جوبا: اندلعت معارك طاحنة السبت بين فصائل متناحرة داخل الذراع العسكرية للحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار بعدما قال خصومه في الحزب أنهم اطاحوا به، في تطور جديد في تاريخ هذا البلد الفتي المضطرب.

واندلعت الاشتباكات بعدما أعلن خصوم رياك مشار هذا الأسبوع أنهم عزلوه من رئاسة الحزب وجناحه العسكري فيما اعتبر حلفاء مشار أن ما حصل "انقلاب فاشل".

وقد يشكل القتال ضغطا إضافيا على اتفاق السلام الهش الذي أبرم في 2018 لتقاسم السلطة بين مشار وخصمه القديم الرئيس سلفا كير. وقد انهى هذا الاتفاق حربا أهلية دامية في أحدث دولة في العالم واسفر عن حكومة ائتلافية.

وتبادل الفصيلان الاتهامات حول من بادر إلى أعمال العنف السبت التي قتل فيها 32 شخصا على الأقل في ولاية أعالي النيل الحدودية مع السودان.

وقال الناطق العسكري باسم نائب الرئيس السوداني الكولونيل لام بول غابريال إن جنودا بقيادة الجنرال سايمن غاتويتش دوال المنافس في الحزب شنوا هجوما صباح السبت على رجال مشار الذين "صدوا المعتدين".

وأضاف أن قوات مشار قتلت جنرالين كبيرين وأكثر من 27 من جنود "العدو" وخسرت من جهتها ثلاثة عناصر.

إلا ان الناطق العسكري باسم غاتويش الجنرال وليام غاتجياث دينغ أصدر نفيا قال فيه إن قواتهم ردت على استفزاز غير مبرر "وقضت كليا" على المهاجمين ما أدى إلى مقتل 28 من رجال مشار فيما قتل أربعة "مقاتلين من أجل الحرية" في صفوف قواتهم.

وأكد كل من الطرفين الانتصار فيما تعذر التأكد من صحة ذلك على الفور.

وأشار غابريال إلى أن دوال وضابطا كبيرا آخر نقلا عبر الحدود إلى السودان، وطلبا من اتباعهما العودة إلى صفوف قوات مشار.

وأضاف في بيان "تطلب قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان من حكومة جنوب السودان المحافظة على حيادها من خلال ابقائهما في السودان وعدم السماح لهما بالعودة والتسبب بمزيد من انعدام الأمن في المنطقة".

ويأتي هذا الانقسام السياسي فيما تواجه البلاد عدم استقرار مزمنا وكارثة اقتصادية ومستويات عالية للغاية من انعدام الأمن الغذائي هي الأسوأ منذ الاستقلال قبل عشر سنوات، مع مواجهة عشرات آلاف الأشخاص ظروفا ترقى إلى المجاعة.

وقالت الأمم المتحدة الجمعة إن 90 ألف شخص تضرروا من الفيضانات في ولاية جنقلي بعد تساقط أمطار طوفانية.

وقال قادة الجناح العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة مشار الأربعاء، إنهم عزلوا الأخير لفشله في تمثيل مصالحهم.

وأوضح هؤلاء إن مشار "فشل كليا" في إظهار حس قيادي وأضعف بشكل كبير موقف الحزب في الحكومة الائتلافية التي شكلت بعد انتهاء الحرب بين الطرفين المتنازعين في مطلع العام 2020.

غير أن حلفاء مشار أعلنوا الجمعة إن إقالته هي "انقلاب فاشل" مشددين على أنه لا يزال يسيطر كليا على الحزب. وكان مشار نفسه اتهم هذا الأسبوع "الذين يفسدون السلام" بتدبير الإطاحة به.

وحض ناشطون في المجتمع المدني الطرفين على الجلوس الى طاولة المفاوضات قبل أن يتدهور الوضع.

وقال إدموند ياكاني من منظمة "كوميونيتي امباورمنت فور بروغرس" ومقرها في جوبا "ينبغي على الأطراف المتخاصمين وقف المواجهات العسكرية فورا وحل خلافاتهم بعيدا عن العنف".

وأضاف "سئم سكان جنوب السودان من العنف المسلح".

وثمة دعوات إلى انتفاضة شعبية سلمية للاطاحة بالنظام الحالي ووضع حد للأزمة السياسة والاقتصادية المزمنة.

وأوقف ناشطان بارزان على الأقل الاثنين بعدما وقعا إعلانا صادرا عن ائتلاف لمجموعات من المجتمع المدني يدعو إلى استقالة كير ومشار.

ويشغل مشار منصب نائب الرئيس، بينما يتولى غريمه سلفا كير الرئاسة. ويدير الطرفان البلاد حالياً في تعايش صعب بعدما تواجها خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد منذ العام 2013 وخلّفت نحو 400 ألف قتيل.

وكجزء من اتفاق السلام الموقع في 2018، انضم مشار مجددا في شباط/فبراير 2020 الى حكومة وحدة وطنية، إلا أن التشكيك المتبادل تواصل وبدأت تظهر انشقاقات سريعا بسبب الفشل في تنفيذ الكثير من بنود الاتفاق.

واعتبر مشار أن الهدف من المشاكل الأخيرة هو عرقلة تشكيل قيادة موحدة للقوات المسلحة، وهي عنصر أساسي في اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية التي استمرت خمس سنوات.