إيلاف من بيروت: بعد ما يزيد قليلاً على عشر سنوات بعد مقتل العقيد الليبي معمر القذافي، أعلن نجله "الإصلاحي" الذي أصبح مجرم حرب مطلوبًا دوليًا أنه سيرشح نفسه لمنصب رئيس ليبيا في الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل.

ثمة مشكلات كثيرة تواجه اجراء الانتخابات في الشهر المقبل. إذا سُمح له بالترشح، فقد يقاطع الليبيون الذين قاتلوا القذافي أو ربما يتحولون إلى العنف. في المقابل، إذا رفض اللجنة الانتخابية ترشيح سيف الإسلام القذافي، يمكن مؤيدو النظام القديم مقاطعة الانتخابات أو تعطيلها.

قضايا حرجة

الديناميكية نفسها ستحدث الآن بعد أن دخل المشير خليفة حفتر السباق الانتخابي. بالنظر إلى هذا المناخ المفرط الاستقطاب وفي ظل خطر حدوث عنف كبير، من الحكمة تأجيل الانتخابات فترة معينة حتى يُحل العديد من القضايا الحرجة.

هناك ثلاثة أسئلة أساسية يجب أن يوافق عليها الليبيون: أي مؤسسات يتم انتخابها، وفي أي تسلسل، ومن يُسمح له بالترشح. ما أن تلاشى المنتدى الذي أنشأته الأمم المتحدة لحل هذه القضايا في الصيف الماضي، استولى السياسي المحنك عقيلة صالح على الفراغ وصاغ قانونًا انتخابيًا ، وضغط على مجلس النواب الذي يترأسه. على مدار أكثر من سبع سنوات، نادرًا ما اجتمع مجلس النواب رسميًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الطريقة التي تم انتخابه بها والمقاطعة اللاحقة من قبل العديد من أعضائه.

مع ذلك، أيد المبعوث الخاص للأمم المتحدة قانون صالح من دون محاولة التفاوض بشأن محتوياته مع الهيئات السياسية الليبية الأخرى التي تحتفظ بنفوذ كبير، لا سيما في الغرب.

نظام ضعيف

في ظل غياب دستور متفق عليه، تدعو القوانين الانتخابية الحالية إلى نظام رئاسي برلماني ضعيف. سيكون للرئيس سلطة تنفيذية كاملة، ويمكنه تشكيل حكومة، ويكون قائدًا للجيش. القيادة العسكرية منصب سعى إليه المشير خليفة حفتر. ومن بين مخاطر انتخاب رئيس فائق الصلاحيات في انتخابات مشكوك فيها أنه سيكون هناك شخص واحد، صوت واحد، مرة واحدة.

تسلسل التصويت هو أيضا بلا حل. أعلن المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي عقد في 12 نوفمبر الجاري في باريس أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستُجرى "في 24 ديسمبر"، لكن بعض المشاركين أشاروا إلى أن العملية الانتخابية "ستبدأ" في 24 ديسمبر. واعتبارًا من الآن، هناك جولة رئاسية أولى، وحيث أنه من غير المتوقع أن يفوز أي مرشح بالأغلبية، من المحتمل إجراء جولة ثانية. وما إذا كان سيتم إجراء الاقتراع البرلماني في موعد الجولة الأولى، أو في الجولة الثانية، أو حتى في وقت لاحق، مسألة تبقى من دون حل.

أخيرًا، والأكثر إثارة للجدل، هو هوية المرشحين للرئاسة. طبقاً للجنة الانتخابية، على المرشح "تقديم دليل على وجود سجل جنائي نظيف من دون إدانة"، و "يجب أن يعلن عن أصوله المالية في ليبيا وفي خارجها". لكن اللجنة نفسها غير قادرة على الفصل في هذه المعايير. ناهيك عن صعوبة تنظيم اقتراع حر وعادل في جميع أنحاء البلاد بجهاز أمني ممزق وعجز المراقبين المحاييون عن توفير الحد الأدنى من ضمان العدالة، وهذا ما يستدعي تأجيل الانتخابات.

التدخل الخارجي

تحاجّ الولايات المتحدة ودول أخرى بأن إجراء انتخابات في موعدها أقل خطورة من التأخير لأن من شأنه أن يعرض للخطر الصفقة التي تم التوصل إليها العام الماضي لإجراء الانتخابات على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لكن هذا لا يكون منطقيًا إلا إذا اعتبرت الانتخابات شرعية من قبل معظم الأحزاب. في الوقت الحالي، لا مرشح قادرًا على حشد المؤيدين على الصعيد الوطني، ومن المشكوك فيه ما إذا كان بإمكانهم حتى القيام بحملات في جميع أنحاء ليبيا. إن احتمال قبول الليبيين بفوز مرشح إقليمي ضئيلة، خصوصًا في الظروف التي سيتم فيها الطعن في قوانين الانتخابات والتصويت الفعلي إذا لم يتم تعطيلها بالكامل.

هناك أيضًا مسألة القوات الأجنبية والمرتزقة. يعتقد أنصار الانتخابات أن حكومة جديدة هي من يمكن أن يطالب بمغادرة هذه القوات.

لكن مرة أخرى، من غير المرجح احتمال قيام حكومة جديدة مستقرة تتولى مثل هذا الدور في المستقبل القريب، بل يرجح أن تحتفظ روسيا بمرتزقة مجموعة فاغنر التابعة لها في البلاد بغض النظر عن الانتخابات، وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا أكبر لمصالح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أكثر من أي شيء آخر في ليبيا. علاوة على ذلك، فإن الروس يستعدون بالتأكيد للتدخل الانتخابي كما يفعلون بانتظام ضد الديمقراطيات الغربية.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "ذا ناشونال إنترست".