لندن: تعرض الحكومة البريطانية الاثنين أمام البرلمان مشروع قانونها لتعديل بعض بنود بروتوكول ايرلندا الشمالية والذي تم التفاوض عليه في إطار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويثير توترا شديدا في المقاطعة البريطانية.

وإذ تؤكد الحكومة أن النص المقترح "قانوني"، إلا أن حزب العمال المعارض والحزب الجمهوري الأيرلندي "شين فين" يتهمانها بـ "انتهاك القانون الدولي".

بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن هذا يعتبر تراجعا عن اتفاقية دولية ومن شأنه ان يبرر إجراءات انتقامية تجارية.

فالبروتوكول الذي أبرم لحماية السوق الأوروبية الموحدة، أنشأ حدودا جمركية في بحر ايرلندا لإبقاء أيرلندا الشمالية في المدار الجمركي للاتحاد الأوروبي وتجنب إنشاء حدود برية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية ايرلندا، العضو في الاتحاد الاوروبي، وحماية اتفاق" الجمعة العظيمة الذي وقّع في العام 1998 ووضع حدا لأعمال عنف دامية استمرت عقودا اسفرت عن مقتل 3500 شخص.

لكن الوحدويين يرون أنه يشكل تهديداً لمكانة المقاطعة داخل المملكة المتحدة التي يرتبطون بها بشدة. ويرفض الحزب الوحدوي لايرلندا الشمالية المشاركة في حكومة جديدة في بلفاست في حال عدم تعديل البروتوكول.

الحكومة البريطانية

أعلنت الحكومة البريطانية التي تدعم الوحدويين في منتصف أيار/مايو رغبتها في سن تشريع لتعديل البروتوكول.

وترغب الحكومة البريطانية في اعتماد نظام جديد بحيث تمر البضائع المتداولة والمتبقية داخل بريطانيا عبر "قناة خضراء جديدة" وتحررها من الإجراءات الإدارية. وتبقى البضائع الموجهة للاتحاد الأوروبي خاضعة لجميع الضوابط المطبقة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.

وقال جونسون لإذاعة "إل بي سي" صباح الاثنين إنها "تغييرات بيروقراطية ضرورية، وبصراحة إنها سلسلة تعديلات بسيطة إلى حد ما" مؤكدا أن مشروع القانون شرعي .

واوضح أن "التزامنا الأساسي كدولة يتعلق باتفاقية الجمعة العظيمة في بلفاست".

تراس

ودافعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس عن موقف بلادها في اتصال مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش ونظيرها الايرلندي سايمون كوفني، دون أن تنجح في اقناعهما.

أكد سيفكوفيتش أن الاتحاد الأوروبي قدم "الحلول" معربا عن أسفه "للعمل الأحادي الجانب الذي يقوض الثقة المتبادلة".

كوفيني الذي استمرت المكالمة معه بالكاد 12 دقيقة، اعتبر أن النص "ينتهك التعهدات البريطانية المتعلقة بالقانون الدولي" متهمًا تراس "بعدم المشاركة في مفاوضات ذات مغزى مع الاتحاد الأوروبي".

وردت تراس "نحن نفضل حلاً تفاوضيًا لكن يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعدًا لتعديل البروتوكول" مشددة على ضرورة "اعادة الاستقرار السياسي".

اتهمت ماري لو ماكدونالد، زعيمة الحزب الجمهوري في ايرلندا الشمالية شين فين، الأحد الحكومة البريطانية ب"انتهاك القانون الدولي" عبر التعديل، مؤكدة أن "البروتوكول يعمل". واعتبرت أن رئيس الوزراء بوريس جونسون يحاول عبر ذلك استعادة سلطته.

وأضافت ان اقتراحات الحكومة "معدة لتحريك الطموحات القيادية لدى بوريس جونسون أو أحد خلفائه المحتملين'' فيما يحاول رئيس الوزراء استعادة سلطته بعدما نجا في الآونة الأخيرة من تصويت لحجب الثقة قام به حزبه المحافظ.

انتهاك القانون

كما اتهم حزب العمال المعارض الرئيسي في بريطانيا الحكومة بالسعي لانتهاك القانون.

انتقدت النائبة العمّالية رايتشل ريفز الأحد الحكومة قائلة "يبدو أنها تريد تسجيل رقم قياسي في خرق القانون"، في إشارة إلى فضيحة "بارتي غيت" حول إقامة بوريس جونسون حفلات في مقر رئاسة الحكومة خلال فترات الحجر بسبب تفشي وباء كوفيد-19 مما أدى إلى تغريمه، في سابقة بالنسبة لرئيس حكومة في منصبه.

براندون لويس

في المقابل أكد الوزير البريطاني المكلف شؤون ايرلندا الشمالية براندون لويس أن مشروع قانون الحكومة "شرعي" و"صائب".

واوضح أن النص يهدف الى "إصلاح" المشاكل الناجمة عن تطبيق البروتوكول من أجل تبسيط التبادل التجاري بين بريطانيا وايرلندا الشمالية وتهدئة الوحدويين لكي يقبلوا بتشكيل حكومة.

ولطالما حذرت جمهورية أيرلندا، الجارة الأقرب من المقاطعة البريطانية، من تعديل البروتوكول من جانب واحد.

وقال كوفني الخميس إن "نشر هذا القانون سيسبب مشاكل أكثر بكثير مما سيحل، ليس بين بريطانيا وأيرلندا فحسب، بل بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل عام".

وأشار إلى أنه منذ إعلان لندن نواياها "تشدد" موقف الاتحاد الأوروبي.

اعتبر لويس أن الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى المرونة في المفاوضات مع المملكة المتحدة.

وقال لهيئة "بي بي سي" الأحد "أعتقد أنهم افتقدوا الصراحة عندما اعلنوا أنهم مرنون ... في الواقع لم يظهروا المرونة اللازمة لمعالجة هذه القضايا من أجل سكان ايرلندا الشمالية".