لندنديري (المملكة المتحدة): شكّل "الأحد الدامي" نقطة تحوّل في ثلاثة عقود من العنف في إيرلندا الشمالية أطلق عليها اسم "المشاكل".
ويوم الأحد الموافق 30 كانون الثاني/يناير 1972، قتلت قوّات مظلية بريطانية 13 متظاهرا كاثوليكيا في ثاني كبرى مدن المقاطعة لندنديري. وتوفي متظاهر آخر بعد بضعة شهور متأثرا بجروحه.
في ما يلي لمحة عن كيفية تطور الأحداث:
نظّمت "رابطة الحقوق المدنية الإيرلندية الشمالية" مسيرة منددة بالاعتقالات لتخرج ذلك اليوم في المدينة التي يطلق عليها الكاثوليك اسم "ديري".
وكان المشاركون يشعرون بالغضب حيال تزايد عمليات الاعتقال من دون محاكمة التي طالت قوميين كاثوليك منذ آب/اغسطس من العام السابق.
تصاعد الاضطرابات
ولم تمنح السلطات المسيرة الإذن في ظل حظر فرضته سلطات إيرلندا الشمالية البروتستانتية لمدة عام على خروج كافة المسيرات على وقع تصاعد الاضطرابات منذ بدأ متظاهرون ناشطون في مجل الحقوق المدنية المطالبة بوضع حد للتمييز في التصويت والسكن والتوظيف بحق الأقلية الكاثوليكية عام 1968.
مع ذلك، شارك 15 ألف شخص على الأقل في المسيرة، التي انطلقت وسط أجواء مهرجانية من كريغان إستيت، على بعد بضعة كيلومترات من وسط المدينة مرورا بحي بوغسايد الكاثوليكي إلى ساحة غيلدهول.
وكانت قوة من فوج المظليين في الفرقة البريطانية الأولى بانتظارهم أمام متاريس لمنع وصول المسيرة إلى وسط المدينة.
وانفصل جزء من الحشد ودخل شارع وليام حيث بدأ الشباب يلقون الحجارة على أحد متاريس الجيش البريطاني.
وصدرت أوامر للقوات ببدء الاعتقالات واقتحمت مركبات مدرّعة الحشد. وحوالى الساعة 16,10 بدأ الجنود بإطلاق النار.
وفي غضون عشر دقائق، قتل 13 شخص وأصيب 15 آخرين بجروح، توفي أحدهم لاحقا متأثرا بجروحه. وكان ستة من القتلى في السابعة عشرة من العمر.
أفاد الجنود بأنهم تعرّضوا إلى إطلاق نار متواصل وهجمات بقنابل مسمارية. وأفادوا بأنهم صوّبوا أسلحتهم بعيدا عن المتظاهرين.
وبينما قبل القاضي الانكليزي الرفيع جون ويدجري في تقريره الرسمي إلى حد بعيد هذه المزاعم، إلا أنها لم تكن مدعّمة بشهادات مستقلة.
ولم يصب أي جنود خلال العملية فيما لم يعثر على أسلحة نارية أو قنابل.
"تبييض الجرائم"
ونددت عائلات الضحايا بدورها بالتقرير التي اعتبرت أنه يعد "تبييضا للجرائم".
عززت عمليات القتل موقف "الجيش الجمهوري الإيرلندي المؤقت"، المدافع عن إعادة توحيد إيرلندا الشمالية مع جمهورية إيرلندا، فازدادت أعداد المجنّدين الجدد.
وفي الثاني من شباط/فبراير، أضرم حشد الغضاب النيران في السفارة البريطانية في دبلن.
وفي 24 آذار/مارس، علّقت لندن عمل حكومة إيرلندا الشمالية الإقليمية، ما أدى إلى عقود من الحكم المباشر من العاصمة البريطانية.
في حزيران/يونيو 2010، أفاد تقرير جديد نشر بعد تحقيق استمر 12 عاما أن الجنود البريطانيين بادروا بإطلاق النار وقدّموا شهادات مضللة بشأن حقيقة ما حدث.
وخلص تقرير القاضي البريطاني الرفيع مارك سافيل إلى أن أيا من الضحايا لم يكن يحمل السلاح، ولم تصدر أي تحذيرات من الجنود قبل إطلاق النار فيما كانت عمليات إطلاق النار "كارثية" بالنسبة لإيرلندا الشمالية وأدت إلى تصاعد العنف.
وبعد التقرير، اعتذر رئيس الوزراء البريطاني حينذاك ديفيد كاميرون على عمليات القتل، قائلا "لا شك.. في أن ما حصل يوم +الأحد الدامي+ كان غير مبرر ولا يمكن تبريره. كان خطأ".
في 14 آذار/مارس 2018، وجّهت اتّهامات لعنصر سابق في القوات المظلية عرف فقط بـ"الجندي ف"، بقتل شخصين ومحاولة قتل أربعة آخرين.
لكن أُسقطت التهم في تموز/يوليو 2021 بعد تنديدات صدرت من نواب في الحزب المحافظ.
وكان "الأحد الدامي" من بين أحلك فصول النزاع بين القوميين الكاثوليك في إيرلندا الشمالية (المطالبين بإيرلندا موحّدة) والوحدويين البروتستانت الموالين لبريطانيا.
التعليقات