إيلاف من لندن: فيما يستعد وفد عراقي للتوجه الى واشنطن لبحث أزمة الدولار فقد تباينت الجمعة الآراء بعد اتصال بايدن بالسوداني حول نجاح أو فشل مهمة الوفد فيما يستمر تدهور الدينار العراقي أمام الدولار.
فقد اعتبر مصدر سياسي عراقي تحدث الى "إيلاف" الجمعة اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الليلة الماضية ودعمه للسياسات الاقتصادية له مؤشر على إمكانية نجاح مهمة الوفد العراقي الذي سيترأسه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين رفقة المحافظ الجديد للبنك المركزي الجديد علي العلاق ووزيرة المالية طيف سامي في الغاء الشروط الأميركية الأخيرة على صرف الدولار أو على الأقل تجميدها لبعض الوقت والتي هدفت الى وقف تهريبه الى ايران.
اتصال بايدن بالسوداني
وفي الاتصال الهاتفي الذي أجراه بايدن مع السوداني فقد أكد الرئيس الأميركي التزام واشنطن باتفاق الإطار الاستراتيجي الموقع مع العراق عام 2008 وهو الاتصال الذي شارك فيه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال وجوده في البيت الأبيض.
وعن فحوى المكالمة فقد أشار البيت الأبيض في بيان صحافي تابعته "إيلاف" الى إن بايدن أكد التزام الولايات المتحدة تجاه العراق والتشاور معه بشأن التطورات الإقليمية وأثنى على جهود رئيس الوزراء لتعزيز سيادة العراق واستقلاله.
وأضاف أن بايدن والسوداني ناقشا جدول الأعمال الاقتصادي لرئيس الوزراء وخططه لضمان أن يخدم الاقتصاد العراقي الشعب العراقي وهي خطط تقول الولايات المتحدة إنها مستعدة لتأييدها بالكامل بحسب البيان.
وقد رحب بايدن بالزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، على رأس وفد الأسبوع المقبل إلى واشنطن لمواصلة مناقشة هذه البرامج.
وأوضح البيت الأبيض أن بايدن والسوداني جددا التزامهما بضمان عدم تهديد تنظيم "داعش" للشعب العراقي أو الأمن الإقليمي والدولي مرة أخرى. وأوضح إن بايدن اغتنم زيارة ملك الأردن عبد الله الثاني إلى واشنطن ليدعوه إلى الانضمام إلى المكالمة مع السوداني حيث جدد العاهل الأردني تأكيد دعم بلاده للعراق.
بايدن والسوداني والملك عبد الله
ومن جهته قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي الجمعة أنه قد جرى خلال الاتصال بين بايدن والسوداني بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وتنمية التعاون المشترك في العديد من المجالات حث أكد الرئيس الأميركي دعمه الثابت لعراق مستقر وآمن وذي سيادة، وتعاون البلدين الموسّع بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي بينهما كما أعرب عن رغبته في دعم رؤية رئيس الوزراء السوداني لمستقبل أكثر ازدهاراً للشعب العراقي.
وثمن السوداني حرص الرئيس بايدن على التزامه بتعزيز وتطوير العلاقة مع العراق في المجالات كافة، وجدّد التزام البلدين المشترك بالهزيمة الدائمة لداعش.
من جانبه رحّب الرئيس الأميركي بزيارة وزير الخارجية فؤاد حسين إلى واشنطن الأسبوع المقبل والتي ستُركز محادثاتها على الفرص الاقتصادية والتعاون في مجال الطاقة والمناخ.
وأشار المكتب الإعلامي الى أن السوداني وبايدن قد اتفقا على أن استقرار المنطقة يعتمد على استقرار العراق، وأنه لا يجوز استخدام العراق منطلقاً لمهاجمة جيرانه أو نقاط تواجد مستشاري التحالف الدولي ضد الإرهاب، المتواجدين في البلاد بدعوة من الحكومة، وتم الاتفاق على البقاء بتواصل دائم في الأشهر المقبلة لتعزيز العلاقات الثنائية الوثيقة.
وقد انضم إلى الاتصال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حيث اتفق الزعماء الثلاثة على العمل سويّاً من أجل عراق ومنطقة ينعمان بالسلام، بما في ذلك مشاريع ملموسة لربط المنطقة وتكاملها لتعزيز الازدهار للجميع وإدامة العلاقات الأخوية المتينة.
وازاء ذلك اعتبر المصدر العراقي ان تأكيدات بايدن بدعم السياسات الاقتصادية للسوداني قد جاءت مقصودة ومبرمجة عشية وصول الوفد العراقي الى واشنطن وستعمل على تسهيل مهمة الوفد ومباحثاته هناك والساعية الى حل أزمة الدولار التي بدأت تحرك الشارع باحتجاجات تهاجم حكومة الإطار الشيعي وتعهدات السوداني بخفض سعر الدولار أمام الدينار.
ارتفاع الدولار وانهيار الدينار
وقد واصلت أسعار صرف الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي بالارتفاع أمس الخميس مع إقفال البورصة الرئيسية في بغداد وفي أربيل عاصمة اقليم كردستان.
فقد أغلقت بورصة بغداد على سعر صرف بلغ 172 ألف دينار عراقي لكل دولار واحد فيما سجل الدولار ارتفاعاً ايضا مع اغلاق بورصة أربيل حيث بلغ حوالى 172 الف دينار عراقي لكل دولار واحد.. فيما السعر الرسمي للدولار يبلغ 1450 دينار منذ إقرار حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بموافقة مجلس النواب أواخر عام 2020 تعديل سعر الصرف من 1182 إلى 1450 ديناراًٍ لكل دولار .
والاثنين الماضي اعترف السوداني للمرة الأولى بتهريب الدولار الى الخارج فيما دعا المواطنين الى اقتناء الدينار.
وقال في مقابلة مع قناة العراقية الرسمية أن تهريب الدولار أمر واقع وكان يتم عبر فواتير مزورة وكانت الأموال تخرج ويتم تهريبها وإلا فما الذي كنا نستورده مقابل 300 مليون دولار يومياً؟".
وبحسب رئيس الوزراء فإن عمليات التهريب كُشفت من خلال تطبيق نظام سويفت الذي فرضته الخزانة الأميركية على صرف الدولار في العراق حيث كان البنك المركزي العراقي يبيع التجار كميات من العملة الخضراء تفوق بأضعاف ما يبيعهم إياها اليوم ومع ذلك لم تُفقد أي من السلع في الأسواق.
ايران وعراقيون ضالعون بتهريب الدولار من بغداد الى طهران (ايران انترناشيونال)
توقعات متشائمة
وعلى العكس من تلك المؤشرات بامكانية حل أزمة الدولار ولو مؤقتًا فقد توقع مصدر سياسي عراقي فشل مهمة الوفد العراقي الى واشنطن.
ورجح المصدر في تصريحات لصحيفة "المدى" العراقية أمس تابعتها "ايلاف" أن لا يتمكن العراق من تأجيل الشروط الاميركية المفروضة على تحويلات الدولار الى الخارج .
وأشار المصدر طالباً عدم نشر اسمه الى أن "الولايات المتحدة الأميركية مصرة على وقف تهريب الدولار وقد لا تقبل تأجيل يوم واحد على تطبيق الشروط التي فرضتها".
فقد بدأ البنك الفيدرالي الأميركي قبل أكثر من شهر بإنشاء منصة الكترونية داخل البنك المركزي العراقي لمراقبة التحويلات الخارجية وتدقيق فواتير الاستيراد. الا أن المصدر أكد أنه "على الرغم من تطبيق المنصة ودخول نحو 20 مصرفا أهليا من أصل أكثر من 80 مصرفاً الى المنصة إلا أن بعض المصارف استمرت في عمليات التهريب غير أن المنصة اكتشفتها".
ذرائع
وتحاول الحكومة العراقية بحسب المصدر تأجيل العمل بالمنصة الجديدة عدة أشهر "على الأقل لشهر حزيران/ يونيو المقبل متذرعة بأن "الدخول في المنصة يتطلب الحصول على اجهزة متطورة وتدريب كوادر على تلك الأجهزة وهو يحتاج لبعض الوقت".
ويؤكد المصدر وهو مطلع على السياسة النقدية في العراق أن "التعليمات الأميركية لا تتعلق بالعراق فقط وإنما بمحاولة معاقبة طهران المستفيد الأكبر من تهريب العملة".
ويوضح أنه "لذلك فإن الولايات المتحدة غير مستعدة لأن تعطل العمل بالمنظومة الجديدة ولو يوماً واحداً خصوصاً وأن نشاطات إيران تتسع ضمن المحور المعادي لها من خلال مساعدة روسيا بالطائرات المسيرة وتطويرها".
وبين أن عمليات تهريب العملة تجري يومياً عن طريق شبكة من الوسطاء المحليين الذين يشترون الدولار بأي شكل وبأي ثمن ويستفيد المشترون الصغار من فرق العملة الرسمي الذي يبيعه البنك المركزي واسعاره في السوق السوداء محققين 170 مليون دينار مقابل كل مليون دولار.
احتجاجات
وخسر الدينار العراقي في غضون الشهرين الماضيين أكثر من 10% من قيمته أمام الدولار ما أدى الى ارتفاع الاسعار ودفع بمحتجين الى تنظيم تظاهرات الأسبوع الماضي أمام البنك المركزي في بغداد.
وبحسب موقع إيراني معارض فانه أكد حصوله على معلومات حصرية من أحد عناصر فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي يقوم بتهريب ملايين الدولارات من العراق إلى حسابات الحرس في إيران بالتعاون مع السفارة الإيرانية في بغداد.
قيود أميركية
ونتيجة لاستمرار تهريب الدولار من العراق الى إيران الخاضعة لعقوبات دولية فقد اشترط البنك المركزي الأميركي مؤخراً على البنوك العراقية الخاصة ملء نموذج رقمي لكل تحويل بالدولار والذي يتضمن جميع التفاصيل بما في ذلك وجهة الحوالة.
لكن العديد من البنوك الخاصة لم تسجل تفاصيلها في هذا النظام الإلكتروني وتحصل على الدولارات التي تحتاجها من سوق العملة السوداء في بغداد.
وخلال السنوات الماضية منحت الولايات المتحدة البنوك العراقية إعفاء لإعطاء الأموال لإيران مقابل ديونها على العراق لتزويده بالغاز والكهرباء والتي وصلت الى 4 مليارات دولار بطريقة يمكن استخدامها في الغذاء والدواء والسلع الأساسية الأخرى للشعب الايراني.
التعليقات