إيلاف من لندن: أكدت وزيرة الخارجية البريطانية على أنه آن الأوان للعالم للتصدي للقوى المعادية التي تستعين بالمعلومات المضللة لتقويض الحقيقة، ودعت لاستغلال قوة الاقتصاد والتكنولوجيا للترويج للحرية، لا لنشر الخوف.
وعرضت وزيرة الخارجية البريطانية في كلمة لها في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) كيفية تأسيس المملكة المتحدة لشبكة من الحرية في أنحاء العالم.

وبدأت وزيرة الخارجية ليز تراس، في الكلمة التي ألقتها يوم الأربعاء، بالحديث عن القوى المعادية التي تستعين بالمعلومات المضللة لتقويض الحقيقة، حيث قالت: "المتطرفون يواصلون نشر أفكار خبيثة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. والأنظمة المستبدة تستغل هذه الدوامة من التطرف وعدم الثقة والمعلومات المضللة لتكون لها اليد العليا".

الانكفاء على الذات

وأشارت الوزيرة البريطانية إلى ما نشهده من تراجع وحيود استراتيجي في العالم، حيث الإنفاق العسكري تراجع، وأصبحت الدول تعتمد استراتيجيا على الغاز الرخيص، أو تعتمد على الآخرين لتوفير تقنيات حيوية مثل شبكة 5G.
وأضافت بأن هذا التهاون يستغله من لم يتوقفوا نهائيا عن الكفاح في معركة الأفكار العالمية. حيث يعملون بشكل دؤوب على تنمية نفوذهم – يقدمون أموالا على وجه السرعة لكل من يحتاجها، في مقابل شروط تتعلق بالسيادة والأمن القومي.

وقالت السيدة تراس: "آن الأوان لأن نصحو. وعصر التأمل الذاتي في العالم الحر لا بد وأن ينتهي الآن. حيث نحتاج الآن إلى عصر الأفكار والنفوذ والإلهام. لهذا السبب بريطانيا عازمة على العمل مع أصدقائنا لتأسيس شبكة مناصرة للحرية تغطي العالم كله".

ريادة بريطانيا

وتابعت وزيرة الخارجية البريطانية: "بريطانيا أعظم بلد على سطح الأرض. فبغض النظر عمن تكون، ومن أي مكان أتيت، يمكنك تحقيق أحلامك فيها". وأضافت بأنها تلمس من حديثها مع حكومات وشركات أجنبية رغبتها بالعمل مع بريطانيا. وأضافت بأن سياستنا الخارجية تبعث على الفخر في بلدنا بكافة عناصرها، بما فيها مدنها الكبيرة وبلداتها وريفها، "وسواء من خلال الترويج لصناعاتنا – من السيارات الكهربائية في سندرلاند وحتى المفاعلات النووية الصغيرة في داربي؛ أو جمع دول العالم في غلاسغو في قمة العمل المناخي 26 – والتي اتخذت خطوة تاريخية تجاه معالجة تغير المناخ؛ أو دعوة دول مجموعة السبع إلى ليفربول في عطلة نهاية الأسبوع هذه – وهي مدينة نفوذها العالمي بالثقافة والرياضة والموسيقى أقوى من أي وقت مضى."

وزارة الخارجية والتنمية

قالت السيدة تراس بأن هذه الوزارة تعتبر ذُخراً وطنياً بما فيها من أفضل الدبلوماسيين في العالم، وبما لديها من شبكة دبلوماسية فريدة في انتشارها وخبرتها، والتي تمثل بريطانيا في 180 بلدا، وتتحدث 46 لغة – من اللغة الألبانية وحتى الأوردو. وقالت: "سوف تعمل آليتنا الدبلوماسية الرائعة للترويج بلا هوادة لبريطانيا. وسوف يذهب دبلوماسيونا إلى دول العالم بروح إيجابية بطولية فخورة. لن نملي على الآخرين ما عليهم عمله، بل سوف نكون قدوة تُحتذى".

معركة النفوذ الاقتصادي

وأشارت الوزيرة تراس إلى أن الصين تنفق حاليا ضعف ما تنفقه الولايات المتحدة على تمويل التنمية، وبأن 44 من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تدين بديون لبكين تفوق 10% من إجمالي دخلها القومي. بينما يعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في استيراد ما يفوق 40% من احتياجاته من الغاز – بل إن روسيا تحتكر تماما توريد الغاز لبعض الدول. ودعت إلى ضرورة "إنهاء هذا الاتكال الاستراتيجي، سواء فيما يتعلق بالطاقة أو الاستثمار أو التكنولوجيا، وإيجاد بدائل أخرى. ومضت تقول: "يسعى أعداؤنا إلى استغلال الاقتصاد والتكنولوجيا كأدوات للسيطرة. بينما نريد نحن استغلال ذلك كأدوات للتحرر. وسوف نستعين بكل ما لدى بريطانيا من نفوذ وأفكار وإلهام لتحقيق ذلك".

الاستثمار والتجارة والتنمية

قالت وزيرة الخارجية بأنها سوف تطلق في السنة القادمة استراتيجية جديدة للتنمية. فإلى جانب مقاربتنا الجديدة نحو الاستثمار، بإطلاق مؤسسة الاستثمار الدولي البريطاني، سوف تركز استراتيجية التنمية على توفير الحرية التي تحتاجها النساء والفتيات لتحقيق النجاح في حياتهن. حيث سوف تُلزمنا هذه الاستراتيجية بتعزيز استجابتنا للأزمات الإنسانية في أنحاء العالم، وضمان أن تكون سياساتنا التنموية داعمة لإيماننا بالحرية والديمقراطية.

الشراكات الأمنية والدفاعية

وأشارت الوزيرة تراس إلى أننا سوف نؤسس شراكات بمجال الأمن الإلكتروني مع حلفائنا في أنحاء العالم، من مجموعة آسيان وحتى كندا وغيرها. وسوف ننمي قدراتنا الأمنية التقليدية من خلال أكبر زيادة في الإنفاق العسكري منذ جيل كامل. وسنؤكد أقوالنا بأفعال عن طريق تخصيص 2% من إجمالي الناتج المحلي للدفاع، وبذلك نكون أكبر مساهم في حلف الناتو في أوروبا كلها.

وأضافت الوزيرة قائلة بأننا نقف إلى جانب أوكرانيا في دعم أمنها ودفاعها، ومساعدتها في أن تصبح مستقلة بمجال الطاقة التي تحتاجها. وأكدت بأننا "سوف نعمل ليل نهار لمنع النظام الإيراني من امتلاك سلاح نووي نهائيا. وسوف نواصل العمل مع شركائنا للاستجابة للوضع الأمني والإنساني في أفغانستان".
وفي الختام، قالت وزيرة الخارجية البريطانية إنه من خلال مؤازرة أفكارنا والبناء على نفوذنا وإلهامنا للآخرين يمكننا المضيّ قدما كشبكة عالمية مناصرة للحرية: "هكذا يمكننا مواجهة التحدي في هذا العالم المتغير سريعا. وهكذا يمكننا الانتصار مرة أخرى في معركة الأفكار والنفوذ. وهكذا نضمن بأن المجتمعات الحرة والديمقراطية تحافظ على بقائها، بل وتزدهر".