اوتاوا: استقبل رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الجمعة الرئيس الأميركي جو بايدن في أوّل زيارة رسميّة له، ووصفه بأنّه "صديق عظيم" لكندا، وبحث معه في مواضيع عدّة بينها الاقتصاد والوضع في هايتي، وتوصّل الزعيمان إلى اتّفاق يتعلّق بملفّ الهجرة الحسّاس.

وأكّد بايدن الجمعة في أوتاوا أنّ الولايات المتّحدة وكندا ستعملان سويًّا لمكافحة المهاجرين غير الشرعيّين الذين يعبرون من بلاده إلى جارتها الشماليّة.

وفي خطاب أمام البرلمان الكندي، قال بايدن إنّ "الولايات المتّحدة وكندا ستعملان سويًّا لمنع عمليّات العبور غير القانونيّة للحدود".

وينصّ الاتّفاق على أن تستعيد الولايات المتّحدة طالبي اللجوء غير المسجّلين الذين يعبرون من أراضيها إلى كندا، في حين تتعهّد كندا قبول أعداد أكبر من طلبات الهجرة.

طمأنة المستثمرين
على خطّ آخر، سعى بايدن إلى طمأنة المستثمرين بعدما تسبّبت الاضطرابات الأخيرة في القطاع المالي بتراجعاتٍ حادّة في البورصات العالميّة، مؤكّدًا أنّ "المصارف على ما يُرام".

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع ترودو، قال بايدن إنّ "البنوك على ما يُرام. أعتقد أنّ الأمر سيستغرق بعض الوقت حتّى تهدأ الأمور، لكنّني لا أرى في الأفق أيّ شيء على وشك الانفجار".

وفي وقتٍ سابق، قال ترودو في مستهلّ اجتماع ثنائي مع بايدن في مقرّ البرلمان في أوتاوا، "إنه لمن دواعي سروري أن يحلّ علينا صديق عظيم"، مشدّدًا على "القيم" المشتركة بين البلدين.

من جهته، قال الرئيس الأميركي "لدينا خلافات في بعض الأحيان لكن لا يوجد اختلاف جوهري في القيم الديموقراطيّة التي نشترك فيها".

تلقّى بايدن لدى وصوله طبقا من الشوكولاتة من صنع عائلة سوريّة لاجئة في كندا.

لم يتمكّن الزعيم الديموقراطي البالغ 80 عامًا من زيارة البلد المجاور والحليف فور تنصيبه، كما هو معتاد لدى الرؤساء الأميركيّين، بسبب جائحة كوفيد.

والعلاقة بين واشنطن وأوتاوا أكثر ودّيةً ممّا كانت عليه خلال رئاسة دونالد ترامب الذي لم يقم بزيارة رسميّة. لكن ذلك لا يمنع بروز بعض الخلافات.

وأفادت إذاعة كندا وصحيفة نيويورك تايمز بأنّ الزيارة يمكن أن تؤدي إلى انفراج في ملف الهجرة غير النظامية، أحد المواضيع الحساسة بين الحليفين.

ورجحت وسيلتا الإعلام توصل الأميركيين والكنديين الى اتفاق حول إغلاق "طريق روكسهام"، وهو طريق وصل من خلاله نحو 20 ألف مهاجر إلى كندا العام الماضي متجاوزين نقاط الدخول الرسمية من الولايات المتحدة.

ويثير هذا الاحتمال قلق منظمات تساعد المهاجرين، فقد قالت المسؤولة في منظمة العفو الدولية جوليا ساندي لوكالة فرانس برس إن "التأثير سيكون مدمرا على اللاجئين المعرضين لخطر شديد. وستكون النتيجة دفع الناس إما إلى محاولة عبور مناطق نائية أكثر خطورة، أو دفعهم نحو المهربين".

نقاشٌ حاد
وأثار توافد هؤلاء المهاجرين نقاشا سياسيا حادا في كندا.

وفي البيت الأبيض، يقول المسؤولون إنهم يتفهمون قلق كندا لكن الموضوع هو أيضا ملف مطروح أمام الولايات المتحدة من جوانب أخرى.

ففي كانون الثاني/يناير اعتقلت السلطات الأميركية أكثر من 128 ألف شخص لمحاولتهم دخول الأراضي الأميركية بشكل غير شرعي من المكسيك، ولا يفوت اليمين الأميركي فرصة لاتهام بايدن بالتراخي أمام هذه الظاهرة.

والموضوع الآخر المدرج في جدول الأعمال هو هايتي الغارقة في عنف العصابات والمنهكة على الصعيد الانساني.

وقال مصدر حكومي كندي لوكالة فرانس برس إنه يتوقع الإعلان عن "تمويل كبير" الجمعة في ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية وتدريب عناصر إنفاذ القانون في هايتي.

وتأمل الولايات المتحدة بأن تؤدّي كندا دورًا محرِّكًا في إرسال قوة دولية الى هذا البلد الكاريبي.

وبحث بايدن وترودو أيضا في النفقات العسكريّة في وقتٍ تحضّ واشنطن أعضاء حلف شمال الأطلسي على بذل مزيد من الجهود على خلفية الحرب في أوكرانيا والتوتر المتزايد مع الصين.

لكنّ أوتاوا بعيدة عن تخصيص 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري، وهو الحد الأدنى المحدد للدول الأعضاء في الناتو.

وقد تطرح أيضا في أوتاوا الجمعة مسألة تحديث قيادة الدفاع الجوي لأميركا الشمالية (نوراد).

أخيرا، سيحاول ترودو الذي تُعدّ بلاده أكبر شريك للولايات المتحدة في مجال التجارة الخارجية، تحسين موقع كندا في المجال الاقتصادي.

وقال المصدر الحكومي الكندي إنه يتوقع أن يشهد المؤتمر الصحافي المشترك إعلانات بشأن أشباه الموصلات وتعزيز سلاسل التوريد في أميركا الشمالية.

وزيارة بايدن الذي وعد بخوض منافسة شديدة مع الصين، تأتي بُعيد فتح تحقيق في كندا في مزاعم تدخل صيني في الانتخابات الفدرالية الأخيرة.