بيروت (لبنان): انتهى اجتماع عقد في مقر إقامة رئيس البرلمان اللبناني الجمعة لبحث رفع الحصانة عن ثلاثة نواب تمهيداً للادعاء عليهم في قضية تفجير مرفأ بيروت، بمطالبة القضاء تزويد مجلس النواب بأدلة "تثبت الشبهات" على المدعوين للاستجواب، وفق ما أفاد نائب رئيس البرلمان.

وتسبّب انفجار مروّع في الرابع من آب/أغسطس، عزته السلطات الى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بلا اجراءات وقاية، بسقوط أكثر من مئتي قتيل وإصابة أكثر من 6500 عدا عن تدمير أحياء عدة. وتبيّن أن مسؤولين على مستويات سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزينها من دون أن يحركوا ساكناً.

وأعلن المحقق العدلي في القضية القاضي طارق بيطار الأسبوع الماضي توجيه كتاب الى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة عن ثلاثة وزراء سابقين، هم النواب علي حسن خليل (المال)، غازي زعيتر (الأشغال) ونهاد المشنوق (الداخلية) "تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم" بـ "جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل" إضافة "إلى جنحة الإهمال والتقصير" لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الامونيوم "ولم يتخذوا اجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار".

وإثر اجتماع عقدته هيئة مكتب البرلمان مع لجنة الإدارة والعدل النيابية في مقر رئيس البرلمان نبيه بري في عين التينة، قال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لصحافيين إن الاجتماع انتهى "بوجوب طلب خلاصة عن الأدلة الواردة بالتحقيق وجميع المستندات والأوراق التي من شأنها إثبات الشبهات.. للتأكد من حيثيات الملاحقة".

وقال إن اجتماعاً آخر سيعقد "فور تزويدها بالجواب المطلوب" من بيطار لاستكمال البحث وإعداد تقرير يُرفع الى البرلمان تمهيداً للبتّ بطلب رفع الحصانة.

وقال المحامي نزار صاغية، المدير التنفيذي للمفكرة القانونية، وهي منظمة غير قانونية تُعنى بشرح القوانين، لفرانس برس إن طلب البرلمان هو "تعد على فصل السلطات.. ومحاولة للحلول مكان القضاء".

وأكّد أن في الطلب "خرقاً لسرية التحقيق" إذ أنّه "ليس مطلوباً من النواب أن يدققوا في مدى صحة الدعوى ضدهم. إنّه مسّ بفصل السلطات".

وتزامناً مع انعقاد الاجتماع، تصدّر وسم "أسقطوا الحصانات الآن" تويتر، بينما نفّذ أهالي ضحايا المرفأ وقفة احتجاجية قرب مقر بري، تخللها تدافع مع القوى الأمنية التي منعت اقترابهم من مكان الاجتماع.

وقال إبراهيم حطيط، وهو متحدث باسم أهالي الضحايا، لصحافيين "يجب رفع الحصانات فوراً" واصفاً ما يجري بـ"المعيب جداً أمام حجم الجريمة".

وأضاف "جئنا نسمعهم صوتنا ونقول لهم نحن موجوعون.. 11 شهراً مروا حتى يفكروا بأخذ قرار؟".

بعدها، انتقل الأهالي إلى وزارة الداخلية في الحمرا، احتجاجاً على مضمون تقارير إعلامية محلية افادت عن أن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمّد فهمي امتنع عن منح بيطار الإذن لملاحقة المدير العام لقوى الأمن العام عباس ابراهيم في القضية ذاتها.

ولم يصدر أي تأكيد أو نفي عن مكتب فهمي، فيما أكّد إبراهيم في بيان الجمعة إنه "تحت سقف القانون"، داعيا في الوقت ذاته الى العمل "بعيداً من الحسابات السياسية الضيقة أو الاستثمار السياسي".

الى جانب النواب الثلاثة ووزير سابق، طلب بيطار إذناً لملاحقة قادة أمنيين وعسكريين حاليين وسابقين، بينهم إبراهيم. كما حدد موعداً لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.

وأطاح الادعاء على مسؤولين سياسيين بسلف بيطار، القاضي فادي صوان. وندد حقوقيون حينها بعزله، منتقدين وضع الطبقة السياسية "خطوطاً حمراء" لعمله.

ورفض لبنان إجراء تحقيق دولي، لكن محققين أميركيين وفرنسيين شاركوا في التحقيقات الأولية بشكل مستقل. وطالبت 53 منظمة حقوقية، فضلاً عن 62 شخصاً من الناجين وعائلات الضحايا، منتصف الشهر الماضي، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بـ"إنشاء بعثة تحقيق دولية ومستقلة ومحايدة، من قبيل بعثة لتقصي الحقائق لمدة سنة".

وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أنها وثقت "عيوب عدة في التحقيق المحلي ما يجعله غير قادر على إحقاق العدالة بمصداقية"، بينها "التدخل السياسي السافر، والحصانة للمسؤولين السياسيين الكبار، وعدم احترام معايير المحاكمات العادلة".