إيلاف من بيروت: إن كنت رجل دين في إيران – الانتفاضة، فالدار ما عادت أمانًا. وإن كنت معممًا، فالسير وحيدًا في شوارع طهران، أو مشهد، أو زهدان، صار خطرًا.

فمنذ أسبوع ونيف، درج المنتفضون على اللحاق برجال الدين المعممين، كي يرموا عن رؤوسهم العمامات، من قبيل الاستهزاء بهم، وبمكانة صنعوها لأنفسهم على أنقاض أحلام الشعب الإيراني وإرادته وحقه في حرية العيش والتعبير.

وشاعت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة، أقل ما يقال فيها إنها غير مألوفة في بلد رازح تحت حكم الملالي منذ أكثر من أربعة قرون، فيما الاحتجاجات الغاضبة مستمرة في كل أنحاء إيران، امتدادًا لغضب شعبي فجره مقتل مهسا أميني بعدما احتجزتها شرطة أخلاق طهران، بحجة سوء ارتدائها حجابها.

وتصدر وسم #عمامه_پرانی بالفارسية (عمامة أكل الدهر عليها وشرب بالعربية) الاتجاهات في تويتر في إيران، بعدما نشر ناشطون عددًا كبيرًا من المقاطع المصورة، التي تظهر شبانًا وشابات يخرجون من اللامكان، في عزّ هذا اللازمان الإيراني القاتم، كي يطيحوا عمامة هذا الشيخ أو ذاك الإمام، إذ يمشي كل منهما في الطريق.

بعدما أحرقت المرأة في إيران حجابها، كان لزامًا على الثورة أن تعضدها قاهرةً ذلك الحكم الشوفيني الذكوري، الذي رأى أنه قادر على قهر نساء البلاد كما يحلو لهم رجال شرطة الأخلاق. فما إطاحة هذه العمامة إلا رمز لإطاحة نظام الملالي عن بكرة أبيه، منذ ثورة الخميني في عام 1979 حتى هذه الساعة.

أعرب مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري عن قلقه من انتقال ظاهرة إسقاط عمائم رجال الدين وحملة خلع الحجاب من إيران إلى دول أخرى. وقال إن "هذا الهجوم ضد رجال الدين والحجاب قد يمتد إلى دول أخرى".

لا شك أن لهذه الاحتجاجات طعم آخر، فقد وصل الأمر بشباب إيران إلى تجاوز المحظورات وتحدي ملالي النظام، غير آبهٍ بالقمع المفرط والاتهام بالتجسس لصالح قوى خارجية. وبإطاحة العمائم، يوجه هذا الشباب الثائر رسالة إلى ذاك القابض على رقابهم، مفادها بسيط: "ولّت أيام الخضوع، وآن أوان الرفض".