إيلاف من الرباط: شيعت مدينة أصيلة المغربية، الأحد، محمد بن عيسى، وزير الخارجية الأسبق وعمدة أصيلة وأمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، إلى مثواه الأخير، بمقر الزاوية العيساوية وسط المدينة العتيقة. وذلك وسط حشود غفيرة من ابناء المدينة وحضور حكومي وسياسي وازن.
وغصت المدينة العتيقة بمشيعي فقيد أصيلة والمغرب، وعرف التشييع مشاركة حشد من النساء والرجال، كانوا في وداع بن عيسى وألقوا النظرة الأخيرة على نعشه الذي انتقل من قصر الثقافة إلى المسجد الأعظم ثم إلى الزاوية العيساوية حيث ووري الثرى.
وتقدم مشيعي الراحل الوزير الأول الأسبق إدريس جطو، والأمين العام السابق للحكومة إدريس الضحاك، والأمين العام للحكومة محمد الحجوي، ووزير الخارجية ناصر بوريطة، ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، ووزير التجهيز والماء الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، ووزير التشغيل والمقاولة الصغرى يونس السكوري، ومحمد الأشعري وزير الثقافة الأسبق، ووالي جهة طنجة تطوان الحسيمة يونس التازي.
كما حضر مراسم التشييع نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (معارضة برلمانية)، ومحمد أوجار، وزير العدل الأسبق والقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار (غالبية حكومية)، ومحمد ساجد الامين العام السابق لحزب الاتحاد الدستوري وعدد من منتخبي ومسؤولي حزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة، وحشد من الصحافيين والإعلاميين والمثقفين والفنانين.
وتواصلت برقيات التعزية والمواساة وعبارات الحزن لرحيل محمد بن عيسى، الوزير والدبلوماسي المغربي الذي وافته المنية، مساء الجمعة، عن عمر يناهز 88 سنة.
وأجمعت تدوينات وتغريدات عدد من السياسيين والفنانين والأدباء والإعلاميين المغاربة والعرب والأفارقة، على قيمة الرجل، عطائه وخصاله ودوره في تعميق أواصر الإخاء والتعاون بين بلاده وباقي الشعوب، خصوصا في العالم العربي وإفريقيا والضفة الشمالية للحوض المتوسطي؛ مع التشديد على أن الراحل آمن دائماً بأن عليه واجباً تنموياً تجاه مدينته أصيلة، التي وضع اسمها بجدارة على خريطة المواسم الفكرية والثقافية والفنية في المغرب وخارجه، وجعل منها محطة لا بدّ منها لسياسيين وكتاب وشعراء وفنانين تشكيليين من مختلف الأجيال.
ذواقة الأدب وصديق العمر
وكتب غسان سلامة، وزير الثقافة اللبناني: "الحزن العميق لرحيل وزير الثقافة والخارجية الأسبق في المملكة المغربية، ذواقة الأدب والشعر والفنون، مؤسس مهرجان أصيلة ومديره لعقود، صديق العمر محمد بن عيسى. سيفتقده أهل الثقافة في عموم بلاد العرب وفي غير مكان. تغمده الله برحمته وأسكنه وسيع جنانه وألهم عائلته العزيزة الصبر على فراقه".
بن عيسى والعراق
وكتب هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي السابق: "نعزي عائلة الفقيد محمد بن عيسى وزير خارجية المغرب الشقيق السابق وأحبائه في كل مكان على رحيله كدبلوماسي قدير ومفكر كبير وصديق عاشرته وعملت معه لسنوات وفي أحلك الظروف التي مر بها العراق وكان داعما ومتفهما لعملية التغير الديمقراطي والانتقال السياسي.
زارع القمر في شرفات أصيلة
وكتبت الشيخة ميّ بنت محمد ال خليفة وزيرة الثقافة السابقة في مملكة البحرين والرئيسة السابقة لهيئة البحرين للثقافة والآثار: "في الفقد الأليم لمؤسس أصيلة محمد بن عيسى، كتب شاعرنا الأستاذ حسن كمال بقلب كل محبيه: "يا مشرق الشمس من المغرب / وزارع القمر في شرفات أصيلة / تنعاك نوارس بحرها وعصافير برها / ونحن ننعاك إلى الثقافة وأهلها".. فنم بسلام".
بن عيسى ومصر
وتقدمت سفارة جمهورية مصر العربية في الرباط، بخالص العزاء والمواساة في وفاة محمد بن عيسى، الذي "رحل عن دنيانا اليوم بعد مسيرة حافلة بالعطاء"، والذي "شغل العديد من المناصب السياسية المرموقة، كما أطلق موسم أصيلة الثقافي الدولي عام 1998، والذي أصبح علامة ثقافية مهمة في المغرب والعالم العربي ودوليا، وشارك فيه على مدار دوراته المتتالية العديد من الشخصيات المصرية بما يشمل الوزراء والمثقفين والأدباء والصحفيين والفنانين".
وأضافت تعزية السفارة المصرية: "تجدر الإشارة إلى أن المغفور له جمعته علاقة وثيقة مع مصر وشعبها ومثقفيها، حاملًا في قلبه ذكريات شبابه حيث تلقى في الإسكندرية تعليمه الثانوي، ودرس الصحافة لمدة عام في جامعة القاهرة، وظل مرتبطًا بعروس البحر المتوسط الإسكندرية من خلال عضويته بمجلس أمناء مكتبة الإسكندرية. كما حصل عام 2022 على جائزة الإنجاز في مجال دبلوماسية وحل الصراعات، والديمقراطية وحقوق الإنسان التي تمنحها مؤسسة كميت بطرس غالي للسلام والمعرفة".
كان طودا شامخا
وكتب عبد الله ولد محمدي، الكاتب الصحفي الموريتاني: "رحم الله الأخ محمد بن عيسى، الرجل الذي خدم الثقافة والفكر على مدى عدة عقود، والذي ترك بصماته أينما حل وارتحل. كانت له خصال عديدة وحميدة، وليس أقلها التواضع الجم. عزاؤنا لعائلته وأصدقائه في المغرب والعالم العربي وأفريقيا وفي كل مكان. لقد كان طودا شامخا. وأعزي فيه صديقي حاتم البطيوي الذي ظل ولا يزال وفيا كعادته".
إنسان محب ورجل دولة
وكتب الكاتب الصحفي اللبناني عبد الوهاب بدر خان: "وداعاً سي بن عيسى... آلمني رحيل أخ عزيز. على مدى أربعة عقود ربطتني صداقة أعتز بها مع الوزير محمد بن عيسى، الانسان المحبّ الطيب، الديبلوماسي الموسوعي الفذّ، المثقف الألمعي الشامل. كان مثالاً لرجل الدولة كما يجب أن يكون، ولرجل السياسة الذي عرف كيف يصهر مغربيته وعروبته وافريقيته وعالميته معاً. تعاطى في مسيرته مع أخطر الملفات وأبسطها، لكنه آمن دائماً بأن عليه واجباً تنموياً تجاه مدينته أصيلة فوضع اسمها بجدارة على خريطة المواسم الفكرية والثقافية والفنية في المغرب وخارجه، وجعل منها محطة لا بدّ منها لسياسيين وكتاب وشعراء وفنانين تشكيليين من مختلف الأجيال، وأطلق على حدائقها أسماء أعلامٍ عربٍ وأفارقة غدوا أصدقاء تخلّدهم أصيلة ويخلّدونها. نحزن على غيابك سي محمد. ونقول: إلى اللقاء".
جعل من الثقافة خبزا يوميا
وكتب عادل علي، الكاتب الصحفي بجريدة "أندبندنت عربية" بلندن: "أن يجعل رجل من بلدته الصغيرة المنسية علامة لافتة، أن يخرجها من داخل أسوارها القديمة لكي تصبح مشروعا مشعا، أن يحمل عبء هذا المشروع طيلة عقود ثم يودعه داخل بنى معرفية وعمرانية، أن يجعل من الثقافة خبزا يوميا للنخبة والعامة، ذلك هو محمد بن عيسى، وزير خارجية المغرب ووزير الثقافة الأسبق، ومؤسس منتدى أصيلة، العمدة الحقيقي لمدينته الناهضة وللثقافة العربية، محمد بن عيسى يرحل اليوم، بعدما حرّض الذائقة الثقافية على طرح الأسئلة وترك في معينها الكثير من الإجابات، السلام لروحه، والعزاء لأهله والمحبين في المغرب والعالم العربي، وخصوصا لأصيلة وأهلها الطيبين".
خالص العزاء
وكتبت الفنانة المصرية يسرى: إنا لله وإنا إليه راجعون. خالص عزائي للمملكة المغربية وأهل مدينة أصيلة في وفاة الصديق العزيز الغالي معالي وزير الخارجية الأسبق محمد بن عيسى تغمده الله بواسع رحمته وألهم العائلة الكريمة الصبر والسلوان".
نبيل الحمر
وعاد نبيل بن يعقوب الحمر، مستشار ملك مملكة البحرين لشؤون الإعلام، في تدوينة ثانية ليعبر عن حزنه العميق لوفاة بن عيسى، وكتب: "محمد بن عيسى الصديق والأخ الوفي.. هذا الرجل الذي جعل من أصيلة مدينة تجمع المفكرين والساسة والأدباء العرب، تجمعهم بالفكر التنويري الذي أراده بن عيسى نهجا أصيلا ينير فضاءات العرب. رحم الله محمد بن عيسى وأحسن مثواه.. فلن يرحل من ترك ارثا طيبا مثله".
دبلوماسي محنك
وكتبت أماني فؤاد، الناقدة والأستاذة الجامعية المصرية، أن الثقافة العربية فقدت مثقفا كبيرا، عاشقا لمصر والثقافة المصرية والعربية. وأضافت: "دبلوماسي مغربي محنك، أسس مهرجان أصيلة الثقافي، الذي اجتمع فيه كل مبدعي ومفكري ومثقفي العرب، والكثير من الغرب.. محمد بن عيسى الذي حمل لسنوات حقيبتي وزارة الثقافة والخارجية المغربية، المنفتح على الوجود بكل عطاءاته الفكرية والإبداعية، الرجل الذي يزن البشر أمامه سريعا، صاحب الأفق المتسع، الذي حول الأحلام الثقافية إلى حقائق على أرض الواقع. لروحه الرحمة والسلام والمغفرة".
وداعا
وكتب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني محمد قواص: "الوزير الصديق الذي غادرنا. ستفتقدك "أصيلة" المطلة على أطلسي المغرب. سيحزن كل من عرفك وفيا ودودا، عالي الثقافة والمعرفة، مشرفا على مواسم مدينتك الثقافية ومحترفات التشكيليين فيها منذ عقود.. وداعاً".
فقْد كبير
وكتب جمال فخرو، نائب رئيس مجلس الشورى البحريني: "الأخ العزيز والصديق المخلص والوفي الأستاذ محمد بن عيسى في ذمة الله، بعد سنوات طوال من العمل الوطني المخلص للمغرب ولأمته العربية. فقد كبير لمدينته أصيلة ولأهلها ولموسمها الثقافي..والفقد الأكبر لنا نحن أصدقاءه الذين لن نعرف كيف نرد الجميل إليه. ألف رحمة لروحك الطاهرة".
كان إنسانا نبيلا
ومما كتب الكاتب والسياسي والدبلوماسي اليمني مصطفى أحمد نعمان، : "أنا عاجز عن التعبير عن الحزن الذي يغمرني ويخنقني برحيل الأخ الصديق الدبلوماسي السياسي المثقف الكريم محمد بن عيسى.. كان بن عيسى نموذجا متفردا إذ تمكن من جمع متناقضات التكوين الإنساني فكان سياسيا بارعا ومثقفا لا يبارى وفنانا ذا ذوق رفيع وإنسانا نبيلا كريما عاشقا لكل جميل ومتابعا لكل ما يدور في عالمنا المضطرب.. كان آسرا في كل مكان يوجد فيه مانحا محيطه الحكمة والرؤية الخالية من الشوائب والبعيدة عن الكراهية والاحقاد. سأفتقد في غيابه أخا صديقا ملهما، والعزاء لزوجته السيدة ليلى ولكل أسرته وأصدقائه.. رحم الله "سي" محمد".
سيبقى ملء السمع والبصر
وكتب تركي الدخيل، السفير والدبلوماسي والإعلامي والكاتب السعودي، نصا طويلا في رحيل بن عيسى، مما جاء في مطلعه: "رحيل بن عيسى الذي يظنُّ مَنْ يعرفه... أنَّه صديقُه الحميم!.. كان رجلا مختلفا، لا يعرف إلا أن يكون ملء السمع والبصر، أيا كان الزمان والمكان الدي يحِل فيهما... وبالأمس رحل عن دنيانا، لكنه بحضوره الطاغي، في حياته وبعد مماته، سيبقى ملء السمع والبصر، وكأنه تصوير عملي لبيت أبي الطيب المتنبي القائل: وتَرْكُكَ في الدُّنْيَا دَوِيًّا كَأنَّمَا / تَدَاولُ سَمْعَ المَرْءِ أَنْمُلُهُ العَشْرُ".
وخلص الدخيل إلى أن "محمد بن عيسى، عاشقُ أصيلة، المولود بها في 3 يناير (كانون الثاني) 1937، كما احتضنتْ أصيلةُ مبادراتِه، سَتحتضِنُ جثمانَهُ الذي سَيدفَنُ فيهَا".
التعليقات