إيلاف من لندن: دعت المملكة المتحدة إلى عمل عالمي لإنهاء وصمة العار التي تلحق بالأطفال الذين وُلدوا نتيجة العنف الجنسي في حالات النزاع، وضرورة العمل على تحسين مستوى ونوعية حياتهم.
وقال لورد طارق أحمد، لورد ضاحية ويمبلدون، الوزير بوزارة الخارجية والممثل الخاص لرئيس الوزراء لشؤون منع العنف الجنسي في حالات النزاع، إنّ آلاف الأطفال المولودين نتيجة العنف الجنسي أثناء النزاع يُحرمون من التعليم والخدمات الصحية لأنه غالباً ما يتعذّر تسجيلهم عند الولادة. كما إنهم يواجهون وصمة العار ويعانون من نبذ المجتمع لهم.
وألقى لورد طارق أحمد كلمة في فعالية نُظمت يوم الإثنين، بحضور الأمم المتحدة وشركاء دوليين ومنظمات غير حكومية وأكاديميين وناشطين مثل، ليلى دامون التي وُلدت هي نفسها جراء عنف جنسي خلال نزاع البلقان.

لا إحصائيات رسمية

وأشار المسؤول البريطاني إلى أنّه لا توجد إحصاءات رسمية عن عدد الأطفال الذين يولدون كل عام نتيجة للعنف الجنسي في النزاع، لكننا نعلم أنها قضية منتشرة في الحروب حول العالم.
وتقدّر الأمم المتحدة أنّ أكثر من 60.000 امرأة تعرّضن للاغتصاب خلال الحرب الأهلية في سيراليون، وما يصل إلى 60.000 في الصراع في يوغوسلافيا السابقة، وما لا يقل عن 200000 في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ عام 1998.
ودعا لورد أحمد البلدان في جميع أنحاء العالم إلى اعتماد نداءِ عمل بقيادة المملكة المتحدة والالتزام بالعمل معًا من أجل التوعية بالتحديات التي يواجهها الأطفال الذين يولدون نتيجة للعنف الجنسي ومراعاة احتياجات هؤلاء الأطفال وأمهاتهم، وتغيير القوانين والسياسات والممارسات التي تحول دون حصولهم على حقوقهم والتمتع بحياتهم على أكمل وجه.

التزامات راسخة

وقال لورد أحمد إنه خلال الأشهر القليلة المقبلة، ستعمل المملكة المتحدة مع من يؤيدون نداء العمل، بما في ذلك البلدان التي ترتفع فيها معدلات العنف الجنسي في حالات النزاع، من أجل بلورة التزامات راسخة. وقد أيّدت كلٌ من الولايات المتحدة والمكسيك نداء العمل المقترح هذا بالفعل.

وأضاف الوزير بوزارة الخارجية ومبعوث رئيس الوزراء: يستحق جميع الأطفال التمتع بالحق في التعليم والخدمات الصحية الجيدة. ولكن في غالب الأحيان يواجه الذين ولدوا نتيجة العنف الجنسي أثناء النزاع رفض مجتمعاتهم لهم، ويجدون صعوبة في استخراج وثائق إثبات الهويّة اللازمة للحصول على الخدمات العامة.
وأشار إلى أنّ المملكة المتحدة رائدة على مستوى العالم في مناصرة حقوق الناجين من العنف الجنسي في حالات النزاع. وحث على العمل العالمي لأجل الاعتراف بحقوق هؤلاء الأطفال بشكل كامل، ولدعمهم كي يتمتّعوا بما يستحقون من حياة كريمة كمعلمين وأطباء ورجال أعمال محتملين في بلدانهم في المستقبل.

مشورة خبراء

وقال لورد أحمد: في أعقاب نداء العمل هذا، ستنشر المملكة المتحدة كتيّباً يحوي مشورة من خبراء لمساعدة البلدان المتضررة على ضمان تلبية قوانينها وسياساتها وممارساتها لاحتياجات الأطفال المولودين جراء عنف جنسي أثناء النزاع واحتياجات أمهاتهم.
فمن شأن هذا أن يرسي المعيار الذهبي للرعاية والدعم، ويساعد البلدان على الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل. وسيوفّر نداء العمل والكتيّب اللّبنات الأساسية للمساعدة في تغيير الطريقة التي تدعم بها البلدان والمجتمعات هؤلاء الأطفال، والحياة اليومية للناجين.
ويأتي نداء العمل هذا في أعقاب دعوة من وزيرة الخارجية ليز تراس، لجعل العنف الجنسي في النزاع خطاً أحمر بالنسبة للمجتمع الدولي كافّة. وسوف تستضيف المملكة المتحدة قمة عالمية في العام المقبل لتوحيد العالم حول إجراءات تهدف لمنع اقتراف العنف الجنسي في النزاع.

حملة عالمية

يشار إلى أنّ وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، كانت أطلقت الأسبوع الماضي حملة عالمية كبرى لمنع العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في أي نزاع حول العالم.
وستنطلق حملة وزيرة الخارجية من حيث انتهى العمل الذي بدأه سلفها ويليام هيغ الذي أطلق "مبادرة منع العنف الجنسي في حالات النزاع" بالإشتراك مع المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة أنجلينا جولي، في 2012.
ويعمل لورد أحمد، الممثل الخاص لرئيس الوزراء المعني بالعنف الجنسي في حالات النزاع، مع وزيرة الخارجية بصورة مباشرة بشأن هذه المبادرة.
وتستضيف المملكة المتحدة العام المقبل، مؤتمراً عالمياً لبلورة عمل دولي موحّد بخصوص منع العنف الجنسي في حالات النزاع. حيث سيجمع المؤتمر وزراء خارجية من جميع أنحاء العالم لدعم حملة إنهاء الإفلات من العقاب في جرائم العنف ضد النساء والفتيات.

دعم التغيير

وقد درجت المملكة المتحدة على دعم التغيير على مستوى المجتمعات من خلال منظّمات مثل وورلد فيجن إنترناشونال. ويطبق البرنامج في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان لوضع حدٍّ لوصمة العار التي يواجهها الناجون من العنف الجنسي أثناء النزاع والأطفال الذين وُلدوا نتيجته.
ومن خلال البرنامج، تساهم القيادات الدينية في توصيف ومعالجة الصعوبات الكبيرة المستمرة من ناحية قبول المجتمع للناجين من العنف الجنسي والأطفال المولودين نتيجته، وتحقيق رفاههم المعيشي وتمكينهم. وتعتبر مبادئ إعلان الإنسانية الذي أطلقته المملكة المتحدة حجر الزاوية في المشروع، حيث ينصب التركيز على ضمان سماع أصوات الأطفال والناجين وإصغاء المجتمع لهذه الأصوات.
في وقت لاحق من هذا العام، سوف يصدر عن الأمين العام للأمم المتحدة تقريرٌ خاصٌ عن حقوق الأطفال المولودين نتيجة العنف الجنسي، والنساء اللواتي حملن بهم، وما يواجهون من تحديات. ويتولى مكتب الممثل الخاص للأمين العام مهمّة جمع محتوى هذا التقرير.