إيلاف من بيروت: في ظل تصاعد التوتر في الحرم القدسي بين إسرائيل والفلسطينيين، وعودة العمليات العسكرية إلى القدس، عاد الحديث عن المسعى الإسرائيلي إلى التقسيم الزماني والمكاني للأقصى.

سألت "إيلاف" القارئ العربي في استفتائها الأسبوعي: "هل تتفق مع الدعاوى الإسرائيلية بأن التقسيم الزماني والمكاني يحل مشكلة الحرم القدسي؟".

أجاب 37 في المئة من المستجيبين للاستفتاء بـ "نعم"، فيما أجاب 63 في المئة منهم بأنهم يعارضون هذه الدعاوى الإسرائيلية. فما هو التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى؟

إنها فكرة تعود إلى حزب الليكود، وتعد تمهيدًا إسرائيليًا لتهويد المسجد الأقصى بتكريس السياسة الإسرائيلية لاقتحامه. وهي مستمدّة من مخطّط يهودي قديم هدفه السيطرة الكاملة على الأقصى ثم هدمه لإقامة "الهيكل الثالث" في مكان قبّة الصخرة.

التقسيم الزماني: تقسيم ساحات الأقصى زمانيّاً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أي تخصيص أوقات معيّنة لوجود المسلمين في باحات المسجد الأقصى، وأوقات معينة أخرى لوجود اليهود فيها. يُخصص المسجد الأقصى لليهود في أعيادهم الخاصة، ويصل مجموع عدد أيّامها 100 يوم في السنة، إضافة إلى أيام السبت اليهودي ومجموعها 50 يوماً. وهكذا، يكون مجموع الأيّام المخصّصة لليهود 150 يوماً في السنة. في هذه الأيام، يحظر رفع الأذان الإسلامي.

التقسيم المكاني: تخصيص أماكن معينة في المسجد الأقصى التي تصل مساحته إلى 144 دونماً لكلٍّ طرف من من الطرفين، أي تخصيص أجزاء في المسجد الأقصى تحولها إسرائيل كنائس يهوديّة يؤدي الإسرائيليون صلواتهم فيها، وتخصيص الأماكن المسقوفة كمصلّى قبّة الصخرة والمصلّى المرواني للمسلمين. لكن، يُسمح لليهود في أعياهم الخاصة بإقامة صلواتهم في كلّ أرجاء الحرم القدسي،ما عدا المسجد القبلي.

بدأت الإجراءات الفعليّة للتقسيم الزماني والمكاني بلأقصى في عام 1967، إثر احتلال القدس بعد النكسة، حين دخل الجنرال الإسرائيلي موردخاي غور المسجد عنوة مع كتيبة من جنوده رافعًا العلم الصهيونيفوق على قبّة الصخرة، ومانعًا المسلمين من رفع الأذان وأداء صلاتهم فيه، ومصادرًا مفاتيح أبواب المسجد بعدما أغلقه أسبوعاً كاملاً.

وابتداءً من عام 1976، صدر قرار قضائي إسرائيلي يقضي بحق اليهود في أداء صلواتهم داخل الحرم القدسي.

بنهاية نوفمبر 2014، أخذ التقسيم المكاني والزماني للأقصى منحى خطيراً: أغلقت إسرائيل بوّابات المسجد الأقصى أمام المسلمين ومنعتهم من دخوله.

في عام 2015، منعت إسرائيل دخول النساء إلى المسجد الأقصى في الفترات المخصّصة لاقتحامات المستوطنين، واتهمت المرابطين والمرابطات في الأقصى بالخروج على القانون، وصُنِفوا "إرهابيين".

يؤكد المراقبون أن هذه السياسة الإسرائيلية المرتكزة على التقسيم المكاني والزماني للحرم القدسي لا تحل مشكلة الحرم المستعصية بين اليهود والعرب، خصوصًا أن الأطماع الإسرائيلية في القدس والأقصى لا تتوقف عند أي حدود، وأن إسرائيل لن تتوقف إلا عندما تتمكن من تنفيذ مخططها الأصلي، وهو هدم قبة الصخرة وبناء الهيكل الثالث على أنقاضها، وهذا ما سيؤدي إلى حروب ومذابح دينية لا تنتهي.

فالعالم الإسلامي لن يقف مكتوف اليدين أمام أي انتهاك يصل إلى حدود هدم قبة الصخرة، بحسب المراقبين، ومعركة الأقصى مختلفة عن أي معركة أخرى. فلا سياسة فيها، إنما هي حرب مقدسة، من جانبين، وربما تتطور إسلاميًا إلى دعوة للجهاد، من دون أن ننسى أن على الحدود الشمالية لإسرائيل تنظيم ديني يضع يده على زناد آلاف الصواريخ، تستخدمه إيران متى يحلو لها. وهل من فرصة ذهبية أفضل من فرصة الدفاع عن الأقصى لتكون حجة إيران أيضًا في الدخول إلى معادلة جديدة، سترهق إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، في الخارج وفي الداخل.