موسكو: قارن فلاديمير بوتين الخميس بين حملته العسكرية في أوكرانيا والحرب على النازية، معلنا في الذكرى الثمانين لانتصار الجيش السوفياتي على النازيين في ستالينغراد أن "الدبابات الألمانية تهددنا مجددا".

منذ أعوام، يقدم الرئيس الروسي نفسه كمدافع شرس عن ذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، الأمر الذي يشكل مصدر فخر كبير في روسيا.

ومنذ بدء هجومه على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022، يعمد بوتين الى إيقاظ هذه المشاعر لدى مواطنيه، مؤكدا أن المسؤولين السياسيين في كييف هم "نازيون جدد" يقفون وراء "إبادة" الشعوب الناطقة بالروسية في البلد المجاور.

ولاذ مجددا بهذا الخطاب الخميس أمام عسكريين يحملون أوسمة ومسؤولين رسميين في فولغوغراد (جنوب غرب) التي كانت تسمى ستالينغراد.

دبابات ليوبارد

قال بوتين إنّ "هذا أمر لا يصدق لكنّه حقيقي. نحن مهدّدون مجدّداً بدبّابات ليوبارد ألمانية (...) مرة أخرى، يريد خلفاء هتلر محاربة روسيا على الأراضي الأوكرانية باستخدام (باندرفوتسي)"، الاسم الذي أطلق على أنصار القومي المتطرّف الأوكراني ستيبان بانديرا (1909-1959) الذي تعاون مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.

وتُعدّ معركة ستالينغراد (1942-1943) واحدة من المعارك التي سقط فيها أكبر عدد من القتلى في التاريخ، إذ لقي مليونَا شخص تقريبًا من الجانبين حتفهم فيها.

ولا تزال روسيا تمجّد ذكرى هذه المعركة، معتبرة أنها الحدث الذي أنقذ أوروبا من النازية.

ويرتدي النصر في هذه المعركة أهمية رمزية كبيرة، خصوصًا مع اقتراب حلول الذكرى الأولى لبدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، إذ بدأت موسكو تكثّف تحرّكاتها بعد استيلائها مؤخرًا على مدينة سوليدار بشرق أوكرانيا في أول انتصار لقواتها منذ أشهر طويلة من الهزائم الميدانية.

ولطالما شبّه بوتين مقاومة النازية بالهجوم على أوكرانيا. وقال الجمعة في ذكرى إحياء ضحايا المحرقة إن "نسيان دروس التاريخ يؤدي إلى تكرار المآسي الرهيبة"، مضيفًا "تؤكد ذلك الجرائم بحق مدنيين والتطهير العرقي والإجراءات العقابية التي ينظّمها نازيون جدد في أوكرانيا".

في مدينة فولغوغراد التي يقطن فيها نحو مليون شخص على ضفاف نهر فولغا، أُعلن الأربعاء والخميس يومي عطلة.

وعشية الذكرى الثمانين للنصر في ستالينغراد، دشّنت المدينة تمثالًا نصفيًا لستالين إلى جانب تمثالين لغورغي جوكوف والكسندر فاسيليفسكي القائدين العسكريين المشهورين لدورهما في معركة ستالينغراد.

ومنذ سقوط الاتحاد السوفياتي، كان للسلطات الروسية موقف متناقض تجاه ستالين: فرغم الشجب الرسمي لإرهاب الدولة الذي دبره في ثلاثينيات القرن الماضي حتى وفاته في 1953، إلا أنه لا يزال مدفونًا أمام الكرملين في الساحة الحمراء.

ويبجّل كثير من الروس ستالين ويسلطون الضوء على دوره في هزيمة ألمانيا النازية ضد الاتحاد السوفياتي.

وشملت الاحتفالات الخميس عرضًا عسكريًا وحفلًا غنائيًا في فولغوغراد، ووضعت أكاليل من الزهر على تلّ مامايف كورغان الاستراتيجي الذي كان مسرح قتال عنيف خلال المعركة وأصبح مكانًا للحج للروس الراغبين في تكريم انجازات الجيش السوفياتي.

واستمرت معركة ستالينغراد، التي بدأت في تموز/يوليو 1942، مئتي يوم وليلة. وكانت المدينة، التي تحوّلت إلى خراب، مسرحًا لقصف جوي ألماني مدمر ولمعارك شوارع شديدة العنف.

وفي الثاني من شباط/فبراير، استسلمت قوات المارشال الألماني فريدريش بولوس، محاطة بالجيش الأحمر، وكان هذا الاستسلام الأول للجيش النازي منذ بداية الحرب.

أُعيد بناء ستالينغراد بالكامل بأمر من السلطات السوفياتية، وتم تغيير اسمها ليصبح فولغوغراد في 1961، أي بعد ثمانية أعوام على وفاة جوزيف ستالين.