من المقرر استئناف محادثات مهمة مع إيران على أمل منع انهيار الاتفاق النووي، وذلك بعد خمسة أشهر من توقفها.

ويناقش مسؤولون في فيينا احتمال عودة الولايات المتحدة إلى اتفاق عام 2015 الذي حد من أنشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات عنها.

وانتهكت إيران التزامات رئيسية منذ انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018، وإعادة فرض عقوبات أمريكية.

وقال جو بايدن إنه مستعد لرفع هذه العقوبات إذا عادت إيران للالتزام بالاتفاق. لكن طهران تريد أن تقوم الولايات المتحدة بالخطوة الأولى.

وحذر دبلوماسيون غربيون من أن الوقت ينفد للتفاوض على حل بسبب التقدم الكبير الذي حققته إيران في برنامج تخصيب اليورانيوم وهو طريق محتمل لصنع قنبلة نووية.

وتصر إيران على أن برنامجها النووي سلمي بالكامل.

وبدأت المحادثات بين إيران والدول الخمس التي لا تزال طرفا في ما يعرف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة - الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة - في العاصمة النمساوية في أبريل/نيسان، بمشاركة ممثلين أمريكيين بشكل غير مباشر.

وصرح مسؤول أمريكي كبير لصحيفة نيويورك تايمز بأن الاتفاق بشأن الخطوات التي يجب اتخاذها من قبل واشنطن وطهران كانت "مكتملة إلى حد كبير" قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو/حزيران.

وفاز إبراهيم رئيسي، المعروف بانتقادات اللاذعة للغرب، في السباق لخلافة حسن روحاني، الذي تفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة مع إدارة باراك أوباما.

ووعد رئيسي قبل توليه منصبه في أغسطس/آب بعدم السماح للمحادثات بالمضي قدما، ولم يوافق على العودة إلى فيينا حتى وقت سابق من هذا الشهر.

وأصر على أن المفاوضين الإيرانيين لن يتراجعوا "بأي شكل من الأشكال" في الدفاع عن مصالح بلادهم.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إنها تريد "اعترافا بالذنب" من جانب الولايات المتحدة بالاضافة إلى الرفع الفوري لجميع العقوبات الأمريكية و"ضمان" بألا يتخلى أي رئيس أمريكي مستقبلي من جانب واحد عن الصفقة مرة أخرى.

وقال مبعوث بايدن المعني بشؤون إيران، روبرت مالي، إن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة للعودة إلى الاتفاق، بما في ذلك رفع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب وأصابت الاقتصاد الإيراني بالشلل.

لكنه حذر إيران أيضا من أن "نافذة المفاوضات... لن تفتح إلى الأبد".

وحذر مالي في إفادة الشهر الماضي: "في مرحلة ما، ستكون خطة العمل المشتركة الشاملة قد تآكلت بشدة لأن إيران ستحقق تقدما لا يمكن عكسه وفي هذه الحالة لا يمكننا التحدث - لا يمكنك إحياء جثة ميتة".

وقال وزير الخارجية الأمريكي إن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة" إذا لم تتفاوض إيران بحسن نية.

وكان التركيز الرئيسي لخطة العمل الشاملة المشتركة هو إنتاج إيران لليورانيوم المخصب والذي يستخدم على نطاق واسع كوقود لمحطات الطاقة النووية ولكن يمكن استخدامه أيضا في صناعة الأسلحة النووية.

ووافقت إيران على تحديد كمية المواد التي يمكنها تخزينها ومستوى النقاء وعدد ونوع أجهزة الطرد المركزي التي يمكن استخدامها في التخصيب، بالإضافة إلى المواقع التي تريد استخدامها لذلك.

وبدأت طهران في خرق هذه القيود تدريجياً في عام 2019 رداً على العقوبات التي أعادها ترامب، الذي وصف خطة العمل الشاملة المشتركة بأنها "معيبة في جوهرها" وأراد إجبار القادة الإيرانيين على التفاوض على بديل.

وجمعت إيران الآن مخزونا من اليورانيوم المخصب أكبر بعدة مرات مما هو مسموح به، وبعض هذا المخزون بنسبة نقاء 60٪، وبذلك اقتربت من درجة نقاء بنسبة 90٪ اللازمة لصنع سلاح نووي.

كما قامت بتركيب المئات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة؛ واستأنفت التخصيب في منشأة تحت الأرض؛ واتخذت خطوات لإنتاج معدن اليورانيوم المخصب وهو مادة أساسية في صنع القنابل النووية.

كما تم تقييد وصول مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنشآت النووية الإيرانية بشكل كبير.


تحليل: جيمس لانديل - محرر الشؤون الدبلوماسية

الأجواء المحيطة بهذه المحادثات ليست رائعة، فقد تباطأت الحكومة الإيرانية الجديدة واستغرق الأمر ستة أشهر للعودة إلى فيينا.

وتعود طهران إلى الطاولة معها مطالب جديدة متطرفة، إذ تقول إنها لن تتحدث عن أنشطتها النووية، وإنه يجب أن تدور هذه المحادثات حول رفع الولايات المتحدة للعقوبات كلها وفورا، مع ضمانات بأن الحكومة الأمريكية المقبلة لن تنسحب من الصفقة.

وتطالب الولايات المتحدة وغيرها من الموقعين على الاتفاق النووي الأصلي باستئناف المحادثات، من حيث توقفت في يونيو/حزيران، عندما أعرب الجانبان عن ثقتهما في إمكانية التوصل إلى اتفاق.

وإذا لم يكن الأمر كذلك، وإذا رفضت إيران الحديث عن برنامجها النووي المتسارع، فإن الدبلوماسيين الأمريكيين يتحدثون عن "خيارات أخرى" و"أدوات أخرى" لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي - وهو تعبير ملطف للسماح لإسرائيل بشن هجمات عسكرية أو إلكترونية على المنشآت الإيرانية.

خلاصة القول هي أن القوى الغربية لا تعرف حتى الآن نوايا هذه الحكومة الجديدة في طهران: هل هي جادة في التفاوض على صفقة والاتفاق على التسويات التي ستكون ضرورية؟ أم أنها تتلاعب بالوقت لتخصيب مزيد من اليورانيوم من المحتمل أن يستخدم في سلاح نووي تصر إيران على أنها لا تريد إنتاجه.

يعتمد الكثير مما سيحصل لاحقا على إجابة هذا السؤال.