إيلاف من بيروت: يواجه آلاف من مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا الشهر المقبل، خطر فقدان المنافع التي يتمتعون بها، إذا لم يتقدموا بطلب لتسوية إقامتهم، والحصول على وضع مستقر، يتيح لهم مواصلة العيش في المملكة المتحدة.

في غضون ذلك، نبّه ناشطون إلى أن قرار الحكومة البريطانية قطع تلك المستحقات عن المواطنين الأوروبيين - في وقت لا يزال كثيرون منهم يجهلون أنه عليهم التقدم بطلب من أجل الحصول على وضع مستقر بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي - قد يدفع بالفئة الضعيفة منهم إلى الوقوع في براثن فقر مدقع.

70 ألف مستفيد

وبحسب تقرير نشره موقع "اندبندنت عربية" فإن هناك نحو 70 ألف مواطن أوروبي في بريطانيا يتلقون منافع من الحكومة، لم يتمكنوا من تقديم طلباتهم إلى "مخطط تسوية أوضاع المواطنين الأوروبيين" قبل وقت قصير من الموعد النهائي المحدد في نهاية شهر يونيو (حزيران).

وتكشف رسالة داخلية صادرة عن وزارة العمل والمعاشات التقاعدية، تمكنت صحيفة "اندبندنت" من الاطلاع عليها، عن أنه سيتم توجيه خطابات تحذير نهائية في شهر سبتمبر (أيلول) إلى الأوروبيين المطالبين بمواصلة حصولهم على المزايا والمنافع البريطانية، والذين لم يتقدموا بطلباتهم بعد إلى "مخطط تسوية أوضاع مواطني الاتحاد الأوروبي" EU settlement scheme (EUSS).

وسيتم على أثر ذلك منح المجموعة المتخلفة عن الموعد النهائي، شهراً واحداً للتسجيل المتأخر في البرنامج، قبل قطع مستحقات أفرادها من المدفوعات.

الناشطون يتخوفون

إلا أن الناشطين، وعلى الرغم من قرار الحكومة السماح بالنظر في الطلبات المتأخرة المقدمة بموجب المخطط، يتخوفون من أن تكون هناك شريحة من المواطنين الأوروبيين - بمن فيهم الفئة المستضعفة التي تجد صعوبةً في التعامل مع الإجراءات الورقية، أو ليست على معرفة وافية باستخدام تكنولوجيا المعلومات - في حال من العتمة والجهل، لجهة عدم التمكن من الوصول إليهم منذ انقضاء الموعد النهائي.

وفي هذا السياق، وجهت مجموعة حملة "ذي ثري مليون) The3million "أكبر منظمة حملات لمواطني الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة، تشكلت بعد استفتاء عام 2016 في بريطانيا لحماية حقوق الأوروبيين الذين اتخذوا من المملكة المتحدة موطناً لهم) خطاباً إلى وزيرة الدولة لشؤون العمل والمعاشات التقاعدية تيريز كوفي، تحضها فيها على إعادة التفكير في خطة قطع الإعانات في الخريف المقبل.

وقال لوك بايبر، رئيس السياسات في المجموعة للوزيرة، "لدينا قلق كبير من أن عدداً كبيراً من مواطني المنطقة الاقتصادية الأوروبية أو المواطنين السويسريين، سيواجهون خطر إلغاء مستحقاتهم من المنافع، ما سيدفع بهم إلى حال من الفقر المدقع"، وفقًا لموقع "إندبندنت عربية".

نهاية حتمية

وأضاف، "نستنتج من خلال المراسلات المتبادلة، أن هذه النهاية ستكون نتيجةً حتمية لسياسة الحكومة التي ستنعكس سلباً على الأشخاص الذين يعيشون في ظروف حرجة". وتابع، "إننا نثمن تخفيض العدد المقدر للمواطنين (الأوروبيين) الذين لم يتقدموا بطلباتهم، والذي يتجاوز عددهم 100 ألف شخص، إلى نحو 70 ألفاً خلال شهر يونيو من عام 2021".

وقال بايبر، "نطالب بإعادة النظر في هذه السياسة على وجه السرعة، وعدم منع هؤلاء المواطنين من مستحقاتهم، كما نطلب منك التأكد من أن يتم العمل على تحديد كل شخص لم يتقدم بطلب إلى مخطط التسوية، ودعمه بشكل فردي كي يقوم بذلك".

أما الدكتورة دورا أوليفيا فيكول، الرئيسة التنفيذية لـ"مركز حقوق العمل" Work Rights Centre الذي يدعم العمال المهاجرين من الاتحاد الأوروبي، فأعربت عن "قلقها الشديد" من الضغط الذي تمارسه وزارة العمل والمعاشات التقاعدية لوقف مستحقاتهم.

ونبهت إلى أن آلاف الأشخاص قد يتأثرون من قرار قطع المستحقات عنهم، على الرغم من الجهود التي قامت بها الحكومة لتحذيرهم، مشيرة إلى أن "هناك بعض الأشخاص الذين يخشون فتح رسائلهم البريدية لأنهم يشعرون بالقلق من تلقي رسالة من الحكومة، في حين أن البعض الآخر لا يستطيعون فهم اللغة الإدارية ويعتمدون على مساعدة الأسرة أو الأصدقاء أو المستشارين لتفسيرها، إضافة إلى ذلك، يوجد أفراد من الذين يجهلون التعامل مع تكنولوجيا المعلومات، بالتالي من غير المنطقي أن نتوقع من كل شخص كان عليه التقدم بطلب أن يكون قد أقدم على ذلك بالفعل".

تسوية أوضاع

يشار إلى أن "مخطط تسوية أوضاع مواطني الاتحاد الأوروبي" في المملكة المتحدة قد أطلق في مارس (آذار) من عام 2019. وطالب جميع مواطني الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية وأفراد أسرهم الذين يعيشون في بريطانيا، بالتقدم بطلب بحلول الثلاثين من يونيو 2021، كي يتمكنوا من الحفاظ على حقوقهم في المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من كتلة الاتحاد الأوروبي.

وادّعت فيكول أن قرار قطع المستحقات قد نشأ نتيجة "إصرار" وزارة الداخلية البريطانية على إجبار جميع المواطنين الأوروبيين في المملكة المتحدة على التقدم بطلب إلى المخطط من أجل الحفاظ على حقوقهم.

وأضافت أن الحكومة رفضت دعوات لها من ناشطين إلى "استخلاص العبر من "فضيحة ويندروش" (فضيحة سياسية بريطانية حدثت في عام 2018، تتعلق باحتجاز أشخاص من الكاريبي خطأً، وحرمانهم من حقوقهم القانونية وترحيل نحو 83 منهم خطأً على يد وزارة الداخلية) واعتماد نظام توضيحي يكون أكثر تساهلاً"، كما جاء في "إندبندنت عربية".

تعليق المنافع

لم تكشف وزارة العمل والمعاشات التقاعدية عن عدد الرسائل التي يتوقع أن تبعث بها إلى الأوروبيين المطالبين بمواصلة تلقيهم مستحقات المنافع في سبتمبر، لكن صحيفة "تايمز" ذكرت في أواخر يونيو أن 70 ألف مواطن أوروبي من الذين يحصلون على تلك المزايا، لم يتقدموا بعد بطلب الحصول على وضع مستقر، بعد أن قامت الوزارة في بداية الأمر بتحديد مجموعة من 130 ألف مواطن.

وفي عودة إلى الرسالة الداخلية التي اطلعت عليها صحيفة "اندبندنت"، فإنها تنص على أن المنافع - بما فيها مساعدات الإسكان وإعانات الائتمان الشامل (تمنح شهرياً لذوي الدخل المنخفض أو للعاطلين عن العمل لمساعدتهم على تحمل تكاليف معيشتهم ومزايا الإسكان) - سيتم "تعليقها" إذا لم يتقدم الذين لم يسجلوا بعد في المخطط بطلب في غضون شهر واحد من إصدار الرسالة الموجهة لهم في شهر سبتمبر. وتذكر الرسالة أيضاً أنه بمجرد تعليق استحقاقاتهم، سيكون لدى المطالبين بها شهر إضافي لتقديم طلب إلى مخطط تسوية الأوضاع.

وفي حال عدم تقدم هؤلاء بطلباتهم خلال هذا الشهر، فإن جميع المطالبات المتعلقة بالمستحقات "ستتوقف... لأنه سيتم التعامل معهم على أساس أنهم أفراد خاضعون لرقابة دوائر الهجرة".

حماية حقوق المعرضين للاستبعاد

أكد متحدث باسم الحكومة أن الرسائل ستتضمن شرحاً "شديد الوضوح" للدعم المتاح للأشخاص المتقدمين بطلبات متأخرة، مشيراً إلى أنه تم وضع ضمانات لحماية حقوق الأفراد المعرضين لخطر الاستبعاد، والذين قد يكونون مؤهلين للحصول على تسوية وضعهم.

وأضاف أن "تسوية الوضع تمنح لآلاف الأشخاص كل يوم، من خلال خطة تسوية أوضاع مواطني الاتحاد الأوروبي التي حققت نجاحاً بارزا"، مشيراً إلى أن "الحكومة تواصل مساعيها الحثيثة من خلال استخدام جميع القنوات المتاحة لتشجيع الأفراد المؤهلين على التقدم بطلباتهم للحصول على وضع الهجرة المستقر الذي يحق لهم الحصول عليه".

يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه محامو الهجرة لإطلاق إجراءات قانونية تطعن في قرار وزارة الداخلية منع بعض أفراد عائلات المواطنين الأوروبيين من الانضمام إلى أقاربهم الذين يعيشون في المملكة المتحدة.

وفي ما يتعلق برسائل وزارة الداخلية الموجهة إلى 10 مواطنين أوروبيين، والتي تمكنت صحيفة "اندبندنت" من الاطلاع عليها، فقد أبلغتهم فيها أن أقاربهم - بمن فيهم الأشقاء وأبناء عمومتهم - لن يحصلوا على "إذن عائلي" بالانضمام إليهم في بريطانيا، لأن الموعد النهائي للم الشمل قد انقضى الآن.

أوضحت وزارة الداخلية يوم الجمعة الماضي أن أفراد الأسرة الذين يتقدمون في وقت متأخر للحصول على تصريح عائلي بموجب مخطط التسوية، سيحصلون على وضع الحقوق "المحمية لفترة موقتة" مدتها ثلاثة أشهر، إلى حين البت في أي استئناف.

رفض الأذونات العائلية

لكن الناشطين في هذا المجال ما زالوا غاضبين من رفض طلبات كثيرين الحصول على أذونات عائلية - على الرغم من أن "اتفاق الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي" ينص على أن أفراد الأسرة الممتدة (التي تمتد خارج الأسرة النواة) الذين هم "معالون أو يعيشون في منزل أسرة" مواطني الاتحاد الأوروبي، تحق لهم هم أيضاً في الإقامة في بريطانيا.

ورجح بايبر، وهو من مجموعة "الـ3 ملايين"، أن يكون هناك "آلاف عدة" من الأشخاص العالقين في "عالم النسيان الغريب" هذا - وقال إنه يتوقع من محاميهم أن يباشروا في اتخاذ إجراءات قانونية ضد الحكومة.

تبقى الإشارة إلى أن الحكومة البريطانية كشفت بعد وقت قصير من انتهاء المهلة المحددة في يونيو الماضي، عن تلقيها ما يزيد قليلاً على 6 ملايين طلب ضمن مخطط التسوية، وعن منح موافقتها على 5 ملايين و400 ألف طلب - ما يعني أنه ما زال هناك قرابة 600 ألف طلب متراكم لدى وزارة الداخلية.