إيلاف من لندن : تستعدّ مدينة أور الأثرية في محافظة ذي قار العراقية الجنوبية لاستقبال أكبر رحلة للحج تضمّ 13 ألف حاج مسيحي لزيارة مسقط رأس النبي إبراهيم وأداء الصلاة الإبراهيمية بينما ستبدأ 10 بعثات أجنبية التنقيب في مدن أور وأريدو ولارسا ومملكة لكش الأثرية بالمحافظة.

وقال مدير مفتشية آثار وتراث ذي قار عامر عبد الرزاق إنَّ "رئيس مؤسسة السياحة والحج المسيحي ريمو كبافاريني اتفق مع وزير الخارجية فؤاد حسين خلال زيارته الفاتيكان مؤخراً على تنظيم هذه الرحلات قريبا .. موضحا في تصريحات للصحيفة الرسمية العراقية "الصباح" وتابعتها "ايلاف" اليوم أنَّ "هذه الرحلة تعدّ أكبر رحلة حج مسيحي في التاريخ لمنطقة أور الأثرية مسقط رأس النبي إبراهيم إذ تضمّ 13 ألف حاج وستمهِّد لرحلات حجيج مسيحي منتظمة شهرياً".

وأشار إلى "اتخاذ الحكومة المحلية لمحافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) بالتنسيق مع مفتشية الآثار والحكومة المركزية خطوات مهمَّة لتأهيل مدينة أور استعداداً لهذه الرحلة والاخرى التي تليها تضمَّنت البدء بمشاريع تطوير الطرق المؤدّية إلى المناطق الأثرية المحيطة بينما يتمّ التخطيط لإنشاء مرافق خدمية بينها دور فندقية ومولات ومتنزهات. واشار الى ان "هذه الرحلات لها أهمية كبيرة في إنعاش واقع السياحة في المحافظة التي تضمّ أكبر المواقع الأثرية في العالم".

عمليات تنقيب
واوضح المسؤول الاثاري ان 10 بعثات تنقيب اميركية وفرنسية وألمانية وروسية وسلوفاكية إلى جانب البعثة الإيطالية العاملة الآن جرى الاتفاق معها على إجراء عمليات تنقيب في مدينتي تل زرغل ولارسا الأثريتين .. مبينا ان البعثات أجرت كشوفات على تلك المواقع ومن المؤمل أنْ يبدأ عملها في تشرين الأول اكتوبر المقبل ويستمرّ ثلاثة أشهر فيما ستبدأ بعثتان أميركية وألمانية عملهما خلال الفترة المقبلة في موقع تل الهباء "مملكة لكش" فضلاً عن البعثة الفرنسية المتخصصة بالتنقيب التي ستبدأ أعمالها أيضاً في مدينة كرسو الأثرية.

وكان وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي حسن ناظم قد أكد خلال زيارته محافظة ذي قار في أيار مايو الماضي أن من ضمن أولويات الوزارة تطوير الواقع السياحي في مدينة أور والأهوار الجنوبية عن طريق تنفيذ مشاريع قصيرة المدى توفر الاحتياجات الأساسية للسائح مثل االاستراحات والأكشاك والمرافق الخدمية والصحية لتتسنى الفرصة لمحاولة استقدام الأفواج السياحية لا سيما بعد زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس الاول الى العراق في مطلع آذار مارس الماضي والتي شملت مدينة اور الاثرية في محافظة ذي قار وكذلك مدن بغداد والنجف وأربيل والموصل وكذلك سهل نينوى ضمن محافظة نينوى المنكوبة شمالي العراق حيث أسهمت في تسليط الضوء على ما يعانيه المسيحيون في العراق.

وزار بابا الفاتيكان أحد أقدم الكنائس التاريخية التي تعرضت للتدمير خلال اجتياح تنظيم "داعش" لمدينة الموصل وهي كنيسة حوش البيعة حيث التقى بحشود من العراقيين من مختلف الطوائف قبل أن يتجول في المكان ويطلّع على حجم الدمار الحاصل في المنطقة ثم انتقل إلى بلدة قرقوش التاريخية في قضاء الحمدانية ضمن سهل نينوى حيث أقيمت الصلاة على أرواح ضحايا الإرهاب في كنيسة الطاهرة.

ودعا البابا في كلمة له مسيحيي الموصل الى العودة إليها معتبراً أن "التناقص المأساوي في أعداد تلاميذ المسيح هنا وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط إنّما هو ضرر جسيم لا يمكن تقديره". وقال "نرفع صلاتنا ترحماً على ضحايا الإرهاب".. مشيرا الى أن ملامح الحرب واضحة على الموصل.

وقبيل زيارة البابا لمدينة اور الاثرية فقد تم تأهيل البنية التحتية في المدينة أور الأثرية بما في ذلك الطرق والتيار الكهربائي وشبكات الاتصال والممرات الداخلية للمدينة وفعلا فقد ظهرت "الزقورة" بشكل جديد بعد إنارتها استعداداً لزيارة البابا وهي المرة الأولى التي ينار فيها هذا المعلم الأثري.

يشار الى ان تاريخ مدينة أور الأثرية يعود إلى أكثر من 4500 عام قبل الميلاد وكانت عاصمة لأكبر وأعظم إمبراطورية شهدها العراق القديم وحكمت ما يقارب 2111-2006 قبل الميلاد وتعتبر واحدة من أقدم وأكبر المعابد والمتاحف المعمارية الباقية من الحضارات السومرية القديمة.

وتم بناء "زقورة أور" وهي عبارة عن معبد مدرج من قبل الملك أورنمو من سلالة أور الثالثة حوالي عام 2100 قبل الميلاد وكانت مخصصة لعبادة آله القمر "نانا" بحسب مؤرخين.

وكانت طائرة البابا قد هبطت في 6 آذار في مطار الناصرية الدولي بمحافظة ذي قار بعد إقلاعها من مدينة النجف وبحضور وفد كنسي وشخصيات سياسية ودينية من ممثلي الأديان والطوائف في العراق وفي مؤتمر صحافي موسع أكد المتحدث باسم الحكومة وزير الثقافة حسن ناظم أن الزيارة تعد محطة حوار أديان بمدينة أور وفرصة للقاء اتباع الأديان العراقية هناك من مسلمين ومسيحيين وصابئة مندائيين وإيزيديين.

ووصل البابا أور التي يوجد فيها "بيت النبي إبراهيم" وسط حضور لعدد من ممثلي الأديان والطوائف حيث ألقى كلمته التاريخية التي قال في جزء منها "نحن أحفاد إبراهيم ولا يمكن لأحدنا العمل بمعزل عن الآخر، ولقاء الأديان للتوحيد والإيمان بدأ من هنا، وإبراهيم بدأ من أور وأصبح أبا لجميع ألاديان".

وفي معتقد البابا أن هناك حجا مسيحيا وهو الحج الأكبر الذي يبدأ من موطن النبي إبراهيم وينتهي بكنيسة القيامة في القدس.