ايلاف من لندن : قبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي استقالة قدمها وزير المالية علي علاوي الثلاثاء على خلفية عدم تنفيذ برامج اقتصادية ساهم في إعدادها وغياب موازنة عامة للانفاق.

وكلف الكاظمي، الذي حاول من دون جدوى اقناع علاوي بالعدول عن استقالته، وزير النفط إحسان عبد الجبار بالقيام بمهام وزير المالية بعد قبوله خلال جلسة الحكومة الاسبوعية اليوم استقالة علاوي.

الصراعات السياسية منعت اي اصلاح مالي

وابلغ مصدر عراقي مطلع "ايلاف" ان الوزير علاوي ممتعض من تأثير الصراعات السياسية على عمل الحكومة وعدم قدرتها على تنفيذ اي اصلاح مالي وكذلك من عدم تشريع الموازنة العامة للبلاد لحد الان برغم مضي 8 اشهر على بداية العام وهو أمر يكبل عمل وزارته ويضع عوائق لتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية التي كانت الحكومة او البرلمان قد وافق عليها في وقت سابق.

واشار الى ان الوزير غاضب ايضا من عدم اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ ورقة الاصلاح الاقتصادي المعروفة بـ "الورقة البيضاء" بسبب التناحر السياسي اضافة الى الفساد الذي تم الكشف عنه مؤخرا في بعض المؤسسات الاقتصادية. و"الورقة البيضاء" هي برنامج للإصلاح الاقتصادي أعدته خلية الطوارئ للإصلاح المالي ويشكل خارطة طريق شاملة تهدف إلى إصلاح الاقتصاد العراقي ومعالجة التحديات الخطيرة التي تواجهه والتي تراكمت على مدى السنوات الماضية بسب السياسات الخاطئة وسوء الإدارة والفساد وغياب التخطيط بالإضافة إلى الاعتماد شبه الكلي على النفط كمصدر أساسي لإيرادات الدولة.

تعليق رسمي على الاستقالة
ومن جهته اشار المتحدث باسم مجلس الوزراء حسن ناظم اليوم خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي الى إن "استقالة وزير المالية عبرت عن احترام كبير لإنجازات الحكومة"، مبيناً أن "نص استقالة الوزير صف إجراءات الحكومة وإنجازاتها بالاستثنائية كما بين أن الحكومة مُكبلة بالصراع المستشري بين القوى السياسية".
واوضح ان الوزير علاوي قد اشار ايضا إلى "النمو السريع للاقتصاد في العراق وتضمن حديثاً عن وفاء الحكومة بالوعود التي أطلقتها للعراقيين".

قانونية الاستقالة

من جهته، رأى الخبير القانوني محمد السامرائي ان "تقديم علاوي لاستقالته لا يحكمه نص قانوني وهي لاتعتبر استقالة بالمعنى القانوني والدستوري فلا يستقيل المستقيل وهو ليس موظف عادي فهو يشغل اهم منصب واول منصب في وزارته وهو منصب سياسي قبل ان يكون حكومي تنفيذي".

وأشار في تدوينة على صفحته بفيسبوك اطلعت عليها "ايلاف" الى ان هذا الاجراء يعتبر "تهربا من اداء مهامه الموقتة في تصريف الامور لانه مستقيل اساسا وقد وضع الدستور عليه وعلى اقرانه في مجلس الوزراء التزام دستوري وقانوني وهو البقاء في منصبه لتمشية الامور اليومية لحين تشكيل الحكومة الجديدة ويمكن ان يقع هذا التصرف تحت مفهوم ترك المنصب او طلب الاعفاء من اداء المهام الدستورية في مرحلة حرجة يعيشها البلد او تحت اي مسمى اخر الا الاستقالة".

ونوه الخبير الى ان "هنالك التزامات واعراف دستورية يجب التقيد بها فهذه الحكومة المستقيلة او حكومة تصريف الامور مكلفة بمهمة خطرة جدا تتعلق بمرحلة مؤقتة وانتقالية تفصل بين حكومتين مكتملتي الصلاحية ويجب ان يكون هنالك دور استلام وتسليم خصوصا ان هنالك ملفات خطيرة جدا تم تناولها في الحكومة الحالية ويجب مراعاتها في الحكومة القادمة او تسليط الضوء عليها".

حكومة بلا موازنة عامة

الخميس الماضي، اكد الكاظمي ان الازمة السياسية التي تتخبط بها البلاد منذ 10 أشهرتنعكس على أداء الحكومة وكل مؤسسات الدولة العراقية. واشار الى ان حكومته أمضت 28 شهراً ومن المؤسف أنها خلال هذه المدّة كانت هناك موازنة فقط لـ6 أشهر.. متسائلا " فكيف يمكن أن تعمل الدولة بغياب الموازنة؟".

اضاف "نمر في فترة عصيبة، ومع كل هذا عملنا على تذليل الكثير من المشاكل وكانت هناك مشاريع متلكئة أو فاشلة تم التخطيط لها منذ سنوات طويلة وعملنا على إحيائها وتحويلها إلى فرص للنجاح، في إعادة بناء المستشفيات المتلكئة ومشاريع أخرى تخص الكهرباء، والنفط، والغاز، والطاقة البديلة؛ ولكن بلا موازنة فإن حياة الناس ستتعطل".

وزاد قائلا "نحن الآن في الشهر الثامن من عام 2022، ولا وجود للموازنة، والخلل ليس في الحكومة إنما بسبب الوضع السياسي الموجود، فكيف نقوم ببناء المدارس وتعبيد الطرق وبناء المشاريع مع غياب التوافق السياسي على تشكيل الحكومة أو إيجاد حل للانسداد السياسي.

وشدد على ان " موضوع الموازنة أمر خطير للغاية، ولدينا وفرة مالية جيدة ونحتاج إلى استثمارها في اعادة بناء البنى التحتية وتحقيق مطالب شعبنا فالعراقيون يستحقون أن يروا بلدهم وهو يحفظ كرامة مواطنيه، والأمنيات بأن يروا أبناءهم في مدارس جيدة وطرق معقولة ومؤسسات حكومية فاعلة".

وتمنى على الكتل السياسية أن تدعم حكومته لإنجاز مهمتها.. منوها بالقول "وفرنا أموالاً لمشاريع الكهرباء والصحة والمشاريع المتلكئة، يجب أن نعمل بكل قوة لمساعدة أبنائنا، والناس تنتظر منا الكثير وهذا من حقها في مطالبة الحكومة". وعبر عن الاسف لما يحدث في العراق قائلا "إن شعبنا لا يستحق هذا الظرف، بل يستحق الأفضل وأن نضحي من أجل الناس والمستقبل والخلاف السياسي بدأ ينعكس على الواقع الخدمي في الدولة وعليه يجب أن نبحث عن حل وأدعو الجميع إلى الحوار بكل جدية".

اضاف ان على المواطنين أن يعرفوا أن في كل يوم يتم التأخر فيه بإيجاد حل للانسداد السياسي، فإنه يتم تقييد الحكومة، وتكون في وضع من الصعوبة فيه القيام بواجباتها.

مناصب ومهمات عدة

يشار الى أن علي عبد الأمير علاوي (74 عاما) من عائلة معروفة في العراق كان والده عبد الأمير علاوي وزيراً للصحة في عدة وزارات بينما كان جده عبد الهادي الجلبي رئيسا لمجلس الشيوخ خلال فترة النظام الملكي الذي اطاحت به ثورة 14 تموز يوليو عام 1958 وأعلنت النظام الجمهوري في البلاد.

شغل علاوي منصب نائب رئيس الوزراء وزير المالية في حكومة الكاظمي التي تشكلت في أيار مايو عام 2020 وكان قد تقلد مناصب في الحكومة العراقية بعد تغير النظام عام 2003.. وتم تعيينه من قبل مجلس الحكم المؤقت في عام 2003 وشغل منصب وزير التجارة ثم وزيرا للدفاع.

علاوي هو مؤلف كتاب احتلال العراق: الانتصار في الحرب وخسارة السلام وأزمة الحضارة الإسلامية (2009) والذي اعتبر الرواية التاريخية الأكثر شمولاً للعواقب الكارثية التي أعقبت الغزو الأميركي للبلاد.

عمل علاوي أيضًا أستاذاً في جامعة اكسفورد البريطانية وزميل زائر في مركز كار لسياسة حقوق الإنسان بجامعة هارفرد الاميركية.