كييف (أوكرانيا): بدأت مناطق تسيطر عليها موسكو في أوكرانيا الجمعة استفتاءات بشأن الانضمام إلى روسيا، في خطوة دانتها كييف وحلفاؤها واعتبرتها غير قانونية وتمثل تصعيداً في النزاع.
والاستفتاءات التي تجري في مناطق دونيتسك ولوغانسك بشرق أوكرانيا، كما في منطقتي خيرسون وزابوريجيا الواقعتين جنوباً، لقيت إدانات واسعة واعتبرها حلفاء كييف وهمية.
وتأتي في أعقاب إعلان بوتين هذا الأسبوع تعبئة إلزامية لنحو 300 ألف من عناصر الاحتياط، والتي بدورها لقيت تنديداً في دول الغرب.
وجاءت التعبئة بعد استعادة القوات الأوكرانية غالبية منطقة خاركيف (شمال شرق) في هجوم كبير مضاد استعادت فيه كييف مئات القرى والبلدات التي ظلت لأشهر تحت السيطرة الروسية.
وأي ضم للمناطق الأربع إلى روسيا، وهو أمر مفروغ منه بالنسبة لغالبية المراقبين، سيمثل تصعيداً كبيراً جديداً في النزاع.
إدانة غربية
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال جلسة لمجلس الأمن الخميس "لا يمكننا ... ترك الرئيس بوتين يفلت" من المحاسبة، مستنكراً استفتاءات الضم ومعتبرًا أنها "وهمية".
وشدد على أن "النظام العالمي الذي اجتمعنا هنا لدعمه يُدمَر أمام أعيننا ... (الدفاع عن سيادة أوكرانيا) يتعلق بحماية نظام عالمي بحيث لا يمكن لأي دولة إعادة رسم حدود دولة أخرى بالقوة".
وتذكر هذه الاستفتاءات بضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014.
وتقول عواصم الغرب إن عمليات التصويت صورية وردّت بفرض عقوبات على موسكو.
في نيويورك هذا الأسبوع دان قادة دول الغرب الاستفتاءات واستدعاء الاحتياط، وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن الاستفتاءات "مهزلة".
"رهاباً روسياً"
ورد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف متهما بدوره أوكرانيا بأنها تعاني "رهاباً روسياً".
وقال أمام مجلس الأمن "هناك محاولة اليوم لفرض رواية مختلفة تماما عن عدوان روسي هو أصل هذه المأساة".
في منطقتي دونيتسك ولوغانسك الواقعتين شرقا، واللتين اعترف بوتين باستقلالهما حتى قبل بدء غزو أوكرانيا في شباط/فبراير، سيُطلب من السكان الإجابة عما إذا كانوا يؤيدون "انضمام جمهوريتهم إلى روسيا"، بحسب وكالة الأنباء الروسية تاس.
وفي خيرسون وزابوريجيا سيُطرح السؤال: "هل تؤيد الانفصال عن أوكرانيا، وإقامة دولة مستقلة وانضمامها إلى الاتحاد الروسي بوصفها تابعة للاتحاد الروسي؟".
وأوضحت تاس أنه "نظراً لضيق الوقت والافتقار إلى المعدات التقنية، اتخذ القرار بعدم إجراء تصويت الكتروني واستخدام البطاقات الورقية التقليدية".
وستكون الإجراءات في المناطق الأربعة غير تقليدية إلى حدّ بعيد، بحسب تاس. ففي الأيام الأربعة الأولى سيتوجه المسؤولون إلى منازل الأهالي لجمع البطاقات ثم تُفتح مراكز اقتراع في اليوم الأخير أي الثلاثاء، أمام السكان للإدلاء بأصواتهم.
وقال رئيس "جمهورية لوغانسك" المعلنة من جانب واحد ليونيد باسينشيك، لوكالة تاس إن المنطقة تنتظر هذا الاستفتاء منذ 2014 مضيفا "إنه حلمنا المشترك ومستقبلنا المشترك".
"مهزلة"
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمر زيلينسكي دان الاستفتاءات واعتبرها "مهزلة"، مشيداً بالحلفاء الغربيين لإدانتهم الإجراءات الروسية.
وعبر في كلمته اليومية الخميس عن "الامتنان لكل شخص في العالم يدعمنا، ويدين بوضوح كذبة روسية أخرى".
وقال بوتين إن موسكو ستستخدم "كافة الوسائل" لحماية أراضيها.
من جانبه، أكد الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف على منصات التواصل الاجتماعي أن هذه الوسائل تشمل "أسلحة نووية استراتيجية". كما توقع ميدفيديف أن تختار المناطق المشمولة بالاستفتاءات "الانضمام إلى روسيا".
بدأت موسكو الخميس الاستدعاء الإلزامي لقواتها، بعد أن أعلن بوتين تعبئة 300 ألف عنصر من الاحتياط لتعزيز القتال.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا قيل إنها تُظهر مئات المواطنين الروس في كافة أنحاء البلاد وهم يستجيبون لنداء التعبئة وأكد الجيش الروسي أن 10 آلاف شخص على الأقل تطوّعوا للقتال خلال 24 ساعة منذ صدور الأمر.
مقاومة التعبئة
إلا أن مجموعة رصد أفادت أن رجالًا كانوا يغادرون روسيا بأعداد كبيرة قبل أن يُرغموا على الانضمام إلى صفوف الجيش، كما تمّ توقيف أكثر من 1300 شخص الأربعاء في أنحاء البلاد خلال احتجاجات.
سُجل ارتفاع حاد لأسعار تذاكر سفر الرحلات الجوية إلى البلدان المجاورة ولاسيما إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة التي تسمح للروس بدخول أراضيها بدون تأشيرة، وكانت محجوزة بالكامل تقريبًا، ما يشير إلى نزوح جماعي للروس الذين لا يرغبون في خوض الحرب.
وقال رجل يُدعي دميتري سافر إلى أرمينيا حاملًا حقيبة واحدة صغيرة، لوكالة فرانس برس "لا أريد أن أذهب إلى الحرب" مضيفًا "لا أريد أن أموت في هذه الحرب العبثية. إنها حرب بين الإخوة".
وشكّل الرجال في سن التجنيد غالبية الركاب الذين وصلوا على متن الرحلة الأخيرة من موسكو إلى مطار يريفان وبدا كثرٌ منهم مترددين في التحدث.
وأصبحت العاصمة الأرمينية وجهة رئيسية للروس الفارين منذ بدء الحرب في 24 شباط/فبراير.
وقال سيرغي البالغ 44 عامًا الذي بدا مشتّتًا ومرهقًا في قاعة الوصول في مطار يريفان، إنه فرّ من روسيا ليتجنّب استدعاءه. وأكد لفرانس برس أن "الوضع في روسيا يجعل أي شخص يرغب بالمغادرة".
ودعا زيلينسكي الروس إلى مقاومة التعبئة وحثّهم على الاحتجاج والردّ "أو الاستسلام" للجيش الأوكراني. وقال "أنتم أصلًا متواطئون في كل هذه الجرائم والقتل والتعذيب بحق الأوكرانيين. لأنكم التزمتم الصمت".
التعليقات