واشنطن: أكدت الولايات المتحدة الأربعاء أنها ستعطي الأولوية للتفوق على الصين التي تعتبرها منافسها العالمي الوحيد في وقت تعمل أيضا على كبح جماح روسيا "الخطرة".

وأعلن البيت الأبيض في استراتيجيته للأمن القومي التي تأخر نشرها بسبب النزاع في أوكرانيا، أن عشرينيات القرن الحادي والعشرين ستكون "عقدا حاسما لأميركا والعالم" من أجل الحد من الصراعات ومواجهة التهديد الرئيسي المشترك المتمثل في تغير المناخ.

وجاء في الإستراتيجية "سنعطي الأولوية للحفاظ على أفضلية تنافسية دائمة على جمهورية الصين الشعبية مع تقييد روسيا التي لا تزال شديدة الخطورة".

وأورد التقرير أن "التحدي الاستراتيجي الأكثر إلحاحا الذي يواجه رؤيتنا مصدره القوى التي تجمع بين الحكم الاستبدادي وسياسة خارجية تحريفية".

وأضاف أن روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين "تشكل تهديدا مباشرا للنظام الدولي الحر والمفتوح، وتنتهك اليوم بشكل متهور القوانين الأساسية للنظام الدولي، كما أظهرت حربها العدوانية الوحشية ضد أوكرانيا".

أما الصين "في المقابل، فهي المنافس الوحيد الذي لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي و(تملك) بشكل متزايد القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لتحقيق هذا الهدف".

تتوافق الاستراتيجية إلى حد كبير مع التوجيهات الموقتة التي وضعتها الإدارة الأميركية بعيد تولي بايدن منصبه في كانون الثاني/يناير 2021، حتى مع تركيزها في معظم هذا العام على حشد الحلفاء ضد الغزو الروسي لأوكرانيا ومدّ الأخيرة بأسلحة بمليارات الدولارات.

سوليفان

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك سوليفان "لا أعتقد أن الحرب في أوكرانيا قد غيرت بشكل جذري مقاربة جو بايدن للسياسة الخارجية والتي تبناها قبل فترة طويلة من توليه الرئاسة".

وأضاف في تصريح للصحافيين "لكنني أعتقد أنها توضح العناصر الأساسية لمقاربتنا - التركيز على الحلفاء وأهمية تقوية العالم الديموقراطي والدفاع عن الديموقراطيات الصديقة والقيم الديموقراطية".

تبدي الاستراتيجية استعداد الولايات المتحدة للعمل حتى مع المنافسين لتحقيق المصالح المشتركة، وسط محادثات بشأن تغير المناخ تجريها إدارة بايدن مع الصين أكبر مصدر لانبعاثات الكربون.

ووصفت تغير المناخ بأنه "التحدي الوجودي في هذا العصر".

لكن البيت الأبيض شدد على المخاطر من الصين، محذرا من أن تقدمها التكنولوجي السريع يهدف إلى تشكيل النظام العالمي على نحو يدعم "نموذجها السلطوي".

ورغم نفي بكين المتكرر أنها تسعى إلى الهيمنة، ترى الوثيقة الاستراتيجية الأميركية أن لدى الصين "طموحات لإنشاء مجال نفوذ معزّز في المحيطين الهندي والهادئ وأن تصبح القوة الرائدة في العالم".

كما ربط البيت الأبيض الصين الصاعدة بتعهدات بايدن إعطاء الأولوية للطبقة الوسطى في الولايات المتحدة، قائلا إن بكين تسعى إلى جعل العالم يعتمد على اقتصادها مع الحد من الوصول إلى سوقها التي يزيد عدد مستهلكيها عن مليار شخص.

تتعهد الاستراتيجية القيام باستثمارات كبيرة في الداخل، بعد شهرين من توقيع بايدن على حزمة بقيمة 52 مليار دولار لتحسين قدرة الولايات المتحدة على صناعة أشباه الموصلات، لكنها شددت أيضا على أن الولايات المتحدة تسعى إلى "التعايش السلمي" مع الصين وإدارة المنافسة معها "بمسؤولية".

وتابع جايك سوليفان "نحن لا نسعى لأن تنقلب المنافسة إلى مواجهة أو حرب باردة جديدة، ولا نعتبر أي دولة مجرد ساحة معركة بالوكالة".

يأتي إصدار الاستراتيجية في وقت يتعهد جو بايدن إعادة تقييم العلاقات مع السعودية حليف للولايات المتحدة منذ عقود والتي تحركت لخفض إنتاج النفط - ما يعود بالفائدة على روسيا المُصدرة للطاقة وربما يرفع أسعار الوقود للمستهلكين الأميركيين قبل أسابيع من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.

في ظل مصالحة بين إسرائيل ودول خليجية عربية، دعت الاستراتيجية إلى "شرق أوسط أكثر اندماجا" من شأنه أن يقلل على المدى الطويل "مطالب الموارد" من الولايات المتحدة التي وفرت حماية للدول المنتجة للنفط لعقود.

وقال سوليفان إن بايدن الذي أجرى زيارة مثيرة للجدل للسعودية في حزيران/يونيو، سيتساءل عما إذا كانت طبيعة العلاقة مع المملكة "تخدم مصالح الولايات المتحدة وقيمها" وما إذا كان ينبغي إجراء تغييرات عليها.