إيلاف من بيروت: نشر موقع "بوليتيكو" بنسخته الأوروبية مقالة عنوانها "على الاتحاد الأوروبي أن يساعد في مقاضاة بوتين على جرائم العدوان وهذه هي الطريقة المثلى"، ألفها كارل بيلت، رئيس الوزراء السابق ووزير خارجية السويد والرئيس المشارك للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قال فيها إن الغزو الروسي غير الشرعي لأوكرانيا اتسم بالفظائع، وأدى إلى إدانة دولية والمطالبة بالمساءلة، "وبينما تتدافع الدول والمحاكم والمجتمع المدني لجمع الأدلة والحفاظ عليها، حتى مع الإرادة الكبيرة والموارد الوفيرة، ثمة خطر كبير يتمثل في أن الأوكرانيين لن يروا سوى القليل من العدالة".

يضيف بيلت أن من بين شركاء أوكرانيا كلهم، الاتحاد الأوروبي هو الأقدر على ضمان أقصى قدر ممكن من المساءلة، “ويمكنه القيام بذلك fدعم غرفة جرائم حرب خاصة داخل محاكم أوكرانيا”.

لتوسع مواردها

على الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية تحقق حاليًا في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في أوكرانيا - بما فيها التي ارتكبت منذ الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم ودونباس في عام 2014 – فإن هذه المحكمة تفتقر إلى الولاية القضائية على الجريمة المركزية المنسوبة مباشرة إلى الرئيس الروسي. فلاديمير بوتين وكبار مسؤوليه، أي جريمة العدوان.

يتابع بيلت: "على المحكمة الجنائية الدولية أن توسع مواردها المحدودة لممارسة اختصاصها على مثل هذه الجرائم الخطيرة في جميع أنحاء العالم، لكن إثبات القضايا المرفوعة ضد كبار القادة المسؤولين عن هذه الجرائم أمر شاق وصعب. ولا يتوقع من المدعي العام سوى توجيه اتهامات إلى حفنة من المشتبه بهم بارتكاب جرائم في أوكرانيا".

وبخلاف المحكمة الجنائية الدولية، فتحت 10 دول أوروبية على الأقل أيضًا تحقيقات جنائية في الجرائم الدولية في أوكرانيا حتى الآن، والعديد منها بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية. بحسب بيلت، كانت مثل هذه الإجراءات مهمة في تأمين قدر من العدالة في قضايا مثل سوريا، لكن من غير المرجح أن تؤدي إلى توجيه اتهامات إلى أكثر من حفنة أخرى من المشتبه بهم في أوكرانيا. وبينما تتمتع بعض هذه الدول التي فتحت تحقيقات جنائية، بما في ذلك أوكرانيا، بولاية قضائية على جريمة العدوان، بموجب القانون الدولي العرفي، يتمتع كبار المسؤولين الروس بحصانة من الملاحقة القضائية أمام أي محكمة وطنية.

ليس مؤشرًا

ووفقًا لمقالة بيلت، فتح القضايا هو الجزء السهل، فهو ليس مؤشرًا على التقدم. صرح مكتب المدعي العام في أوكرانيا أنه فتح تحقيقات في حوالي 10000 فظائع حتى الآن. ومع ذلك، فقد عملت السلطات الوطنية بالفعل لسنوات على قضايا الجرائم الدولية منذ موجة الغزو الروسي 2014-2022، وكانت النتائج قليلة. ومع موجة الجرائم العارمة منذ 24 فبراير، أصبحوا الآن غارقين تمامًا - أي نظام عدالة في العالم سيكون كذلك. ومن خلال المساعدة في هذه العملية، تعد المملكة المتحدة والولايات المتحدة ومجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي من بين أولئك الذين يقدمون المشورة والتدريب للمدعين العامين في البلاد. يقول بيلت: "بعض هذه الجهود لها قيمة حقيقية، في حين أن البعض الآخر مجرد إشارات على حسن النية مع تأثير ضئيل. وحتى مع هذه المساعدة، من غير المحتمل أن يتمكن المدعون العامون الأوكرانيون من رفع قضايا ضد أكثر من عدة جناة من المستوى المنخفض والمباشر، أو أن هذا النهج سيبني نظامًا محليًا جاهزًا للتعامل مع قضايا جرائم الحرب لسنوات قادمة".

يضيف: "باختصار، هناك ثلاث ثغرات في المساءلة في أوكرانيا: يجب أن تكون هناك عدالة في جريمة العدوان؛ يجب أن تكون هناك طريقة لمحاسبة أولئك الذين يتحملون أكبر قدر من المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي؛ ويجب على المجتمع الدولي البدء في اتخاذ تدابير الآن لتعزيز النظام القضائي في أوكرانيا، بحيث يكون قادرًا على التعامل مع جرائم الحرب لفترة طويلة بعد أن تحول الاهتمام الدولي إلى مكان آخر - وهو ما سيفعله حتما... ولحسن الحظ، هناك طريقة لمعالجة هذه الثغرات".

الإجابة تكمن في محكمة ذات طابع دولي للعدوان، والتي لن يكون أمامها بوتين وغيره من كبار المسؤولين الروس حصانة من الملاحقة القضائية. على هذا المنوال، اقترح البعض بالفعل أن أوكرانيا يمكن أن توقع معاهدة مع الأمم المتحدة، بعد قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لإنشاء محكمة خاصة بشأن العدوان. يسأل بيلت: "مع ذلك، هذا الحل يثير مخاوف مشروعة بشأن الكيل بمكيالين: إذا أنشأت الأمم المتحدة محكمة للعدوان على أوكرانيا، فلماذا لم تفعل ذلك لغزو العراق بقيادة الولايات المتحدة؟".

هو الأقدر

يتابع: "الاتحاد الأوروبي هو الأقدر على قيادة مثل هذا الجهد. وهي بالفعل شريك لدوائر كوسوفو المتخصصة الناجحة - وهو نموذج يمكن تكييفه مع هذه الحالة أيضًا. اقترحت مفوضية الاتحاد الأوروبي هذا الشهر تعزيز ولاية Eurojust لتشمل جمع الأدلة والحفاظ عليها في أوكرانيا، ويمكن أن تشكل هذه المبادرة نواة لمكتب ادعاء في محكمة في المستقبل. ويمكن للاتحاد الأوروبي بعد ذلك اتخاذ الخطوة التالية للاتفاق مع أوكرانيا على إنشاء وحدة مقاضاة مدولة للغاية داخل مكتب المدعي العام في البلاد، مع انضمام قضاة وموظفين دوليين إلى دائرة جرائم الحرب الخاصة بالقضاء الأوكراني. أو، يمكن لأوكرانيا والشركاء الدوليين الاتفاق على إنشاء محكمة خارج النظام المحلي الأوكراني مع موظفين مختلطة، تعمل بموجب قوانين الإجراءات الجنائية والجنائية الخاصة بها".

يستشهد بيلت بالبوسنة وغيرها من الحالات، حيث أثبتت طريقة العمل هذه جنبًا إلى جنب مع الخبراء الدوليين في القضايا الأولية أنها أفضل طريقة لبناء القدرات على المدى الطويل. يقول: "عندما يصبح المسؤولون القضائيون في أوكرانيا خبراء، يمكن أن ينسحب المكون الدولي ببطء، وتتحول طبيعة المحكمة من دولية إلى وطنية بمرور الوقت. وبعد ذلك، إذا تم اعتقال مشتبه بهم رفيعي المستوى بعد سنوات عديدة فقط، فيمكن إحياء المكون الدولي لتلك المحاكمات المحددة. وهناك احتمالات كثيرة هنا. على سبيل المثال، يمكن أن يكون لمثل هذه الآلية شركاء متعددين، ومع ذلك، يجب أن يعكس أي خيار يتم اختياره مطالب الحكومة الأوكرانية والمجتمع المدني، وتطبيق الدروس المستفادة من التجارب السابقة في مجال العدالة الدولية".

يختم بيلت مقالته بالقول: "أظهر الاتحاد الأوروبي بالفعل دعمًا هائلًا لأوكرانيا، وفي الاستجابة للوحشية المستمرة، قد يكون الشريك المثالي للبلاد لإنشاء آلية فعالة للعدالة".


أعدت "إيلاف" هذه القراءة لمقالة كارل بيلت عن موقع "بوليتيكو"