قندهار (أفغانستان): يحاول سكان لشكركاه في جنوب أفغانستان الفرار الأربعاء هربا من هجوم مضاد للجيش الأفغاني لطرد حركة طالبان التي باتت تهاجم مدنا رئيسية في البلاد.

والأربعاء تسبب لغم انفجر على جانب طريق في كابول في إصابة ثلاثة أشخاص بجروح بحسب الشرطة، غداة هجوم انتحاري قرب منزل وزير الدفاع أعلنت حركة طالبان مسؤوليته عنه .

في لشكركاه عاصمة ولاية هلمند أحد معاقل المتمردين حيث دارت بعض من أشرس المعارك خلال انتشار القوات الأجنبية مدة عشرين عاما، يحاول السكان مغادرة المدينة الأربعاء تلبية لتوجيهات الجيش.

وقال حليم كريمي أحد سكان المدينة "غادرت العائلات التي تملك المال أو سيارة، منازلها. لكن العائلات التي لا تملك الوسائل كما الحال معنا، فبقيت في ديارها. لا نعرف إلى أين نتوجه وبأي طريقة".

وأكد صالح محمد وهو مقيم آخر في المدينة "لا سبيل للهروب من المنطقة لأن المعارك متواصلة. لا ضمانة لنا بأننا لن نقتل على الطريق. الحكومة وحركة طالبان تدمراننا".

ثمن باهظ

ويدفع المدنيون العالقون في القتال، الثمن باهظا في لشكركاه البالغ عدد سكانها 200 ألف نسمة. فقد قتل ما لا يقل عن 40 مدنيا وأصيب 118 في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة على ما أعلنت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان.

ودعا الجنرال سامي سادات كبير ضباط الجيش الأفغاني في جنوب البلاد في رسالة مسجلة بثها عبر وسائل الاعلام، السكان الثلاثاء إلى مغادرة المدينة تحسبا لهجوم مضاد للقوات الحكومية.

وقال "نناشدكم مغادرة منازلكم في أقرب وقت ممكن. سنواجه (المتمردين) وسنقاتلهم بشراسة" متوعدا "ألا يبقى أي عنصر من حركة طالبان على قيد الحياة".

وهز انفجاران قويان كابول مساء الثلاثاء فصلت بينهما ساعتان. وقتل ثمانية أشخاص على الأقل وجرح 20 تقريبا في حصيلة جديدة لهذا الهجوم أصدرتها وزارة الداخلية الأفغانية صباح الأربعاء.

فقد انفجرت آلية مفخخة يقودها انتحاري أولا أمام منزل نائب مجاور لمنزل وزير الدفاع الجنرال باسم الله محمدي الذي لم يصب في الاعتداء. وتمكن معتدون عدة بعد ذلك من دخول منزل النائب على ما أفادت مصادر أمنية عدة.

تبادل لإطلاق النار

واحتاجت القوى الأمنية إلى ساعات عدة لإخراج المهاجمين الذين قتلوا جميعا، أحدهم في انفجار الآلية وثلاثة آخرون في تبادل لإطلاق النار على ما ذكرت وزارة الداخلية.

ووقع الهجوم قرب المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم خصوصا القصر الرئاسي والسفارات وهو يجسد مرة أخرى الصعوبات التي تواجهها الحكومة المترنحة أمام الهجمات المنسقة لحركة طالبان في كل أرجاء البلاد.

وأعلنت حركة طالبان الأربعاء مسؤوليتها عن الهجوم متوعدة مسؤولين حكوميين كبارا بهجمات جديدة.

وقال الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في بيان "الليلة الماضية (الثلاثاء) شنت مجموعة من المجاهدين المجهزين بأسلحة خفيفة وثقيلة هجوما انتحاريا على مقر إقامة وزير الدفاع". وأوضح أن هذا الهجوم هو "بداية عمليات انتقامية" مقبلة ضد مسؤولين حكوميين.

واستولت حركة طالبان في الأشهر الثلاثة الأخيرة على مناطق ريفية شاسعة ومعابر حدودية رئيسية خلال هجوم خاطف باشرته مع بدء انسحاب القوات الأجنبية الذي ينبغي أن ينجز بحلول 31 آب/اغسطس.

وبعدما لاقت مقاومة خفيفة في الأرياف، انتقلت حركة طالبان قبل أيام للتركيز على المدن الكبرى محاصرة عدة عواصم ولايات. ولا تزال هذه المدن تحت سيطرة الجيش إلا أن سقوط إحداها سيخلف أثرا معنويا مدمرا للسلطة.

تتواجه حركة طالبان منذ أيام عدة مع القوات الحكومية قرب قندهار أيضا في جنوب البلاد وفي هرات في الغرب، ثاني وثالث أكبر مدن البلاد.

وأعلنت سلطات ولاية هرات الثلاثاء أن القوات الأفغانية استعادت مناطق عدة في ضواحي عاصمة الولاية من حركة طالبان التي كانت تقدمت في الأيام الأخيرة إلى مشارف المدينة.

ومساء الاثنين في هرات ومساء الثلاثاء في كابول، صعد مواطنون أفغان إلى الأسطح أو نزلوا إلى الشوارع هاتفين "الله أكبر" دعما للجيش وتعبيرا عن رفضهم لحركة طالبان.

ويثير احتمال عودة حركة طالبان إلى السلطة قلق عدد كبير من الأفغان. وكانت الحركة حكمت البلاد بين 1996 ونهاية العام 2001 قبل أن يطيح بحكمها المتشدد جدا تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة بعد رفضها تسليم أسامة بن لادن إثر هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة.