كييف (أوكرانيا): أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الأحد إقالة المدعية العامة ورئيس أجهزة الأمن في البلاد بسبب كثير من الشكوك بوجود حالات خيانة عدة ارتكبها مسؤولون محليون لصالح الروس، وذلك عشية اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي يرمي إلى تشديد العقوبات على روسيا.

وقال زيلينسكي في خطابه اليومي الموجه إلى الأمة "اليوم اتخذت قرارا بإعفاء المدعية العامة (إيرينا فينيديكتوفا) ورئيس أجهزة الأمن (إيفان باكانوف)".

وأشار إلى أن السلطات الأوكرانية تحقق حاليا في أكثر من 650 حالة خيانة مشتبه بها ارتكبها مسؤولون محليون، بينها ستون حالة في المناطق التي تحتلها القوات الروسية وتلك الموالية لموسكو.

شكوك

وأضاف زيلينكسي أن "العدد الكبير من الجرائم ضد أسس الأمن القومي، والروابط التي أقيمت بين مسؤولين أوكرانيين مكلفين تطبيق القوانين وبين الأجهزة الروسية الخاصة" هو أمر "يثير أسئلة خطرة جدا"، مشددا على أنه "سيتم الرد على كل سؤال من هذه الأسئلة".

وقادت فينيديكتوفا خصوصا التحقيق حول فظائع مزعومة ارتُكِبت في بداية غزو القوات الروسية في مدينة بوتشا، إحدى ضواحي شمال غرب كييف، والتي استحالت في نظر الغرب رمزا لـ"جرائم الحرب" الروسية في أوكرانيا.

يأتي ذلك في وقت يبحث وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الاثنين في تشديد العقوبات على موسكو، بعدما أدى تبني عقوبات سابقة إلى عزل روسيا وإلحاق ضرر كبير باقتصادها، من دون أن يدفع ذلك الكرملين إلى التراجع.

ومن المقرر أن يبحث الوزراء الاثنين في مقترح قدّمته المفوضية الأوروبية يقضي بحظر مشتريات الذهب من روسيا، لمواءمة عقوبات الاتحاد الأوروبي مع تلك التابعة لشركائه في مجموعة السبع.

ويرمي اقتراح آخر إلى وضع شخصيات روسية إضافية على اللائحة السوداء للاتحاد الأوروبي.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين "على موسكو أن تستمر في دفع ثمن باهظ لعدوانها". وبحسب مسؤول أوروبي كبير، لا يُتوقع اتخاذ أي قرار خلال مناقشة أولية في بروكسل بشأن هذه العقوبات الجديدة.

توازيا، قال قائد القوات المسلحة البريطانية الأدميرال توني راداكين في مقابلة تلفزيونية بثتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن 50 ألفا من عديد الجيش الروسي سقطوا بين قتلى وجرحى، كما خسرت قواته آلاف المدرعات أي "أكثر من 30 بالمئة من فاعليتها في القتال البري".

وأوضح راداكين أن غزو أوكرانيا "أسفر عن مقتل أو إصابة 50 ألف جندي روسي وتدمير قرابة 1,700 دبابة روسية، إضافة إلى نحو 4 آلاف آلية مدرعة".

وتدارك "لكن روسيا لا تزال قوة نووية" وقادرة على مواصلة حملتها العسكرية، معتبرا أن التكهنات حول مرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو إمكان تعرضه للاغتيال، مجرد "تفكير رغبوي".

كان بوتين حذّر في بداية تموز/يوليو من أن موسكو "لم تبدأ بعد الأمور الجدية" في أوكرانيا، والأسبوع الماضي أعطى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو التوجيهات اللازمة لزيادة "الضغط العسكري".

وبعد ثلاثة أيام على ضربات صاروخية دمّرت وسط مدينة فينيتسيا البعيدة مئات الكيلومترات من الجبهة وأوقعت 24 قتيلا على الأقل بينهم أطفال في هجمات استدعت إدانة الاتحاد الأوروبي لـ"السلوك الهمجي"، لا تزال المعارك مستمرة.

خاركيف

وليل السبت الأحد استُهدفت خاركيف، ثاني أكبر مدينة في البلاد والقريبة من الحدود الروسية بضربات صاروخية.

وقال الحاكم أوليغ سينيغوبوف "قرابة الساعة الثالثة صباحًا، في حي كييفسكي، اشتعلت النيران في إحدى طبقات مبنى صناعي من خمس طبقات نتيجة تعرضه لضربتين صاروخيتين. أصيبت امرأة تبلغ 59 عامًا ونقِلت إلى المستشفى".

واستهدفت ضربات أخرى مدينة ميكولاييف الجنوبية القريبة من البحر الأسود.

وقال حاكم المنطقة فيتالي كيم "قرابة الساعة الثالثة صباحًا، تعرضت ميكولاييف لقصف كثيف. تبلغنا بحريق اندلع في مؤسستين صناعيتين".

وأضاف أن بلدات شيفتشينكوف وزوريا ونوفوروسكي تعرضت لقصف في اليوم السابق، مشيراً إلى أن "ثلاثة اشخاص قتلوا وأصيب ثلاثة آخرون في شيفتشينكوف" وقتِلت امرأة السبت في قصف على شيروكيف حيث "دمر مبنى سكني".

دونيتسك

في منطقة دونيتسك (شرق)، قال حاكم المنطقة بافلو كيريلنكو إنها استُهدفت أيضا من جانب "الروس (الذين) يواصلون قصف البنية التحتية المدنية، خصوصا المؤسسات التعليمية".

وأوضح أن "ثلاثة صواريخ استهدفت بلدة توريتسك: أصاب أحدها منطقة سكنية واثنان سقطا في زاليزن حيث تضررت مدرسة وروضة أطفال. في كوستيانتينيفكا قصف الروس كلية الطب، ولا تتوافر أي معلومات عن وقوع ضحايا في الوقت الحالي".

واتّهم انفصاليون موالون لروسيا يسيطرون على المنطقة منذ 2014 القوات الأوكرانية بإطلاق 60 صاروخا من نوع غراد بواسطة راجمات على أحد أحياء دونيتسك.

وأكد الانفصاليون "إصابة مبان سكنية" بالقصف ونشروا صورا لأبنية مدمّرة، مع الإشارة إلى سقوط ضحايا.

تدخل الحرب في أوكرانيا شهرها السادس في 24 تموز/يوليو ولا تتوافر حصيلة إجمالية لعدد الضحايا المدنيين حتى الآن.

في وارسو تجمّع نحو ألفي متظاهر أوكراني وبولندي بعد ظهر الأحد أمام السفارة الروسية احتجاجا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأطلقوا هتافات بينها "كفى قتلى"، داعين إلى تشديد العقوبات على الكرملين ومتهمين قادته بالرغبة في تجويع كثير من الدول عبر منع صادرات الحبوب الأوكرانية.

وأحصت الأمم المتحدة حوالى خمسة آلاف قتيل، بينهم أكثر من 300 طفل، مشيرة إلى أن العدد الفعلي بلا شك أعلى من ذلك بكثير.

في مدينة ماريوبول (جنوب شرق) التي سقطت في أيار/مايو بعد حصار مروع، اشارت السلطات الأوكرانية إلى مقتل حوالى 20 ألف شخص.

وتحدثت مصادر أمنية غربية عن مقتل ما بين 15 و20 ألف جندي روسي، فيما أبلغت كييف عن مقتل 10 آلاف من قواتها.

من جهة ثانية اعتُقلت الأحد في روسيا الصحافية الروسية مارينا أوفسيانيكوفا التي أصبحت وجها معروفا بعد اقتحامها بثا تلفزيونيا مباشرا للتنديد بالحرب في أوكرانيا، وفق ما قال محاميها ومقربون منها.

ولم يصدر على الفور بيان رسمي بشأن أسباب هذا الاعتقال لكنه يأتي بعد أيام قليلة على تظاهر أوفسيانيكوفا بمفردها قرب الكرملين، ملوحة بلافتة تنتقد التدخل العسكري في أوكرانيا والرئيس فلاديمير بوتين.