باريس: بعد شهر من الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في سوريا وتركيا، تروي المنظمات غير الحكومية حالة "الفوضى" على الأرض في الأيام الأولى من الكارثة مع إعاقة السلطات لعمل المتطوعين وغياب المساعدات الخارجية والاحوال الجوية المتقلبة.

اعتماد على النفس

تقول ميريام أبورد-هوغون مديرة منظمة "هانديكاب انترناشونال" غير الحكومية لسوريا أن هذه المنظمة الناشطة في شمال غرب سوريا التي تشهد حالة حرب، اضطرت في الساعات التي أعقبت الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات ووقع في السادس من شباط/فبراير، للاعتماد "على نفسها".

أولاً لأن فريقها المحلي الذي يضم مئة شخص يعيشون في سوريا التي ضربها الزلزال والهزات الارتدادية التي أعقبت.

تضيف ميريام أبورد-هوغون التي شعرت بالارتياح اثر العثور عليها تحت الأنقاض بعد ثلاثة أيام "لقد أمضينا الساعات الأولى باجراء اتصالات لإحصاء موظفينا. عندما تحققنا من أن شخصا وحدا كان مفقودا وأن منزله قد دُمر كان الأمر مروعا".

وأكثر من مرة وجدت فرق الاغاثة المنتشرة على الأرض نفسها عاجزة عن التدخل وسط أنقاض المباني التي دفن أشخاص تحتها.

تقييد عمل

وتوضح المسؤولة، ان ذلك بسبب "فداحة الكارثة" التي خلفت حسب تقديرات الأمم المتحدة ما يصل إلى 210 ملايين طن من الحطام في البلدين، ولنقص المعدات لا سيما الجرافات.

استحالة تلقي تعزيزات ومعدات من خارج البلاد ساهمت الى حد كبير في "تقييد عمل" الطواقم الإنسانية في منطقة المعارضة المحاصرة في سوريا التي تضررت نقطة الحدود الوحيدة المفتوحة فيها مع تركيا باب الهوى، جراء الزلزال.

وتقول "حتى لو كانت المستشفيات معتادة بسبب الحرب على استقبال مرضى يعانون من صدمات، عجزت عن التعامل مع العدد الكبير من الجرحى اثر الزلزال".

في تركيا حيث بدأت المساعدات الدولية بالوصول في اليوم التالي من الزلزال، وجد متطوعون أنفسهم عاجزين عن القيام بعملهم بسبب قيود السلطات المحلية.

ساعات حاسمة

كان هذا هو الحال بشكل خاص طوال 12 ساعة كانت حاسمة بشكل خاص في مطار كهرمان مرعش جنوب شرق البلاد، كما تقول إزجي كراكوس وهي متطوعة في منظمة غير حكومية موجودة على الارض.

تستذكر قائلة "اضطر المسؤول عن فريقنا لطلب حافلة بلدية لنتمكن من الوصول إلى إصلاحية بعد 24 ساعة".

وتندد المتطوعة بارغام المنظمات غير الحكومية على العمل فقط في المناطق التي حددتها سلطة الحكومة التركية المسؤولة عن حالات الطوارئ.

استطاع رئيس جمعية الإغاثة الطارئة SOS Attitude جون ديكسا بفضل السلطة الحكومية توزيع معدات الطوارئ (خيام وأكياس نوم وبطانيات) على قرى في منطقة البستان قرب مركز الزلزال الثاني الذي ضرب تركيا في السادس من شباط/فبراير.

لكن فريقه واجه في البداية احوالا جوية صعبة.

أحوال صعبة

يقول المتطوع "كانت درجات الحرارة بين 15 و20 درجة تحت الصفر ليلا، واستغرق الأمر خمس ساعات تقريبا لقطع خمسة كيلومترات فقط بسبب الثلوج".

خلال أسبوعه الثاني على الارض، في منطقة بازارجيك الزراعية "أصبحت الأمور أكثر تعقيدًا" بالنسبة لمنظمته بعد تولي قوات الجيش التركي والدرك والشرطة فجأة مركز توزيع المساعدات المحلي وطرد جميع المتطوعين.

بعد حرمانها من قاعدة عملياتها، في خضم المفاوضات مع الجمارك للحصول على معدات عالقة في ميناء مرسين، سارعت الجمعية للعودة إلى فرنسا بسبب عطل في سيارتها حالت دون تمكنها من مواصلة عملها الميداني.

السكن أولًا

بعد شهر على الكارثة، يستعد جون ديكسا للعودة إلى تركيا لمواصلة جهوده لمساعدة اللاجئين في الحصول على سكن وهو "أكبر حاجاتهم حاليا" في حين أن إزجي كاراكوس قلق من "مشاكل النظافة الكبرى" الناجمة عن نقص المياه في المناطق المنكوبة.

في سوريا، حيث فتحت السلطات موقتًا نقاط العبور الحدودية مع تركيا منتصف شباط/فبراير تركز منظمة "هانديكاب انترناشونال" جهودها الآن على الدعم النفسي وإعادة التأهيل الجسدي للناجين.

تؤكد ميريام أبورد-هوجون ان هدف ذلك واضح وهو "الا تتحول إصاباتهم الى إعاقة دائمة".