إيلاف من لندن: تحدثت تقارير عالمية عن مخاوف على سلامة المعتقلين في سجن إيفين بعد تعرضه لحريق مساء السبت، ومسارعة السلطات لاحتواء الحادث معلنة عن مقتل 4 وإصابة 61.

ويأتي الحريق الذي لم تعرف أسبابه مع مرور شهر على حركة الاحتجاج في طهران (انتفاضة الحجاب) التي تهدد بإسقاط نظام آيات الله، وكانت أثارتها وفاة الشابة الايرانية (زينة) محسا أميني (22 عاما).

وقُتل 108 أشخاص على الأقل في الاحتجاجات منذ 16 سبتمر/أيلول، وفقا لمنظمة "حقوق الإنسان في إيران" ومقرها أوسلو.
ووردت أنباء ليل السبت – الأحد، عن إطلاق أعيرة نارية مع اشتعال النيران في سجن إيفين، ودق ناقوس الخطر عندما ادعى مركز حقوق الإنسان في إيران ومقره الولايات المتحدة أن "معركة مسلحة" كانت تجري خلف جدران السجن.

استنشاق الدخان

في خبرها، سارعت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، للزعم أن السجناء الأربعة لقوا حتفهم نتيجة استنشاق الدخان الناجم عن الحريق وأصيب 61 آخرون من بينهم 51 يتلقون العلاج في مرافق صحية دون الحاجة للبقاء فيها.

وقال مسؤول لم يذكر اسمه لوكالة تسنيم للأنباء في إيران: "لم يتورط أي سجين أمني (سياسي) في الاشتباك بين السجناء، وأساسًا جناح السجناء الأمنيين منفصل وبعيد عن عنابر اللصوص والمدانين بجرائم مالية". وقال: تم فصل المشاغبين عن السجناء الآخرين.

وزعم مسؤول أمني إيراني كبير أن السجناء أشعلوا النار في مستودع مليء بزي السجن، مضيفًا أن "مثيري الشغب" قد تم فصلهم عن السجناء الآخرين لتهدئة الصراع.

وزعمت وكالة أنباء إيرنا التي تديرها الدولة وقوع اشتباكات بين سجناء وأفراد في جناح واحد.

وقالت تقارير إن الوضع الآن "تحت السيطرة بالكامل" مع استمرار العمل على إخماد الحريق. لكن العديد من شهود العيان قالوا إن صفارات سيارات الإسعاف ما زالت تسمع ويمكن رؤية الدخان فوق السجن.

سيء السمعة

وإلى هذا، فإن سجن إيفين سيء السمعة، يكاد يكون الوحيد "لشدة القمع فيه" من الرموز التي حافظ عليها الحكم الديني المتشدد في إيران، من كل ما بناه حكم الشاه، ويقع السجن في منطقة إيفين شمال غرب طهران.

ويشتهر سجن إيفين باحتجازه للسجناء السياسيين، حيث يتواجد فيه مجموعة من سجناء الرأي العام قبل وبعد الثورة الإيرانية الإسلامية عام 1979. نظراً لوجود عدد كبير من المثقفين الذين يحتويهم هذا السجن فقد أطلق علية اسم "جامعة إيفين".

وهذا السجن الواقع في شمال طهران معروف بإساءة معاملة السجناء السياسيين، كما أنه يضم سجناء أجانب، وقد أفادت تقارير أن المئات ممن اعتقلوا خلال التظاهرات أودعوا فيه.

طلقات نارية

وقالت مجموعة "حقوق الانسان في إيران" التي يوجد مقرها في أوسلو إن "سجن إيفين في طهران يشتعل ويمكن سماع طلقات نارية بوضوح. حياة كل سجين سياسي او سجين عادي في خطر شديد".

وأضافت ان السلطات أغلقت الطرقات المؤدية الى السجن في محاولة واضحة لوقف الاحتجاجات امامه. وتوجه البعض إلى هناك سيرا على الأقدام فيما سمعت هتافات "الموت للديكتاتور" - أحد الشعارات الرئيسية للحركة الاحتجاجية - في مقاطع فيديو نشرتها قناة التواصل الاجتماعي.

وقال هادي قائمي، مدير مركز حقوق الإنسان في إيران الذي يتخذ من نيويورك مقرا، "السجناء وبينهم السجناء السياسيون لا يملكون وسائل للدفاع عن أنفسهم داخل ذلك السجن"، معبرا عن قلقه من تعرضهم للقتل.

وقالت مجموعة "حرية التعبير المادة 19" إنها سمعت بتقارير عن قطع اتصالات الهاتف والإنترنت في السجن وانها "قلقة جدا على سلامة سجناء إيفين".

بدوره، قال مسؤول أمني كبير كما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية الرسمية "شهد القسم المخصص للبلطجية اضطرابات ونزاعًا بينهم أدى إلى اشتباك مع حراس السجن".

وأضاف أن "الوضع الآن تحت السيطرة تمامًا والهدوء مستتب في السجن ورجال الإطفاء يعملون على اطفاء النيران" مشيرا الى انه "تم فصل السجناء الذين تسببوا بالحادث عن السجناء الآخرين".

سجناء اجانب

إلى ذلك، فإن سجن إيفين يضم سجناء أجانب بينهم الأكاديمية الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه والمواطن الأميركي سياماك نمازي الذي قالت عائلته إنه أعيد إلى إوين هذا الأسبوع بعد فترة إفراج مؤقت.

وفي رد فعل على الحريق، أعربت عائلة نمازي في بيان اطلعت عليه فرانس برس عن "قلقها العميق"، خاصة وأنه لم يحصل أي اتصال معه. وحضت العائلة السلطات الإيرانية على منحه وسائل "فورية" للاتصال بأسرته وإطلاق سراحه "لأنه من الواضح أنه ليس آمنا في سجن إيفين".

وقالت شقيقة عماد شرقي، وهو مواطن أميركي آخر مسجون في إيفين، إن عائلته "متشنجة وينتابها الخوف"، وذلك في تغريدة على تويتر.

وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في تغريدة أن واشنطن تراقب الوضع عن كثب، محملا "إيران المسؤولية الكاملة عن سلامة مواطنينا المحتجزين بدون وجه حق والذين يجب إطلاق سراحهم فورا".

يشار إلى أن سجن إيفين كان شيد في عام 1972 في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، ويقع عند سفوح جبال ألبرز. ويقع هذا المكان في البيت السابق للسيد ضياء ‌الدين طباطبايي الذي خدم لفترة وجيزة في منصب رئيس الوزراء خلال 1920.

وتحتوي باحة السجن على ساحة مخصصة للإعدام وقاعة محكمة ثم قطاعات منفصلة للمجرمين العاديين والسجينات.

وكان السجن تم تشغيله من قبل الأمن التابع للشاه وجهاز المخابرات (السافاك).

وصُمِّمَ السجن منذ البداية ليحتوي على 320 سجين (20 في زنازين انفرادية، 300 في قطاعين جماعيين كبيرين) وتم توسعته في عام 1977 ليحتوي على أكثر من 1500 سجين (بما في ذلك 100 في زنازن انفرادية للسجناء السياسيين الأكثر أهمية).

في ظل الحكم الاسلامي المتشدد، تمت توسعةت السجن بشكل ملحوظ ليتسع لـ15000 سجينا وذلك وفقاً للباحث إرفاند إبراهاميان. ومن الناحية النظرية، كان من المفترض أن يكون سجن إيفين مكاناً لأولئك الذين ينتظرون محاكماتهم، وبعد ذلك يتم نقل السجناء إلى سجن آخر مثل سجن قيزيل حصار أو سجن جوهردشت.

سجن لساسيين

لكن في الواقع أصبح إيفين كسجن منتظم بالنسبة للعديد من السجناء الذين انتظروا محاكماتهم لسنوات طويلة، وغالباً ما يقضي السجناء البارزين فترة عقوبتهم كاملة في هذا السجن. وداخل جدران إيفين وقعت العديد من عمليات الإعدام.

وفي اعقاب الثورة الإيرانية الإسلامية تم تعيين محمد كاشوي كمأمور للسجن، وبعد اغتياله في يونيو العام 1981 تم تعيين أسد الله لاجوردي الذي شغل سابقاً منصب كبير ممثلي الإدعاء في طهران في هذا المنصب حتى عام 1985.

وفي عام 1998 قامت منظمة (مجاهدي خلق) باغتيال لاجوردي لدوره في إعدام العديد من أتباع المنظمة في أحداث عام 1988.

ويقع السجن في منطقة تجارية وسكنية تعرف باسم إيفين، بالقرب من منطقة سعادات أباد. وتقع في المنطقة حديقة كبيرة مع مقهى شعبي شهير بالإضافة إلى مطعم يقعون جميعهم ملاصقين للسجن. ويُعد التقاط الصور محظور في المنطقة القريبة من السجن.