كييف (أوكرانيا): تدور معارك ضارية في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا حيث تركز موسكو هجومها بدون تحقيق تقدم يذكر، فيما تجري مفاوضات "صعبة جداً" حول مصير آخر المدافعين عن مدينة ماريوبول الإستراتيجية على البحر الأسود.

وكتب سيرغي غايداي حاكم منطقة لوغانسك الأوكراني مساء الجمعة على فيسبوك "هناك معارك كثيفة على الحدود مع منطقة دونيتسك قرب بوباسنا"، مشيراً إلى خسائر كبيرة بالعناصر والعتاد من الجانب الروسي.

وقال "إنه وضع فظيع، لكنهم ما زالوا يحاولون تحقيق أهدافهم. لكننا علمنا من اعتراض (اتصالات هاتفية) أن كتيبة كاملة رفضت شن هجوم لأنهم يرون ما يجري".

وقال مسؤول دفاع أميركي طلب عدم كشف اسمه أن العمليات العسكرية الروسية تتركز بشكل أساسي حاليا في دونباس موضحا "ما زلنا نرى بصورة عامة أن الروس لا يحققون تقدما يذكر" في هذه المنطقة.

وتابع المصدر أن "المدفعية الأوكرانية تتصدى للمجهود الروسي لتحقيق تقدم، بما في ذلك جهودهم لعبور نهر دونيست (...) ما ينعكس على قدرتهم على إرسال تعزيزات مهمة إلى شمال دونباس".

مواصلة الاعتداء

وأفادت وزارة الدفاع البريطانية الجمعة أن القوات الأوكرانية صدت "بنجاح" محاولة روسية لعبور هذا النهر قرب سيفيرودونيتسك ملحقة خسائر فادحة بقوات موسكو.

ورأت وزارة الدفاع البريطانية أن هذه العملية تعكس "الضغط الذي يخضع له القادة الروس لإحراز تقدم في شرق أوكرانيا" مشيرة إلى أن الجيش الروسي "لم يتمكن من تحقيق تقدم مهم رغم أنه ركز قواته" في المنطقة بعد التخلي عن خطة مهاجمة كييف.

فبعد أسابيع من غزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، انسحبت روسيا في أواخر آذار/مارس من منطقة العاصمة الأوكرانية لتركز هجومها على شرق أوكرانيا.

وقال متحدث باسم رئاسة الأركان الأوكرانية فجر السبت إن الروس "لم يوقفوا هجومهم في منطقة عمليات الشرق، العدو يواصل ضرباته الصاروخية على البنى التحتية الصناعية وإطلاق النار على أهداف مدنية في كل أنحاء أوكرانيا".

وذكرت رئاسة الأركان في بيانها الصباحي اليومي أن الجيش الروسي استخدم في منطقة دونيتسك وتافريا "قذائف هاون ومدفعية وقاذفات صواريخ ووسائل جوية لإلحاق أقصى قدر من الاضرار بالجيش الأوكراني" مستهدفا "عناصر وتعزيزات ومبان".

وأكد صد عشر هجمات روسية خلال 24 ساعة في محيط دونيتسك ولوغانسك.

وأورد المعهد الأميركي لدراسة الحرب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يعتزم على الأرجح ضم جنوب وشرق أوكرانيا إلى روسيا الاتحادية في الأشهر المقبلة".

وذكر المعهد أن "أوكرانيا وشركاءها الغربيين لا يملكون على الأرجح سوى فسحة فرص محدودة لمساندة هجوم مضاد في المناطق المحتلة قبل" ضمها.

في المقابل، يبدو أن الوضع انقلب في خاركيف لصالح الأوكرانيين بالرغم من أن المدينة بين أولويات الأهداف الروسية.

وقال المتحدث باسم هيئة الأركان الأوكرانية أن "النشاط الرئيسي للعدو في منطقة خاركيف كان سحب وحداته من المدينة".

الجهود متواصلة

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الجمعة في رسالته اليومية أن "التحرير التدريجي لمنطقة خاركيف يثبت أننا لن نترك أحداً للعدو"، مؤكداً أن استعادة الأراضي التي سقطت بأيدي الروس متواصلة.

وقال "إلى اليوم، تم تحرير 1014 بلدة، بزيادة ست بلدات خلال الساعات الـ24 الأخيرة".

وأشار إلى عودة الماء والكهرباء والاتصالات والنقل والخدمات العامة إلى هذه البلدات، مؤكدا أن المدن والمناطق التي لا تزال محتلة تبقى نصب عينيه.

وذكر بصورة خاصة المقاتلين الأوكرانيين الذين لا يزالون متحصنين في دهليز من الأنفاق يعود إلى الحقبة السوفياتية تحت مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول وعددهم ألف، مشيراً إلى أن "مفاوضات صعبة جداً تجري حول المرحلة المقبلة من الإجلاء، للمصابين بجروح خطيرة ومقدمي الرعاية الطبية".

وتم إجلاء كل النساء والأطفال والمسنين الذين لجأوا إلى هذه الأنفاق في نهاية نيسان/أبريل في عملية جرت بالتنسيق مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر بعد مفاوضات شاقة.

كذلك أفادت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتشوك عن "مفاوضات مع العدو صعبة جداً" مضيفة "نفاوض حالياً (لإخراج) 38 مقاتلًا مصابين بجروح بالغة، نتقدم خطوة خطوة ... ليس هناك مفاوضات حالياً لتحرير 500 إلى 600 شخصاً".

وأوردت رئاسة الأركان الأوكرانية السبت في بيانها الصباحي اليومي أن الجيش الروسي يواصل "محاصرة وحداتنا قرب مصنع آزوفستال. وشن ضربات مدفعية وجوية واسعة النطاق".

ووجه سفياتوسلاف بالامار مساعد قائد كتيبة آزوف التي تقاتل في آزوفستال نداء إلى الولايات المتحدة للمساعدة على "إجلاء جرحانا وحشد كل الجهود للمساعدة على إخراج كتيبتنا" من الحصار.

وقال متحدثاً من أمام المصنع "هناك حوالى 600 جريح في آزوفستال، الروس يواصلون قصف المستشفى العسكري" مؤكدا "سنقاوم طالما أننا قادرون على ذلك".

لكن فيريشتشوك علقت بالقول "يجب عدم المبالغة في قدرة قادة العالم" بمواجهة تصميم موسكو.

وفشلت الجهود الدولية حتى الآن في إنقاذ هؤلاء الجنود الأوكرانيين الذين يدافعون عن المدينة المدمرة بالكامل تقريبا جراء القصف الروسي.

مساعدة إضافية لأوكرانيا

وفي هذا السياق، تعهد الاتحاد الأوروبي الجمعة بتقديم مساعدة إضافية لأوكرانيا بقيمة نصف مليار يورو، رافعا قيمة مساعداته العسكرية إلى "ملياري يورو بالإجمال".

وقال وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل على هامش اجتماع لمجموعة السبع في فانغلز في أقصى شمال ألمانيا إن المسألة "واضحة"، مؤكدا أنه ينبغي الاستمرار في الخط المتبع أي فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا وتقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا و"مواصلة العمل على عزل روسيا".

غير أن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 لم تتوصل حتى الآن إلى اتفاق لوقف واردات الغاز الروسي تدريجياً إذ اعتبرت المجر التي تعول على إمداداتها من روسيا، أن الاستثناء الممنوح لها غير كاف.

ويعقد وزراء خارجية مجموعة السبع (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة) اجتماعا حتى السبت يشارك فيه نظيراهما الأوكراني دميترو كوليبا والمولدافي نيكو بوبيسكو.

كما يعقد وزراء خارجية دول الحلف الأطلسي لقاء غير رسمي حول أوكرانيا السبت في برلين.

وصدر تقرير رسمي سويدي الجمعة فتح الطريق أمام انضمام البلد إلى الحلف الأطلسي، موردا استخلاصات مؤيدة لمثل هذه الخطوة قبل صدور قرار بهذا الصدد خلال الأيام المقبلة عن السويد وجارتها فنلندا، البلدان اللذان بقيا على مدى عقود خارج التحالفات العسكرية.

وتثير إمكانية انضمام البلدين إلى الحلف الاطلسي غضب موسكو.

في جورجيا، أعلن زعيم منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية الموالية لموسكو التي احتلتها عام 2008، الجمعة تنظيم استفتاء في 17 تموز/يوليو حول الانضمام إلى روسيا.