت في القدس، ما دفع الفصائل المسلّحة، بينها حماس والجهاد الإسلامي، إلى إطلاق آلاف الصواريخ باتّجاه إسرائيل، وهي أعلى وتيرة إطلاق صواريخ تستهدف أراضي الدولة العبريّة.

وأجّجت قضيّة حيّ الشيخ جرّاح حيث يواجه عدد من العائلات الفلسطينيّة خطر إخراجها من منازلها لصالح جمعيّات استيطانيّة، النزاع وأدّت إلى التصعيد الحالي الذي توسّعت دائرته لتشمل المسجد الأقصى والضفة الغربيّة المحتلّة وقطاع غزّة.

وتُسَجّل داخل إسرائيل أعمال عنف غير مسبوقة، خصوصا في مدن "مختلطة" يُقيم فيها يهود وعرب بعد مقتل عربيّ على يد مستوطن الأسبوع الماضي.

الثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي إنه "أحبط" هجوما ضد جنوده في الخليل وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل المهاجم، ليرتفع عدد القتلى الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ العاشر من الشهر الجاري إلى 23 قتيلا.

في وقت تتعثر جهود التوصل لتهدئة، أعلن الإليزيه إجراء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي مباحثات عبر الفيديو مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، سعياً لوساطة في التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين "مع هدف تحقيق وقف إطلاق نار سريع وتجنّب توسع النزاع".

كذلك باشرت الأمم المتحدة بمساعدة قطر ومصر مبادرة ترمي إلى احتواء التصعيد.

واعتبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الثلاثاء أن النزاع بين إسرائيل وحماس يدفع المنطقة بكاملها "في الاتجاه الخاطئ"، داعيا الى الضغط على "جميع الأطراف" لوقف العنف.

ودعا وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل الثلاثاء الى "وقف فوري لكل اعمال العنف وتطبيق وقف لاطلاق النار" بين اسرائيل والفلسطينيين، وذلك إثر اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول الاعضاء في الاتحاد.

وصرح بوريل بأن "الهدف حماية المدنيين والسماح بايصال المساعدة الانسانية الى غزة"، مؤكدا أن هذا الموقف يحظى بدعم 26 من 27 دولة عضوا في الاتحاد الاوروبي، باستثناء المجر.

واعتبر أن "العدد المرتفع للضحايا المدنيين بمن فيهم النساء والاطفال، هو أمر غير مقبول".