إيلاف من لندن: حذّرت الأمم المتحدة العراقيين من خطورة مقاطعتهم لانتخاباتهم المقبلة معتبرة ان ذلك سيكون هدية لمن يعارضوهم وقالت ان المخاوف من التزوير مبررة داعية الأحزاب إلى عدم شراء الولاءات وقمع الناخبين.
وخلال احاطة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت الى مجلس الأمن الدولي مساء الاربعاء فقد اشارت الى أن عدد موظفي الأمم المتحدة المنخرطين في الانتخابات العراقية المقررة في العاشر من تشرين الاول اكتوبر المقبل هو خمسة أضعاف العدد الذي عمل في انتخابات عام 2018.
واضافت انه بموازاة ذلك، تتسارع استعدادات الأمم المتحدة للمراقبة حيث تم التعاقد مع معظم أعضاء فريق التحضيرات ويتم إيفادهم إلى بغداد في هذه الأثناء وسوف تتبعهم قريباً الفرق الإقليمية المتوقع تواجدها على الأرض في الأسبوع الأول من أيلول سبتمبر المقبل حيث ستمهد هذه الفرق الإقليمية الطريق لوصول خبراء لمدد قصيرة.

الشفافية والنزاهة

واكدت ان مسؤولية إجراء انتخابات ناجحة لا تقع حصراً على عاتق مفوضية الانتخابات "ولذلك فنحن ندعو باستمرار جميع الأطراف المعنية (بما في ذلك مسؤولي الحكومة والأحزاب والمرشحين والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والناخبين) إلى الالتزام بانتخابات تتسم بالشفافية والنزاهة – قولاً وفعلاً".

مخاوف من التزوير

ونوهت الى انه ليس من المستغرب أن "يتم التعبير عن الخوف من التزوير الانتخابي من قبل العديد من الأطراف.. من قبل المواطنين العراقيين وكذلك من قبل الأحزاب السياسية وإذا رجعنا بذهننا إلى الأحداث التي جرت في الماضي، فسنجد أن لهذا الخوف ما يبرره".
وقالت أن نؤكد أن الأحزاب السياسية ذاتها هي التي يمكنها إجراء هذه الانتخابات أو تعطيلها وبغض النظر عن أعداد التدابير الفنية الموضوعة، فإن الأمر متروك لها لكي تنأى بشكل جماعي عن أي محاولة لفرض نتائج الانتخابات أو تشويهها والأمر متروك لها لوقف شراء الولاءات وقمع الناخبين و/أو غير ذلك من الأعمال المتعمّدة وغير القانونية وهي التي يجب أن تكون المثال الذي يحتذى به جماعياً فمن شأن طرف سيء واحد أن يفسد كل شيء على البقية.

نظريات المؤامرة

واشارت بلاسخارت الى ان ثمة مسألة أخرى هي أن المعلومات المضللة – بل حتى نظريات المؤامرة – لاتزال تخلق تصورات خاطئة، ولكنها مقبولة.
وعبرت عن الاسف لان المعلومات المضللة منتشرة بكثرة وعلى نطاق واسع عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وعن المتظاهرين وعن مسؤولي الحكومة وعن الخصوم السياسيين ونعم، أيضاً عن الأمم المتحدة.
واعتبرت ان "ادعاءات البعض دون وجه حق بأننا ندعو بطريقة ما إلى تأجيل هذه الانتخابات فإن هذا القول عبثي".
وشددت على ان الانتخابات المقبلة ستكون أساسية لمستقبل العراق فهي وسيلة لتحقيق غاية تتمثل بتحسين الإدارة لبناءِ عراقٍ أكثرُ أماناً وازدهاراً وعدلاً.

مسؤولية النجاح

وأكدت المسؤولة الاممية على "أن مسؤولية إنجاح الانتخابات المقبلة تقع على عاتق الأطراف العراقية المعنية والسلطات العراقية. وليس ذلك فحسب، بل أيضا المسؤولية عما يأتي لاحقاً: تشكيل حكومة جديدة، حكومة قادرة - بسرعة وبفاعلية- لمعالجة قائمة العراق الطويلة من الأعمال المحلية غير المنجزة".

مقاطعة الاقتراع

وحول الدعوات لمقاطعة الانتخابات أو تأجيلهافقد اشارت الممثلة الاممية الى ان ناك أسبابا مختلفة تقف وراء مثل هذه الدعوات، من العراقيين العاديين الذين يعبرون عن خيبة أملهم وانعدام الثقة وغضبهم وفقدانهم للأمل وصولاً للمناورات السياسية الواضحة.
واضافت "لكن المقاطعة ليست استراتيجية فعالة ولن تقدم أي حلول وعلى العكس، فحينما لا تدلي بصوتك فإنك في الواقع تهدي صوتك لأولئك الذين قد تعارضهم وبالتالي، من المهم بالنسبة للناخبين والسياسيين على حد سواء العودة إلى العملية".

وخاطبت العراقيين المطالبين بالمقاطعة بسبب خيبة أملهم قائلة "الشعب العراقي ليس مجموعة متجانسة واحدة. فالعراق مجتمع متنوع وهو موطن لمجموعة واسعة من الشعوب واللغات والأديان- ما يجعل الرؤى والآراء تختلف وهذا يعني أن نتيجة الانتخابات قد لا تكون وفق ما تتمناه، بل إنها قد تمنح الشرعية لحكومة لن تكون هي الحكومة المفضلة بالنسبة لك. ولكن هناك شيء واحد مؤكد: من خلال عدم التصويت، فإنك تضع نفسك خارج العملية الانتخابية والأحداث التي تؤثر عليك لن يتم رسمها إلا من قبل الآخرين".

الحاجة لإصلاحات

وبينت إن العراق بحاجة ماسة إلى إصلاحات هيكلية عميقة تتطلب تصميماً لا يتزعزع وصبراً هائلاً ووقتاً طويلاً.
وقالت انه بعد سنوات عديدة من الأمل والمطالبة والاحتجاج يكون نفاد الصبر أمراً مفهوماً للغاية لذا، فإن الألم وخيبة الأمل والإحباط من نقص الآفاق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مفهوم جداً.
واستدركت بالقول "لكن في الديمقراطية، يمكن المرء أن يجعل صوته مسموعاً ليس فقط من خلال الاحتجاجات العامة، ولكن أيضاً، وبشكل حاسم، من خلال صناديق الاقتراع.

لا تخذلوا الشعب

وخاطبت بلاسخارت السلطات والموظفين الحكوميين والمسؤولين والقوى السياسية والأحزاب والمرشحين قائلة "لا تخذلوا الشعب العراقي، وينبغي أن تكون خدمة المواطنين - مهما كانت خلفيتهم، أو معتقدهم، أو دينهم، أو رأيهم، أو قناعتهم - على رأس أولوياتكم، ويتوجب أن يكون التركيز على الحلول التي تمثل مصالح كل الناس، فالحلول التي لا تخاطب سوى الغالبية أو مكون معين على وجه الخصوص سيتعذر الدفاع عنها على المدى الطويل".
واضافت "تصدوا للفساد المستشري، عالجوا الإهمال، حاربوا عدم الكفاءة، اتركوا جانباً المصالح الحزبية الضيقة، تجاوزوا الفئوية والمحاصصة، ولا تسمحوا بنهب مؤسسات الدولة وباشروا على الفور بالإصلاحات التي تمس الحاجة إليها، واعملوا على تنويع الاقتصاد لتقليل هشاشة العراق إزاء تقلبات أسعار السلع.

وقف الترهيب

واكدت على ضرورة ايقاف الترهيب والاعتداءات وعمليات الاختطاف والاغتيال ووضع حد للإفلات من العقاب.. وقالت "اعلموا أن المساءلة هي السبيل لاستعادة ثقة الناس، واعملوا على ذلك، فللشعب العراقي الحق في أن يعرف . اعملوا على تحسين قدرة العراق المحلية على مواجهة الأزمات، ولا تقعوا فريسة لتجاذبات القوى الخارجية. اكبحوا جماح الجماعات المسلحة التي تواصل العمل خارج سيطرة الدولة سواء أكانت أجنبية أم محلية وأكّدوا على سيادة وسلطة الدولة.
ونوهت الى ان "المخاطر كبيرةٌ جداً".. وعبرت عن الامل في ان "ألا يعيد التاريخ نفسه".

المفقودون الكويتيون

وفي الختام اشارت الممثلة الاممية في العراق بلاسخارت الى التقدم المحرز في موضوع المفقودين من الكويتيين ورعايا البلدان الأخرى والممتلكات الكويتية المفقودة بما في ذلك المحفوظات الوطنية فاشارت الى ان حكومة الكويت قامت مؤخرا بالتعرف بشكل قاطع على عشرة رفات أخرى تعود لأشخاص ضمن قائمتها للمفقودين منذ عام 1991.
واوضحت ان هذا يعني أنه بعد مرور ثلاثين سنة طويلة، بلغ مجموع قضايا المفقودين الكويتيين التي أغلقت رسمياً منذ تشرين الثاني نوفمبر عام 2020 ثلاثين قضية .. وعبرت عن الامل في أن تفضي هذه الخطوة المهمة لطي تلك الصفحة في حياة أسر المفقودين.