فيينا: استؤنفت في فيينا الإثنين محادثات إحياء الاتفاق حول البرنامج النووي لإيران التي أكدت تركيزها على نيل ضمانات والتحقق من رفع العقوبات، فيما شدّد المنسّق الأوروبي للمفاوضات أنه لا يزال هناك عمل "شاق" يجب القيام به.

وتجري الجولة الثامنة من محادثات فيينا بين إيران والدول التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين)، في حين تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.

وقال المنسّق الأوروبي للمحادثات إنريكي مورا إن جميع الأطراف يظهرون "إرادة واضحة للعمل نحو نهاية ناجحة لهذه المفاوضات".

وأضاف مورا في تصريحات للصحافيين بعد بدء الجولة "إنها علامة جيدة للغاية... سنعمل بجدية كبيرة في الأيام والأسابيع المقبلة... سيكون الأمر شاقا".

وأوضح بعد الاجتماع أن المفاوضين سيعملون طوال الأسبوع لكنهم سيتوقفون من الجمعة إلى الأحد لأسباب لوجستية. وقال إنهم يتوقعون استئناف العمل الإثنين المقبل.

من جهته، قال السفير الروسي في فيينا ميخائيل أوليانوف الذي يرأس وفد بلاده في المفاوضات إن الوفود "اتفقت خصوصا على تكثيف عملية الصياغة من أجل الوصول إلى اتفاق في اسرع وقت ممكن".

وكان أوليانوف قد قال في وقت سابق الإثنين إن هذه "من المحتمل أن تكون الجولة الأخيرة للمفاوضات".

وتهدف هذه المباحثات الى إحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران. وردت الأخيرة بعد نحو عام من ذلك، بالتراجع تدريجيا عن العديد من التزاماتها الرئيسية بموجب الاتفاق.

وقبل ساعات من استئناف لقاءات التفاوض في فندق "باليه كوبورغ"، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان "جدول الأعمال هو مسألة الضمانات والتحقق" من رفع العقوبات الأميركية بحال العودة للاتفاق، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" الإثنين.

وأضاف "الأهم بالنسبة إلينا هو الوصول الى نقطة يمكننا من خلالها التحقق من أن النفط الإيراني سيباع بسهولة ومن دون أي حدود، وأن الأموال لقاء هذا النفط ستحوّل بالعملات الأجنبية الى حسابات مصرفية تابعة لإيران، وأنه سيمكننا الاستفادة من كل العوائد الاقتصادية في قطاعات مختلفة".

وعقدت وفود طهران وموسكو وبكين اجتماعا مشتركا "لمقارنة الملاحظات قبل البداية الرسمية للجولة الثامنة"، وفق ما أورد رئيس الوفد الروسي ميخائيل أوليانوف.

أتاح الاتفاق، واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة"، رفع عقوبات كانت مفروضة على طهران، في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن واشنطن أعادت بعد الانسحاب فرض عقوبات طالت قطاعات عدة أبرزها النفط الذي كان يوفّر جزءا أساسيا من إيراداتها بالعملة الصعبة.

وأجرى الأطراف المعنيون ست جولات من المباحثات بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو، قبل أن تعلّق لنحو خمسة أشهر بعيد الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي انتهت بفوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، وتستأنف اعتبارا من 29 تشرين الثاني/نوفمبر.

خلال الجولة السابعة بدءًا من تشرين الثاني/نوفمبر، تحدث دبلوماسيون أوروبيون عن تحقيق "تقدم على المستوى التقني"، لكنهم حذّروا من أن الوقت المتاح للاتفاق بات ضيقا.

من جهتها، أكدت طهران أن الأطراف الآخرين وافقوا على إضافة ملاحظات ونقاط جديدة طرحها وفدها المفاوض إلى النقاط التي تمت مناقشتها بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو.

وأوضح أمير عبداللهيان "توصلنا الى وثيقة مشتركة حول المسألة النووية، والعقوبات. اليوم ستبدأ المفاوضات الأولى حول هذه الوثيقة المشتركة".

من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده "لدينا اليوم هاتان الوثيقتان عن رفع العقوبات والنشاط النووي، والوثيقة عن رفع العقوبات ستكون محور تركيز وفدنا من أجل مصلحة شعبنا".

وتابع "نأمل في أن نرى نافذة تفتح نحو فرص في هذه الجولة".

وحذّر المفاوض الأميركي روب مالي الثلاثاء من أن الهامش الزمني لا يتعدى "بضعة أسابيع"، محذّرا من "أزمة" في حال فشل الجهود الدبلوماسية.

أبدى جو بايدن الذي خلف ترامب كرئيس للولايات المتحدة، عزمه على إعادة بلاده الى الاتفاق، لكن شرط عودة إيران الى الامتثال لالتزاماتها بموجبه. في المقابل، تؤكد طهران أولوية رفع العقوبات وضمان عدم انسحاب واشنطن من الاتفاق مجددا.

وسبق لطهران أن أكدت استعدادها للعودة الى الامتثال لموجبات الاتفاق النووي، في حال تم رفع العقوبات والتزم الأطراف الآخرون بتعهداتهم.

وشملت الإجراءات الإيرانية رفع مستوى تخصيب اليورانيوم الى 60 بالمئة، بفارق كبير عن السقف المحدد في الاتفاق النووي (3,67 بالمئة).

وأكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي لوسائل إعلام روسية السبت، أن بلاده لا تعتزم التخصيب أعلى من 60% بحال فشل مباحثات فيينا.

وكانت تقارير صحافية غربية أفادت أن إسرائيل - المعارِضة بشدة للاتفاق النووي والعدو اللدود للجمهورية الإسلامية - أطلعت واشنطن على معلومات استخبارية تفيد بنيّة إيران رفع التخصيب الى 90 بالمئة، وهي النسبة التي يمكّن بلوغها استخدام اليورانيوم المخصّب لأغراض عسكرية.

وجدد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد التأكيد الإثنين أن بلاده "لن تسمح لإيران بأن تصبح دولة عند العتبة النووية".

وأضاف أمام جلسة للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست "بالتأكيد نفضّل التحرك من خلال التعاون الدولي، لكن اذا لزم الأمر، سندافع عن أنفسنا بأنفسنا".