إيلاف من لندن: أثار تهديد السلطات العراقية الثلاثاء بنقل ملاحقاتها لناشطين على مواقع التواصل ينتقدونها الى خارج البلاد تحت شعار محاربة "المستوى الهابط" لاستردادهم بالتعاون مع الانتربول باستياء من التوجه لتكيم الافواه.

ووسط مخاوف من استخدام السلطات العراقية لحملتها التي تنفذها حاليا بذريعة مواجهة "المستوى الهابط" على مواقع التواصل الاجتماعي لاسكات الاصوات المنتقدة لها فقد قررت وزارة الداخلية العراقية تشكيل لجنة لـمتابعة ذلك وتقديم الضالعين فيه الى القضاء الأمر الذي أثار مخاوف حول الآلية التي ستتم من خلالها متابعة هذا المحتوى وطبيعته ومدى تأثيره على حرية الرأي والتعبير على الرغم من انها تؤكد ان الحملة لن تكمم الأفواه ولا تستهدف الصحافيين والاعلاميين وانما لإصلاح القيم التي حاول البعض طمسها على حد عبيرها.
وعلى الرغم من اعتراف مختصين وأعلاميين بوجود البعض ممن ينشرون بمستويات هابطة الا ان هذه التطمينات لم تقنع المدافعين عن حرية الرأي خاصة وان اللجنة هددت بملاحقة اصحاب "المستوى الهابط" كما تسميهم الى خارج العراق ما اعتبر تهديد لاصحاب قنوات ومواقع على شبكات التواصل في خارج البلاد ممن ينتقدون الحكومة ويفضحون رموز الفساد والارهاب المهيمنة على اوضاع البلاد من السياسيين وقادة الاحزاب والمليشيات.


وزير الداخلية العراقي عبد الامير الشمري شكل لجنة في وزارته مختصة بملاحقة من يسميهم اصحاب "المستوى الهابط" لتكميم افواه منتقدي السلطات (الداخلية)

ملاحقة ناشطين في الخارج
وهدد قاضي محكمة تحقيق الكرخ الثالثة في بغداد المختص بقضايا النشر والإعلام عامر حسن بملاحقة "أصحاب المحتوى الهابط" في الخارج. وأشار في تصريح للوكالة الرسمية تابعته "ايلاف" قائلاً الى انه برغم "عدم وجود مانع قانوني في اتخاذ الإجراءات بحق أصحاب المحتوى الهابط من الذين هم في الخارج طالما المحتوى يستهدف الشعب والمجتمع العراقي" فأن "المادة 53 من قانون أصول المحاكمات الجزائية حددت الاختصاص المكاني في التحديد، والذي تقع فيها الجريمة كلها أو بعضها أو جزء منها أو فعل متمم لها أو نتيجة تترتب عليها، حيث إن الاجراءات ستمضي وفق القانون وستصدر أحكام بحقهم وفي حال لم يقوموا بتسليم أنفسهم ستصدر احكام غيابية بحقهمن وتنظيم ملفات استردادهم بالتعاون مع الشرطة الدولية (الإنتربول)".

السجن والتحقيق مع 14 "متهماً"
وأوضح أن "الحكمين بحق المدانين يأتيان استناداً لأحكام المادة 403 من قانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969 المعدل" التي تقضي بالسجن مدة لاتزيد على السنتين بالمدان فيها.
وأقر القاضي عامر حسن بأن محكمته قد اتخذت خلال الايام القليلة الماضية إجراءات ضد 14 "متهماً" 6 منهم صدرت بحقهم أحكام بالسجن فيما لا تزال 8 دعاوى تحت الإجراءات التحقيقية.. مشيراً الى أن هناك حالات اخرى يتم اتخاذ إجراءات بحقها بناء على الرصد الذي تقوم به اللجنة المشكلة في وزارة الداخلية وبناءً على البلاغات التي ترد عبر منصة (بلغ).
أما الناطق باسم وزارة الداخلية فقد افتخر في تصريح له قائلاً أن عدد البلاغات عن ما يسمى بالمحتوى الهابط، التي وصلت الوزارة لحد الآن قد بلغت 95 ألف بلاغ في اعتراف الى عودة المخبر السري والقضايا الكيدية طالما لايوجد هناك تعريف قانوني غير قابل للتأويل لـ"لمحتوى الهابط".

تسوير السلطة من الرأي المضاد
وعلق الحقوقي العراقي مقدم البرامج التلفزيونية حسام الحاج في تغريدة على حسابه بمنصة "تويتر" على الحملة قائلاً "أخشى أن تتمدد حملة مكافحة (المحتوى الهابط) لتصل إلى تقييد الحريات والأفكار والآيديولوجيات وبالتالي فرض نسق مُحدد من الأفكار والآراء وما سواه سيُعامل على أنه (محتوى هابط)".
وأضاف قائلاً "نحن سائرون بخطى ثابتة نحو تكميم الأفواه لضمان أكبر قدر ممكن لتسوير السلطة من الرأي المضاد".

عودة للدكتاتورية
ومن جهته رأى مركز "مترو" للدفاع عن حقوق الصحافيين أن المادة 38 من الدستور العراقي تضمن حرية الرأي والتعبير بكافة الطرق والوسائل، تلجأ وزرارات وهيئات في الحكومة العراقية، الى إصدار قرارات ولوائح، تفرغ هذه المادة الأساسية الدستورية من محتواها، بل وتطالب بتطبيق كل العقوبات المكممة للأفواه الذي صدرت في زمن النظام الدكتاتوري السابق والواردة في قانون العقوبات البغدادي المرقم 111 لسنة 1969، وتضيف اليها عقوبات جديدة أشد وأقسى.
وحذر المركز في بيان من مقره في أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق الشمالي وحصلت "إيلاف" على نصه اليوم من خطورة توجه هيئة الإعلام والاتصالات العراقية لإصدار لائحة، تطالب بها بتطبيق قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 أضافة الى ذلك تطبيق بعض بنود قانون مكافحة الإرهاب ونصوص قانونية عقابية أخرى، على كل من يمس الدولة وكياناتها ورموزها بل وحتى من يمس النقابات والاتحادات التنظيمة، وكذلك تلزم المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي التسجيل في هيئة الاعلام والاتصالات واخذ الموافقات الرسمية وتسديد الرسوم المالية قبل الشروع بالنشر".
وبين المركز إن أحد مواد اللائحة تضمن تجريم أي شخص يحض على مقاطعة الانتخابات، مع أن ذلك حق طبيعي لكل مواطن/ة في النظام الديمقراطي فهذه اللائحة يراد لها أن تتحول الى قانون يمنح مجلس هيئة الإعلام والاتصالات المكون من أطراف سياسية جاءت بالمحاصصة، صلاحيات رقابية مطلقة وواسعة للتحكم بالمحتويات المنشورة.
وقال أن اللائحة المكونة من 17 فصل و 36 مادة عقابية، لايوجد مثلها حتى في الدول الأكثر بعداً عن الديمقراطية.

قمع الحريات وكبت الأصوات
وأشار المركز الى أنه قد أصبح من الواضح أن الحكومة العراقية تسعى لقمع الحريات وكبت الأصوات المعارضة لنهجها، بحجج واهية ظاهرها خير وباطنها يهدد حرية الرأي والتعبير ويكتم الانفاس.
وشدد المركز على رفض "هذا النهج ويرى أن هذه القرارات واللوائح تشكل خطراً حقيقياً على النظام الديمقراطي ويهدد بشكل جدي حرية الرأي والتعبير".
وطالب المركز الذي تأسس عام 2009 الرأي العام وكل المعنيين بالدفاع عن حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير الوقوف ضد هكذا قرارات ولوائح تقييد الحريات العامة والخاصة. كما دعا المنظمات المختصة بحرية الرأي والتعبير والمنظمات المدافعة عن حرية وحقوق الانسان، الى "تنظيم حملة جادة للوقوف ضد مثل هذا التجاوز على حقوق الانسان وحريته في التعبير عن آرائه".
يشار الى أن مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين/ات تأسس في آ‌ب أغسطس عام 2009 بجهود مجموعة من الصحفيين/ات و المدافعين/ات عن حقوق الانسان و بالتعاون مع معهد صحافة الحرب والسلام الأميركي بهدف مراقبة حرية الصحافة والصحافيين والدفاع عنهم وحمايتهم في العراق وإقليم كردستان وأصدر لذلك 11 تقريراً سنوياً حول أوضاع حرية الصحافة في البلاد.