إيلاف من دبي: بعد ساعات من بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في صباح 21 مايو الجاري، ظهر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في مقطع فيديو يشكر فيه إيران على تزويد الحركة بالمال والسلاح والتقنيات، التي طورت بها نظامها الصاروخي, وفقًا لتقرير نشره موقع "الحرة".

وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن الفصائل الفلسطينية أطلقت 4360 صاروخا من غزة خلال المواجهات الأخيرة، أصاب منها ما بين 60 و70 صاروخا مراكز سكنية بما يشير إلى أن معدل الدقة يبلغ نحو 15 في المئة. وسقطت صواريخ أخرى في مناطق مفتوحة لكنها أثارت الذعر ودفعت الإسرائيليين للتوجه على وجه السرعة إلى المخابئ.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن هذه الصواريخ إن لم تكن صناعة إيرانية بالكامل، فهي مزودة بمواد أو معدات زودتها إيران لهذه الجهات.

وفي الوقت الذي تتعثر فيه المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران للعودة للاتفاق النووي، يخشى مراقبون أن تزيد المواجهات الأخيرة في غزة الأمور تعقيدا، خاصة أن إسرائيل وبعض الدول العربية كانت تصر أن يتضمن الاتفاق الجديد وقف طهران لبرنامجها الصاروخي وتمويل الميليشيات، مؤكدين أن الأحداث الأخيرة تدعم موقفهم.

وبحسب "الحرة"، يرى المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، نورمان رول، أن دعم إيران للميليشيات والإرهاب الدولي ومنها حركة حماس، لن يكون له تأثير كبير على المفاوضات النووية.

وأضاف رول، كبير مستشاري منظمة "المتحدون ضد إيران النووية" أنه من غير المحتمل أن تتمكن إسرائيل أو الدول العربية من استخدام دعم إيران لحماس أو حزب الله أو الحوثيين لعرقلة التوصل إلى اتفاق نووي.

ولكنه أكد أن إسرائيل وبعض الدول العربية قد تستخدم الأحداث الأخيرة لكسب المزيد من الدعم الأميركي لجيشها لمحاربة وكلاء إيران، ولضمان أن يتبع الاتفاق النووي جهد دولي للحد من المغامرة الإقليمية لطهران.

كما استبعد الباحث في الشؤون الإيرانية، جعفر الهاشمي، أن يكون لهذه الأحداث تأثير على مفاوضات الاتفاق النووي. وأرجع ذلك "إلى عزم الولايات المتحدة على العودة إلى الاتفاق النووي مهما كان، للتفرغ لمواجهة الصين وروسيا".

وأوضح الهاشمي في تصريحات لموقع "الحرة" أن الخلاف بين واشنطن وطهران ليس حول العودة إلى الاتفاق بل على حجم العقوبات التي سيتم رفعها عن طهران والمسؤولين الإيرانيين.

كانت إيران وست قوى كبرى توصلت إلى اتفاق عام 2015، تم بمقتضاه رفع العديد من العقوبات المفروضة عليها، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلميتها. لكن الاتفاق تعثر منذ انسحاب واشنطن منه العام 2018 في ظلّ رئاسة دونالد ترامب. بسبب استمرار طهران في دعم الميليشيات في المنطقة وتطويرها برنامجها الصاروخي.

غير أنّ إدارة الرئيس جو بايدن ترغب في العودة إليه وتشارك في مفاوضات غير مباشرة مع إيران في فيينا. ومن المقرر أن تستأنف المحادثات بجولتها الخامسة في مستهل الأسبوع في العاصمة النمسوية.

وتهدف المباحثات التي أجريت أربع جولات منها حتى الآن، إلى عودة واشنطن إلى الاتفاق ورفع العقوبات التي أعادت فرضها على طهران، في مقابل عودة الأخيرة إلى التزاماتها بموجب الاتفاق، والتي تراجعت عن غالبيتها بشكل تدريجي بعد عام من الانسحاب الأميركي، بحسب "الحرة".

ولا يعتقد المستشار في العلاقات الدولية في مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية، ناصر زهير، أن توثر المواجهات الأخيرة على المفاوضات في فيينا بشكل كبير.

ولكنه أكد في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن هذه المواجهات ستطرح برنامج إيران الصاروخي ودعمها للميليشيات بشكل كبير جدا على طاولة المفاوضات، وقال: "إذا كانت واشنطن والدول الأوروبية تساهلت مع إيران في هذه النقاط في بداية المفاوضات، فإن الأمر سيكون أصعب وسيكون هناك تشديد أكبر لفرض قيود على برنامج طهران الصاروخي بعد هذه المواجهات".

كانت مواجهات عنيفة اندلعت بين إسرائيل وحركة حماس، عقب اشتباكات بين قوات الأمن الإسرائيلية ومصلين في المسجد الأقصى. وأسفرت المواجهات عن مقتل 248 شخصا في قطاع غزة.

وخلال هذه المواجهات، استهدفت الصواريخ التي أطلقتها حماس العديد من المدن الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا.

ودفعت الأحداث الأخيرة 42 عضوا من الجمهوريين في مجلس الشيوخ إلى مطالبة بايدن بإنهاء المفاوضات مع طهران، وأوضحوا أن العقوبات ستظل سارية بسبب التمويل الإيراني لحركة حماس.

من جانبه، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في تصريحات لقناة "أيه بي سي" أن إيران منخرطة في العديد من الأنشطة بما في ذلك تمويل الجماعات المتطرفة ودعم الإرهاب على نطاق أوسع، بالإضافة إلى دعم ميليشيات مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وأشار إلى أن إيران التي تمتلك سلاحًا نوويًا أو لديها القدرة على امتلاك سلاح في وقت قصير جدًا سوف تتصرف برعونة أكبر في حالة عدم التوصل إلى اتفاق نووي. مؤكدا أن هذا هو الأساس الذي سيتم البناء عليه عند التعامل مع باقي الملفات.

وأكد رول أن طهران رفضت مرارًا مناقشة القضايا الإقليمية أو الصاروخية مع المفاوضين. وقال: "تعتقد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أنه يجب التعامل مع القضية النووية بشكل منفصل لضمان عدم امتلاك إيران سلاح نووي أو القدرة على بنائه بسرعة".

وتابع: "بمجرد رفع العقوبات النووية، سيكون من الصعب فرض أي إجراءات اقتصادية قسرية لتغيير سلوك إيران في القضايا الإقليمية أو المتعلقة بالصواريخ".

وذكر زهير أن إسرائيل سترفض أي اتفاق نووي لا يتضمن برنامج إيران الصاروخي ودعم الميليشيات، وقال: "إسرائيل لا تستطيع عرقلة الاتفاق بشكل كبير، لكنه تستطيع رفض مضمون الاتفاق وعدم الإلتزام به".