إيلاف من الرباط: جرى الثلاثاء بالرباط، تقديم كتاب "وجوه من الصحافة المغربية" لمؤلفه إدريس اجبالي، وسيط وكالة المغرب العربي للأنباء، خلال حفل حضرته ثلة من رجال السياسة والإعلام والفاعلين الحقوقيين.
ويعد هذا الكتاب، الصادر عن وكالة المغرب العربي للأنباء باللغة الفرنسية، بمثابة دليل خاص بالسير الذاتية للصحافيين الذين بصموا المشهد الإعلامي الوطني منذ الاستقلال. ويتوخى هذا المؤلف الإسهام في "دراسة اجتماعية" و"تصنيف مهيكل" لرجال الصحافة المغربية.
وقال اجبالي، في كلمة بالمناسبة، إن فكرة إصدار هذا الكتاب جاءت باقتراح من خليل الهاشمي الإدريسي، المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، الذي يعود له الفضل في "المقاربة الأصيلة" التي اعتمدتها في إعداده، و"الذي لولاه لم يكن هذا المؤلف ليرى النور".
وكشف اجبالي أن النسخة الأولى من "وجوه من الصحافة المغربية" التي تضمنت 230 بورتريها لصحافيين مغاربة لقيت عند إصدارها أول مرة العديد من "ردود الفعل الإيجابية" حيث أعرب غالبية الصحفيين المعنيين عن سعادتهم به، "وهو ما أعتبره بمثابة نوع من الاعتراف".
وسجل مؤلف الكتاب أن هناك من لاحظ غياب أسماء إعلامية أخرى عن الكتاب، "وهو ما تم التفاعل معه بإضافة 40 صحفيا آخرين في النسخة الثانية" ليصبح بذلك العدد الإجمالي للصحفيين الذين يعرض المؤلف لمساراتهم 270 صحفيا من ضمنهم 51 امرأة.
وحرص مؤلف الكتاب على التأكيد على معالجته لجميع البروتريهات الواردة في الكتاب "على قدم المساواة" سواء من حيث الكم (صفحة ونصف لكل بورتريه)، أو من حيث التعامل مع صور الصحافيين الواردة فيها، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هذه المعالجة كانت شاملة وقائمة على الذاتية.
وأشار اجبالي إلى أن هناك عائقين أساسيين اعترضاه خلال تأليف هذا الإصدار، وهما صعوبة الكتابة عن الصحفي باعتباره الشخص الذي "يكتب عن الجميع ولا أحد يكتب عنه"، ثم ندرة الكتابات الأكاديمية عن الصحافة بالمغرب.

إدريس اجبالي

واستعرض اجبالي في مداخلته مضامين المقدمة التي دبج بها كتابه في ما ينيف عن ثلاثين صفحة، وقدم فيها المحطات البارزة للصحافة المكتوبة وخصوصياتها بالمغرب منذ الاستقلال وحتى أيامنا هذه، مشيرا إلى أن قراءة في البورتريهات التي تضمنها تمكن من الاطلاع على هذه المحطات وعلى ما يرتبط بها من قضايا تتوزع ما بين الصحافة "الحزبية" و"الرسمية"، و"الازدواجية اللغوية"، و"الصحافي وسنوات الرصاص"، و"الانفراج"، و"الصحافة المستقلة"، وعصر وسائل التواصل الاجتماعي.
وخلص اجبالي إلى التأكيد على سعادته بإصدار هذا المؤلف الذي اعتمد "مقاربة غير مسبوقة" و"يشكل ربما سابقة في العالم العربي وإفريقيا"، معتبرا أن هذا العمل يشكل أيضا "تكريما لجيش من الجنود الذين عملوا لفائدة بلادهم".
وتميز هذا اللقاء الذي حضرته شخصيات إعلامية وحقوقية وازنة من قبيل الرئيس السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسفير المتجول المكلف قضايا حقوق الإنسان، أحمد حرزني، والدبلوماسي والإعلامي حسن عبد الخالق، ورئيس جمعية رباط الفتح، عبد الكريم بناني، والمديرة العامة لهيئة الإيداع المركزي للأوراق المالية في المغرب " ماروك لير " ، فتحية بنيس ، بتقديم شهادات نوهت في مجملها بكتاب "وجوه من الصحافة المغربية" وبالمقاربة التي اعتمدها مؤلفه.
في سياق ذلك، نوه الكاتب والإعلامي، الصديق معنينو، بإصدار وكالة المغرب العربي للأنباء لهذا المؤلف، مشيدا على الخصوص بمقدمة الكتاب التي تشكل "تأريخا دقيقا لمسار الصحافة في المغرب"، وكذا بالمقاربة التي اعتمدها في تقديم بورتريهات الصحفيين، والقائمة على التكافؤ والمساواة.
كما نوه معنينو بالطريقة التي كتبت بها هاته البورتريهات/السير، والتي جاءت سلسلة وغير مثقلة بالمعطيات الجافة.
بدوره، أشاد الإعلامي والناشر والموزع، محمد عبد الرحمن برادة، في كلمة خلال اللقاء، بكتاب "وجوه من الصحافة المغربية"، متوجها إلى اجبالي بالقول "لقد نجحت في رفع تحد كبير لم يسبقك إليه أحد. لا أخفيك أنه مكنني، أنا الذي قضيت أزيد من 40 سنة في قطاع الإعلام، من اكتشاف العديد من الأمور. هذا الكتاب وثيقة غير مسبوقة بفضل محتواه ودقته ".
وقال برادة "أنا ممتن لصاحب الكتاب، إنه يبعث فينا الرغبة في اكتشاف ذاتنا. إنه كتاب شامل. وعمل استثنائي أشكرك عليه".
من جانبها، توقفت أستاذة علم الاجتماع، خديجة الكور ، في كلمتها، عند "المقاربة الجديدة" التي اعتمدها مؤلف الكتاب والتي قلما نجدها في مجالات بحثية أخرى، مهنئة اجبالي على هذا "الإنجاز الذي يؤرخ للصحافة المغربية من خلال قراءات في مسارات الوجوه الإعلامية البارزة التي صنعت الفعل الصحفي بالمملكة".
واعتبرت الكور أن القيمة المضافة لهذا الإصدار تكمن في كونه "مبادرة لأجيال المستقبل التي لا تعرف الكثير عن رواد المغرب في الصحافة والإعلام والسياسة. إنها مبادرة مهمة نذكر من خلالها هذه الأجيال بتاريخنا الإعلامي والثقافي".
من جهته، أكد المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، خليل الهاشمي الإدريسي، في كلمة ختامية للقاء، أن مؤلف "وجوه من الصحافة المغاربة"، ليس مجرد تجميع لأوراق تقنية عن سير العديد من الصحافيين المغاربة، وإنما هو عبارة عن بورتريهات/مقالات كتبت بكثير من الذاتية.
وتوقف الهاشمي الإدريسي عند قضية الازدواجية اللغوية في الصحافة المغربية التي استعرضها الكاتب، معتبرا في هذا الصدد أن اللغة الفرنسية إنما تشكل أداة للعمل "لكنها لا تمس هويتنا، وبتشبثنا بوطننا".
كما توقف الهاشمي الإدريسي عند التحولات الكبرى التي بات يشهدها عالم الإعلام والصحافة حاليا، لاسيما بسبب "التسونامي الرقمي"، معتبرا في الوقت ذاته أنه " إذا كانت الصحافة المطبوعة تحتضر، فإن الصحافي لن يموت لأنه هو من يوفر الخبر الموثوق ويساعد القارئ على الفهم، ويقدم المعلومة المتكاملة".
يشار إلى أن كتاب "وجوه من الصحافة المغربية"، الذي ستصدر ترجمته العربية قريبا، يشمل بورتريهات عن صحافيي الصحافة المكتوبة والتلفزيون والإذاعة ووكالة المغرب العربي للأنباء، حيث إن نخبة الصحافة المغربية تجد فيه مكانها، بغية تقديم قراءة حقيقية في تاريخ المغرب من خلال تجارب جميع هؤلاء الصحافيين.
وكان المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد في توطئة الكتاب، أن هذا المؤلف يعد عملا عميقا يتماشى تماما مع المهام الجديدة للوكالة المتمثلة في مواكبة قطاع الإعلام من خلال المعرفة والخبرة والبحث.

جانب من حفل تقديم كتاب "وجوه من الصحافة المغربية


وأبرز الهاشمي الإدريسي، في توطئته بعنوان "عمل جبار"، أنه من حيث المضمون، هناك مادة في هذا الكتاب لإنجاز "بحث اجتماعي حول الصحافي المغربي، وتصنيف علمي مهيكل لرجال الصحافة، ودراسة حول مساراتهم أو أطروحة جامعية حول تأثيرهم في الحياة المؤسساتية للبلاد، والتحول الديمقراطي أو النقاش العام ".