إيلاف من بيروت: مع إنجازها البيان الوزاري بسرعة قياسية على أن تمثل أمام مجلس النواب اللبناني، يوم الاثنين المقبل، تنتظر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تحديات كثيرة اقتصادية وسياسية لعل أبرزها كبح الانهيار الاقتصادي وسط ثقة إقليمية ودولية معدومة بالطبقة السياسية الحاكمة، بحسب تقرير نشره لموقع "العربية.نت".

ويتوجّب على الحكومة الجديدة بالدرجة الأولى مهمة مدّ الاقتصاد بجرعات أكسجين من خلال إجراءات سريعة تُعيد إنعاش البلد الغارق في أزمة وصفها البنك الدولي بأنها الأسوأ منذ 1850، لاسيما بعد أن فقدت الليرة 90% من قيمتها وبلغ معدل التضخم السنوي 150% وهو ما انعكس بشكل سيّئ على الأوضاع المعيشية للبنانيين، حيث تجاوزت البطالة معدّل 45% من السكان، فأضحى 77% منهم في حالة فقر و40% في فقر مدقع.

فبات اللبنانيون يعانون نتيجة لذلك من نقص خطير في الحاجات اليومية الأساسية مثل الأدوية والوقود والكهرباء انعكس شللاً في نشاط المستشفيات والشركات والصناعات.

أمام هذا الواقع المتردي، اعتبر الخبير الاقتصادي ناصر السعيدي، وزير الاقتصاد والتجارة السابق والنائب الأول لحاكم مصرف لبنان السابق، أن "على الحكومة اتّخاذ 4 خطوات أساسية "وصارمة" على طريقة العلاج بـ"الصدمة الكهربائية".

لكن نجاح هذا العلاج مرتبط بإعطاء الحكومة الجديدة صلاحيات استثنائية تخوّلها إصدار مراسيم تشريعية سريعة تواكب الخطوات الإصلاحية المطلوبة والضرورية، ومجلس النواب الحالي لن يوافق على ذلك، خصوصاً قبل موعد الانتخابات المقررة في ربيع العام المقبل".

خطوات أساسية

وعدّد في حديث لـ"العربية.نت" الخطوات الأربع الأساسية التي على الحكومة السير بها:

1- إصلاح مالية الدولة عبر اتّخاذ تدابير عديدة منها التعديل الفوري للضرائب والرسوم الجمركية التي لا تزال تُحصّل وفق سعر الصرف الرسمي للدولار (1515) في حين أن السعر متفلّت في السوق السوداء. ورفع الدعم بشكل كامل ورسمي عن معظم السلع المدعومة، لاسيما أن نحو 80% من هذا الدعم لم تستفد منه الفئات الفقيرة في المجتمع وإنما هُدر وتبخّر في مزاريب التهريب وجيوب التجار.

3- إصلاح السياسة النقدية وتصحيح سعر الصرف وذلك من خلال توحيد سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وتوقّف مصرف لبنان عن تسليف الدولة نهائياً من أجل وضع حدّ لمعدلات التضخم.

4- إعادة هيكلة القطاع المصرفي.

5- الوقاية الاجتماعية وليس البطاقة الاجتماعية أو التموينية كما يروّج، وذلك من خلال إعادة النظر بقانون الضمان الاجتماعي والصحي.

شروط صندوق النقد الدولي

إلى ذلك، اعتبر السعيدي "أن هذه الخطوات الأربع الإصلاحية هي في صلب شروط صندوق النقد الدولي ضمن برنامج تصحيحي، وهناك استعداد دولي وإقليمي وأوروبي لمساعدة لبنان شرط قيامه بمجموعة شاملة من الحوكمة العميقة الاقتصادية والنقدية والمالية".

ولفت إلى "أن لبنان يحتاج إلى حزمة مالية بحوالي 75 مليار دولار على المدى القريب والمتوسط (من 5 إلى 7 سنوات) موزّعة بين القطاع الخاص، خصوصاً القطاع المصرفي لإعادة هيكلته هو ومصرف لبنان، بالإضافة إلى دعم ميزان المدفوعات والبنى التحتية.

ترميم علاقات عربية

وعلى قاعدة الاقتصاد ابن السياسة، تبقى خريطة الطريق الاقتصادية والمالية للخروج من الأزمة حبراً على ورق ما لم تعمل الحكومة على استعادة الثقة الخارجية المفقودة جرّاء ممارسات القوى السياسية الحاكمة، والتي تتشكّل منها الحكومة الحالية ولو أنهم يدّعون بأنها "مستقلّة".

بدوره، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت جوزيف باحوط "أن عودة الثقة الدولية بلبنان مشروطة بالقيام بإصلاحات ضرورية والتزام الحكومة إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها المقرره في ربيع 2022 كما جاء في مسودة البيان الوزاري".

وأشار في تصريح لـ"العربية.نت" إلى "أن ترميم علاقة لبنان بأشقائه العرب ضرورة اليوم، وهنا يأتي دور ميقاتي لاستثمار علاقاته العربية لإعادة وصل ما انقطع".

كما اعتبر أن توقيت تشكيل تلك الحكومة يعكس "حلحلة" في المنطقة، وجزء من هذه الحلحلة الاتّصال الأخير الذي جرى بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والإيراني إبراهيم رئيسي".