الرياض: يرى محللون إن تبعات الاتفاق المفاجئ لاستئناف العلاقات بين السعودية وإيران سيتردّد صداها في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، إذ أنّ مفاعيله مرتبطة بالكثير من الملفات من حرب اليمن إلى دور الصين في المنطقة.
وينهي الاتفاق القطيعة التي بدأت العام 2016 بعدما هاجم متظاهرون في إيران البعثات الدبلوماسية السعودية في أعقاب إعدام المملكة لرجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر.
لكن حتى قبل ذلك، كانت القوتان صاحبتا الثقل الاقليمي، على طرفي نقيض في عدد من النزاعات الدامية في المنطقة.
ومن هذا المنطلق، تقول المحللة في "مجموعة الأزمات الدولية" دينا اسفندياري لوكالة فرانس برس إن الاتفاق غير متوقع.
وتوضح "كان الشعور العام هو أن السعوديين كانوا محبطين خصوصا وشعروا أن استعادة العلاقات الدبلوماسية هي ورقتهم الرابحة، لذلك بدا الأمر وكأنهم لا يريدون النزوح عن موقفهم. لكن هذا التغيير المفاجئ موضوع ترحيب كبير".
وتابعت "إنه نوعًا ما يمهد الطريق للقوتين في المنطقة لبدء تحديد وحل خلافاتهما".
وقد تظهر آثار الاتفاق مباشرة في اليمن حيث يقاتل تحالف عسكري تقوده السعودية المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران منذ عام 2015.
وانتهت هدنة في تشرين الأول/اكتوبر الماضي، لكن المحادثات السعودية مع المتمردين في الأسابيع الأخيرة أثارت تكهنات بشأن صفقة قد تسمح للرياض بالانسحاب جزئيًا، وفقًا لدبلوماسيين مطلعين على مسار المفاوضات.
وقال العديد من المحللين الجمعة إن السعوديين ما كانوا ليوافقوا على تحسين العلاقات مع إيران من دون تنازلات بشأن دور طهران في اليمن.
ويرى الخبير في معهد الدول العربية في واشنطن حسين ابيش أنه "من المحتمل جدًا أن تلتزم طهران الضغط على حلفائها في اليمن ليكونوا أكثر استعدادًا لإنهاء الصراع في ذلك البلد، لكننا لا نعرف حتى الآن ما هي التفاهمات التي تم التوصل إليها في الكواليس".
ومن خلال إصلاح العلاقات مع إيران، يمكن للمملكة أن تواصل زخمها الدبلوماسي الواسع النطاق الذي شمل أيضا التقارب الأخير مع قطر وتركيا.
ويقول توربيورن سولتفيدت من شركة فيرسك مايبلكروفت الاستشارية إن الأمر يبدو منطقيا أكثر بالنظر إلى عدم وجود أي مؤشر لإحياء الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن.
من جهته، يرى الخبير في شؤون المنطقة آرون لوند إن عملية الانفتاح هذه قد تشمل إعادة سوريا إلى الحلبة الإقليمية، وهو ما عارضته المملك جزئياً بسبب العلاقات الوثيقة للرئيس السوري بشار الأسد مع إيران.
وتابع "من غير الواضح ما إذا كانت هذه الأمور مرتبطة في هذه المرحلة، لكن تراجع العداء السعودي الإيراني يمكن أن يزيد التقارب السعودي السوري".
ولعل أحد أبرز أوجه الاتفاق هي أنّه جرى التوصل إليه في الصين، التي لطالما كان يُنظر إليها على أنها مترددة في الانخراط في مستنقع دبلوماسية الشرق الأوسط الشائك.
وقال الخبير السعودي المقرّب من مركز القرار في الرياض علي الشهابي "الصين الآن هي عراب هذه الاتفاقية وهذا له وزن كبير".
كذلك رأى الباحث في معهد المجلس الأطلسي جوناثان فولتون إن الاتفاق يشير إلى أن الصين مستعدة للقيام بدور أكبر في المنطقة.
وتابع "قد تكون هذه علامة على ثقتها المتزايدة في وجودها الإقليمي، وقد تكون علامة على أنها تعتبر أن ثمة مجالا لتحدي الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط. على أي حال ، يبدو أنه انتصار دبلوماسي للصين وخروج مهم عن نهجها الإقليمي".
وبحسب ابيش، فإن هذا الأمر سيثير بلا شك أسئلة في واشنطن، التي تقيم شراكة معقدة منذ عقود مع الرياض.
التعليقات